في مكتبتي كتاب يحمل عنوانا، كأني أراه لأول وهلة. دخل مكتبتي سنة (1975)، وكنت طالبا في الجامعة. الكتاب بعنوان [الدول الإسلامية]. تأليف "ستانلي لين بول/Lane, Poole S.". طبع في لندن (1893). ترجمه إلى الروسية "بارتولد/ Barthold, V. V." (1899). ترجمه إلى التركية "خليل أدهم" (1927). ترجمه من التركية إلى العربية "محمد فرزات" (1973). أشرف على ترجمته وعلق عليه "محمد دهمان". كتاب يحمل سيرة حياة دول سادت واندثرت. هل لهذا الكتاب قراءة حديثة؟! تصفحت الكتاب. وجدته أشبه بصك عقار يتغير مالكه. يسجل حقائق على أرض ثابتة، تتغير على ظهرها الحقائق. مالك العقار يغير ويضيف، يزيل ويبني. هناك من يسجل ويرصد الأحداث. السؤال: كيف أصبح اسم هذا العقار إسلاميا؟! كان هذا السؤال الأهم الذي طفى في عقلي. لا تسألوا عن السبب فكل ما يجري قد يكون جزءا من السبب. لست مؤرخا، لكن وجدت نفسي أحمل التاريخ. جذوري من قبيلة (الأزد) التي انطلقت بالإسلام وراياته عبر هذا الكون الذي أصبح العالم الإسلامي. نشرت رسالة عربية شعارها السلام. لم يكن شعارها استعماريا أو مص دماء الشعوب. كنتيجة، ظل هؤلاء الفاتحون في تلك الديار. ذابوا مثل رسالتهم في دماء أهلها وثراهم. بقيت أسأل أين بقية العرب من ذلك الوقت وحتى اليوم؟! لا أرصد أحداثا. أثير أمام نفسي الأسئلة. كيف ذاب العرب في هذا العالم الإسلامي، ولماذا؟! أسئلة تطرح نفسها في عالم اليوم الذي يقوده الجنون للإساءة لهذه الرسالة العربية الخالدة (الإسلام). ماذا يعني ذوبان العرب في تلك الديار؟! كيف تحول كل شيء من عربي إلى إسلامي. دليل قاطع أن العرب لم يكونوا يوما مستعمرين. العرب ليسوا دعاة عنصرية. شعارهم التسامح والتعايش. العروبة قيم إنسانية ومبادئ مثالية زرعها الإسلام، فكان أن انتقلت الزعامة والقيادة إلى أهل هذا العالم الإسلامي. تبنّوا القيم الإنسانية. بها أصبح الجميع إخوة. بالمقابل، كان عامل الزمن مفتاح الأعداء لتفتيت هذه القوة الإنسانية. صراعات لم تتوقف إلى اليوم بين الشر والخير، إلى أن وصلنا إلى هذا الوضع الذي نحن عليه اليوم. كيف نبتت الشجرة الإسلامية؟! كيف تشعبت؟! إليكم ما ورد في الكتاب. أذكر عناوين. لن أدخل في توضيحات وشروحات. نقاط توحي وتقول. استعرض فهرس الكتاب كخارطة ملخص. فهرس يشير إلى أن هذا العالم الإسلامي شجرة ثابتة بشكل قوي. لكل مرحلة فروع وأغصان جديدة. شجرة تشذب نفسها، تصحح وضعها لكي تستمر، هكذا إلى اليوم. في القسم الأول من الكتاب: مرحلة الخلفاء الراشدين. ثم الأمويون. ثم العباسيين. ثم العباسيين في مصر. هناك شروحات وبيارق مختلفة. في القسم الثاني: الأمويون في الأندلس (في قرطبة). ثم مراحل طوائف هؤلاء الملوك في الأندلس. أصبح لكل جزء من الأرض ملك وأتباع: بنو حمود (في مقالة). بنو حمود (في الجزيرة). بنو عباد (في اشبيليا). بنو زيري (في غرناطة). بنو الأفطس (في بطليوس). بنو صمادح (في مرية). بنو جهور (في قرطبة). بنو ذي النون (في طليطلة) بنو عامر (في بلنسية). بنو تجيب وبنو هود (في سرقسطة). ملوك دانية. ملوك طرطوشة. ملوك ميورقة. ملوك البونت (المرابطون والموحدون). ملوك مرسية. بنو هود (في مرسيه). بنو نصر (بنو الأحمر) في غرناطة. ما ورد أمامكم في هذا القسم الثاني يعطي إجابة عن سبب ضياع الأندلس. (22) دولة بجيوش ورايات وشعرات وحكام. مشت بينهم مسيرة الشحن والبغضاء. كل كيان يستقوي بالعدو لقتل أخيه العدو. بعد (800) سنة من دخولها خرج العرب منها مودعين. لنذهب بالحكاية إلى القسم الثالث. نتعرف على ملوك طوائف شمال افريقيا: بنو إدريس (المغرب). بنو الأغلب (تونس). بنو زيري (تونس). بنو حما (الجزائر). المرابطون (المغرب). الموحدون (في كل شمال افريقيا). بنو حفص (تونس). بنو زيان أو عبد الواد (الجزائر). ثم تسرب الحكم العثماني إلى المغرب ونتج عنه طوائف جديدة: بنو مرين (المغرب). الشرفاء (المغرب). هكذا وصل العدد إلى (10) دول ببيارق مرفوعة. ثم تعاقب التفتيت فكانت هناك حكومات هي: بنو رستم (ملوك تاهرت). بنو مدار (سجلماسة). بنو زكريا (جربة). بنو القاضي(زوارة وكوكو). بنو عمار (طرابلس). بنو مزني (بسكرا). هذا كان الوضع في شمال افريقيا التي عرفناها في الوقت الحاضر بدول: ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا. حتى الآن (32) دولة إسلامية ظهرت في سماء التاريخ الإسلامي. ثم جاء دور مصر وسوريا في القسم الرابع من الكتاب. ظهرت دول: بنو طولون. بنو الإخشيد. الفاطميون. بنو كلب (في صقلية). الأيوبيون (في مصر). الأيوبيون (في دمشق). أيوبية (حلب). أيوبية (حماه). أيوبية (حمص). أيوبية (ميافارقين). أيوبية (حصن كيفا). أيوبية (اليمن). أيوبية (بعلبك). أيوبية (الكرك). ملوك الاتراك في مصر. الملوك الجراسكة. الخديوي والملكية المصرية. هكذا وصل العدد إلى (17) دولة إسلامية تبعثرت في أزمنة مختلفة. وصل العدد كما ترون إلى (94) دولة إسلامية. مازال هناك العديد من الدول حتى نصل إلى العدد (118) كما ورد في الكتاب في قسمه الأول. أستمر في التعريف بالمزيد من الدول. لنأخذ جزيرة العرب: بنو زياد. بنو يعفر. بنو نجاح. بنو صليح. بنو همدان. بنو مهدي. بنو زريع. بنو رسول. بنو طاهر. أئمة بني رسي. أئمة صنعاء. مملكة الحجاز. أئمة عمان. سلطنة نجد. هناك دول إيران وما وراء النهر. بلغت دولها الإسلامية (15) دولة. ثم دول السلاجقة، (8) دول. أيضا دول الأتابكة الإسلامية، (18) دولة. ثم كانت دول وارثي السلاجقة في غرب الأناضول (4) دول. يقول المشرف على الترجمة " محمد مهران" إنه كانت للمسلمين نحو (200) دولة. هل مؤشرات الحاضر تنبئ باسترجاع جميع هذه الدول دفعة واحدة؟! للأعداء وسائلهم ومنها الإرهاب الذي نرى.