كتبت عدة مقالات عن سقوط الإخوان في مصر وعن اسباب هذا السقوط وعن فشل الاخوان المسلمين في ادارة الصراع السياسي الذي أدى بالنهاية الى تفجر الوضع وبالتالي الى سقوطهم، فهذه التنظيمات سقفها الحقيقي ليس سقفا سياسيا وانما سقف شعائري تعبدي، وقد كان واضحا في ثنايا خطابات مرسي وقراراته وفي ممارسته السياسية.. فهذه العقلية الصراعية الاستقطابية الصدامية أدت الى عزله وبشكل قانوني وشرعي وليس انقلابا كما يدعي البعض، وقد كتبت في مرات كثيرة عن هذا الموضوع ومن هذه المقالات «مرسي وتنازع الشرعية» وكذلك مقالة «سقوط الاخوان والتحرك الاعظم» وغيرها من المقالات شرحت فيها شرعية عزل الرئيس مرسي، ولست هنا بصدد الحديث مرة اخرى عن هذا الموضوع، ولكني أحببت أن أعيد التفكير والقراءة في انعكاسات هذا السقوط لنظام الاخوان المسلمين في مصر على تشكل الاقليم وخاصة في منطقة الخليج، حيث إنه بلا شك ان تداعيات سقوط الاخوان في مصر لم يكن مقتصرا على مصر وحدها، ولكنها امتدت الى عدد من دول الاقليم التي كانت تنضوي حكومتها تحت إطار تنظيم الاخوان المسلمين العالمي. وعليه فقد احببت بشكل سريع ان ألقي الضوء على هذه التفاعلات على منطقة الخليج. 1. سقوط حكم الاخوان في مصر مثل هزة قوية لحلف تركيا- قطر. فقد تراجع الدور السياسي الاقليمي لقطروتركيا كثيرا بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي، لصالح الدور السعودي والدور الجماعي الخليجي، فتركيا كانت تسعى مع قطر إلى استلام دور الزعامة في المنطقة وتعزيز نفوذها في اطار ما يسمى ب «العثمانية الجديدة»، وذلك من خلال تحالفاتها مع تنظيم الإخوان المسلمين، ونشر ما يسمى «الديمقراطية الإسلامية»، ولهذا ساندت تركياوقطر الثورة في تونس ومصر بعد فوز الاخوان المسلمين. وبالتالي فرض سقوط الاخوان نوعا من الارتباك والعزلة السياسية لتركيا على الشرق الاوسط وانهارت على اثرها طموحات اردوغان في لعب دور اقليمي في المنطقة حاول اعادة هذا الدور مجدداً في أزمة العدوان الإسرائيلي على غزة لكنه فشل. اما قطر التي رأت في دعم جماعة الإخوان المسلمين وسيلة لممارسة نفوذها في الشرق الأوسط، فقد احتضنت جماعة الاخوان ومؤتمراتهم ومنتدياتهم واستقبلت رموزهم ومدت التيار العالمي بمختلف أنواع الدعم الإعلامي والسياسي والمادي واستثمرت نفوذها في عدد من الدول العربية لصالحها وسخرت قناة الجزيرة كأهم وأقوى الاذرع الاعلامية القطرية تأثيرا على المستويين الاقليمي والعالمي لخدمة الجماعة، الا ان سقوط الاخوان كان ضربة قوية لقطر ودورها الاقليمي لصالح السعودية التي باتت تمسك بزمام المبادرة في الملفات الرئيسية مثل مصر وسوريا. فالدبلوماسية القطرية الشرق اوسطية انحسرت في سوريا كما فشلت في ليبيا وانهارت تماما في مصر. كما ضعفت قناة الجزيرة بشكل واضح بعد انحيازها للإخوان المسلمين بشكل فاضح مما افقدهم مصداقيتهم. وعليه استعادت الرياض دورها التقليدي في المنطقة كضامن للاستقرار في دول المنطقة وخاصة دول ما يسمى الربيع العربي بغض النظر عن المصالح الايديولوجية. 1. سقوط حكومة المركز الإخواني في مصر ادى الى ترهل واضعاف تنظيماته في دول الاطراف الاقليمية وخاصة في دول الخليج. فقد رأينا كيف توافد رؤوس جماعة الإخوان المسلمين في الخليج الى مصر وتصدروا المنابر المصرية وألقوا الخطب والمحاضرات وجددوا البيعة على السمع والطاعة لتنظيم المركز، محاولين بذلك تحريك خلاياهم النائمة في الخليج محدثين في ذلك ضجيجا وفتنة في الداخل الخليجي. فكانت ضربة يوليو ضربة موجعة للاخوان في الخليج أدت الى فشل مخططاتهم وفضحت تنظيماتهم وخلاياهم النائمة وتسترهم بلباس الدين وإعادة ضبط موازين القوى من جديد. 2. سقوط حكومة الاخوان في مصر أدى كذلك الى تصاعد التيار السلفي بمكوناته المختلفة في الخليج. وإن كان هذا الرأي يحتاج مزيدا من نظر وتحليل وتفكيك لمفهوم السلفية لكني هنا اقصد السلفية التقليدية التي تنحاز الى الوسطية والاعتدال وليس بشقها الجهادي الذي يميل الى العنف. وعليه فإنني اعتقد انه بعد ان فقد التيار السلفي بريقه السياسي داخل المشهد السياسي الخليجي فضلا عن زوال تأثيره الديني على المستوى الجماهيري، عاد مرة اخرى ليحل محل شعارات الاخوان الزائفة ويشكل احد عناصر الاستقرار الاساسية في الخليج خاصة بعد فشل الاخوان في مصر وفي كافة دول ما يسمى الربيع العربي التي احدثت بؤرا من الفوضى وعدم استقرار عمت المنطقة بكاملها. وبالتالي اعتقد ان التيار السلفي سيكون مؤثرا بصورة كبيرة على المشهد السياسي الخليجي المستقبلي، وفرص مشاركته في السلطة خلال المرحلة القادمة ستكون كبيرة خاصة في الكويت حيث هيمنة الاخوان على البرلمان.