أجهزة الكمبيوتر الكميّة (أي التي تطبق نظرية الكوانتم في الفيزياء) التي تعمل بالكامل ليست موجودة بعد، لكن الكثير من العلماء الأذكياء فعلاً يعتقدون أنها ستصبح موجودة قريباً. 12 موظفاً من شركة ناشئة تأسست منذ سنتين يقضون أيامهم وهم يحاولون معرفة ما يجب فعله في حال وصَلَ الأشرار أولاً إلى أنظمة الكمبيوتر. في البداية، إليكم هذه النبذة السريعة عن فكرة الكوانتم في الفيزياء. من المبادئ الأساسية في نظرية الكوانتم، التي تختص بدراسة المكونات التي في باطن الذرات في هذا الكون، هو أن المادة والضوء، عند أكثر مستوياتها أساسية، توجد في عدة حالات في وقت واحد. الإلكترون في ذرة الهيدروجين ليس بحاجة لأن يكون في موقع معَرَّف جيداً، وإنما يكون على شكل سحابة غير محددة المعالم حول البروتون، حيث يكون موجوداً في وقت واحد في كل مكان داخل السحابة. حوسبة الكوانتم تطبق هذا المبدأ على الأرقام الثنائية، التي تشكل وحدات المعلومات في الكمبيوتر، والتي تكون في حالتين فقط، إما 1 (والتي تعني أنه حي) أو 0 (والتي تعني أنه ميت أو مطفأ). يقوم جهاز الكمبيوتر لديك بتنفيذ الحسابات باستخدام أرقام 1 و 0، والتي يمكن الجمع بينها لتمثيل أرقام وأحرف أخرى، بما فيها التي تستعملها في كلمات السر. كمبيوتر الكوانتم يستخدم الخانات الثنائية qubits التي تكون في آن واحد في موضع 1 أو 0 أو في حالات غير محددة بينهما، ما يجعل معالجة الأرقام أو اختراق كلمات السر أسهل بكثير. يستطيع كمبيوتر الكوانتم أن ينفذ بعض العمليات الحسابية المذهلة خلال زمن قصير إلى حد صاعق. وهذا يعني أن معظم أمن الكمبيوتر على النحو الذي نعرفه حالياً هو نفاذ ويسهل اختراقه مثلما يدخل إصبعك في إحدى المحارم الورقية. شركة كوبيتيك Qubitekk تحاول التعامل مع تلك المشكلة. مجرمو الإنترنت الذين يتطلعون إلى فك الدخول إلى جهاز الحاسوب، أو حساب مصرفي، أو رموز إطلاق الأسلحة النووية العرضية، يغلب عليهم التوقف عند مواجهة برمجيات تشفير متطورة جداً أو كلمات مرور آمنة للغاية. يقول دونكان إيرل، المؤسس المشارك لشركة كوبيتيك: «إن كافة أمن اتصالاتنا يستند أساساً على ذلك». هو وزملاؤه ال 11 الآخرين، ومن بينهم اثنان من المخضرمين من قسم الحرب الإلكترونية في وزارة الطاقة الأمريكية، يحاولون تجنّب تهديد التكنولوجيا الذي لم يصل بعد. حيث يبقون الحلول التي يتوصلون إليها في مختبر بمساحة 4.5 متراً في 6 أمتار، يتم الدخول إليه من خلال مطبخ. إنه صندوق معدني بسعر 2 جنيه بداخله كريستال بقيمة 5 آلاف دولار، في الأساس هو جزء من جهاز الكمبيوتر الكمّي. يقوم الجهاز بخلق أجزاء كميّة «كوبيت» عن طريق استخدام بلورة لتقسيم شعاع الضوء إلى أزواج من الفوتونات الحمراء، وهي أصغر كميات معروفة من الضوء. تتحرك الأزواج جنباً إلى جنب؛ فإذا حاول أي جهاز كمبيوتر متطفل قراءة الأنماط في الفوتونات، سيقوم برميهم خارج المُزامنة، وهو ما يجعل المعلومات غير قابلة للقراءة. قد يكون أول استخدام للجهاز كأداة تعليم. يقول إيرل: «إذا كنتَ أستاذاً وتقوم بتدريس ميكانيكا الكم، بإمكانك إخبار طلابك عنها، وذلك هو الحال إلى حد كبير. لكن مع جهازنا، بإمكانك أن تعرضها عليهم». كوبيتيك شهدت اهتماماً في الجهاز من ما يسميه إيرل «العلماء الذين لا يقبلون إلا الأمور الملموسة» في الجامعات لكنه لم يبع أيا منها. لقد حصلت الشركة على تمويل بقيمة مليوني دولار من شركة إليس لاستثمارات الطاقة، وهي مستثمر تبحث عن حماية الشبكة الكهربائية. في حين أن العدد القليل من أجهزة الكمبيوتر الكميّة الموجودة الآن تُستخدم في الغالب للأبحاث، إلا أن هناك الكثير من الاهتمام بها. نظام جوجل الذي يعمل في مركز أبحاث إيميس التابع لوكالة ناسا يستخدم معدات الحوسبة الكميّة من الشركة الكندية، أنظمة دي ويف، التي تقوم بتوليد حوالي 512 جزءاً كمّياً «كوبيت» من قوة المعالجة. بيتر ماكماهون، وهو باحث من جامعة ستانفورد في مجال التشفير الكمّي، يقول إن عدد الأجزاء الكمية «كوبيت» السحرية اللازمة لإنجاز حسابات فائقة السرعة هو بين 10 ملايين و100 مليون، وهذا على الأرجح يبعُد أعواماً أو حتى عقوداً من الزمن. التمويل الذي يتدفق إلى مراكز الأبحاث في الجامعات عن الحوسبة الكميّة يصل إلى المليارات، من شركات مثل مايكروسوفت، وجوجل، وآي بي إم، إضافة إلى حكومات من بينها الولاياتالمتحدة، والمملكة المتحدة وكندا وسنغافورة والصين. يقول أندرو هاموند، رئيس قسم تطوير الأعمال في شركة ماجي كيو MagiQ للتكنولوجيا، وهي منافس شركة كوبيتيك في سامرفيل، ماساشوستس: «إن الصينين نشطون فيما يتعلق بهذا الأمر». ماجي كيو، وهي مختبر أبحاث وتطوير تم تأسيسه عام 1999، تقوم ببيع نظام بإمكانه استخدام التكنولوجيا الكميّة لنقل مفاتيح التشفير الكمّي- وهي عبارة عن كلمات مرور متطورة- في الغالب إلى وكالات حكومية، وعدد من البنوك والقليل من شركات الاتصالات. يقول هاموند، الذي من بين عملائه البحرية الأمريكية ووكالة مشاريع بحوث الدفاع المتقدمة: «إنه تطبيق متخصص للزبائن الأكثر جنوناً بالشك». لكنه لن يناقش لماذا يستخدم هؤلاء الزبائن معداته لكنه يقول إنه لن يفاجأ برؤية أجهزة كمبيوتر كميّة متطوّرة بالكامل في الأعوام القليلة القادمة.