انطفأت الأضواء في بهو المقر الرئيسي لشركة جى في سي كينوود في يوكوهاما، ولا يوجد أحد لتحية الضيوف. ذلك ما أصبح عصر يوم نموذجي من أيام الأسبوع. الشركة الرائدة في صناعة أشرطة الفيديو VHS وصناعة أول جهاز تلفزيون في اليابان تستعد لأوقات صعبة. حيث تتعرض الأرباح من أجهزة الملاحة في السيارات - المُنتج الناجح الذي ظهر بعد تراجع مبيعات شركة JVC من كاميرات الفيديو والأنظمة السمعية والبصرية نتيجة لثورة الهواتف الذكية - للضغط. حيث قرر بعض مالكي السيارات أن جهاز الآيفون بإمكانه إرشادهم تماماً بنفس الجودة. الشركات مثل JVC، التي كانت ذات مرة في قلب امبراطورية الصادرات الإلكترونية الاستهلاكية، تكافح لتشكيل مصيرها. إن فشلها يدفع كامل صناعة الآلات الكهربائية في اليابان، التي كانت تولّد باستمرار فوائض تجارية تبلغ 7 تريليونات ين (67 مليار دولار) حتى عام 2007، نحو العجز الذي قد ينشأ في أقرب وقت في العام المقبل، وذلك بحسب تقدير بنك يو بي اس السويسري. قال توموكو تاكاسي، وهو مدير أبحاث في جمعية الإلكترونيات وصناعات تكنولوجيا المعلومات في اليابان: «إن هذه مشكلة حرجة بالنسبة لليابان لأن هذه الشركات كانت بمثابة قوة دافعة في الاقتصاد. لقد كان يتم ذكر تلاشي تلك الصناعة في الأخبار لكن مستوى الوعي لا يتطابق مع أهمية العواقب». من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي من صناعة الإلكترونيات ليصبح 11.8 تريليون ين هذا العام، أي أقل من نصف ذروته في عام 1997، وذلك وفقاً للجمعية. وفي حين أن التحرّك في الإنتاج في الخارج لخفض التكاليف قد جلب بعض التغيير، إلا أن حصة اليابان من إنتاج الإلكترونيات في جميع أنحاء العالم تنخفض أيضاً. كما تُظهر بيانات الجمعية «جمعية الإلكترونيات وصناعات تكنولوجيا المعلومات في اليابان»، أن المصانع اليابانية في البلاد والخارج معاً كانت تشكّل 18 بالمائة من المصانع العالمية العام الماضي، بانخفاض عن 25 بالمائة في عام 2007. تثبيت الأرباح داخل غرفة وراء البهو الفارغ في JVC، يقوم إيسامو إيندو بالتوضيح أن دفع منتجات جديدة كلياً هو مخاطرة كبيرة في الوقت الحالي. قال إيندو، رئيس قسم العلاقات العامة والمستثمرين، في مقابلة في وقت سابق من هذا الشهر: «لا نزال بحاجة إلى تثبيت أرباحنا بعد إجراء تغييرات هيكلية. نريد أن نكون في وضع يعطينا القليل من المال». تتوقع الشركة تحقيق أرباح للشهور ال 12 حتى شهر آذار (مارس) بعد الإعلان عن خسائر في أربعة من ستة أعوام منذ اندماج JVC وكينوود وانفصالهما عن شركة باناسونيك. لقد قامت بتخفيض القوة العاملة فيها بنسبة 14 في المائة لتصبح أقل بقليل من 20 ألف شخص منذ ذلك الحين. وفقاً لشركة JVC، حوالي 90 في المائة من الإنتاج الآن يجري في الخارج، ومعظمه في إندونيسيا وماليزيا. الشركة التي ختمت شعارها على قمصان فريق قرة القدم الإنجليزي آرسينال على مدى عقدين تقريباً لديها استراتيجية جديدة. قال إيندو إن تركيزها هو صناعة المنتجات لشركات أخرى بدلاً من تعزيز العلامة الاستهلاكية. الهواتف الذكية تهاجم وحدة إلكترونيات السيارات في JVC، بما في ذلك أنظمة الصوت والملاحة، قد تكبدت الخسائر في السنة المالية الماضية. تُظهر البيانات المالية للشركة أنها كانت مُربحة في الشهور الثلاثة حتى شهر حزيران (يونيو). صادرات اليابان من المعدات السمعية والبصرية، من ضمنها التلفزيونات والكاميرات الرقمية ومشغلات الموسيقى، قد تراجعت بأكثر من 60 في المائة لتصبح 649 مليار ين منذ عام 2007، عندما قامت شركة أبل بإطلاق جهاز الآيفون، وذلك وفقاً لأحدث البيانات من الجمعية. كما شهد العام أيضاً نقطة عالية لشحنات الآلات الإلكترونية في الخارج، والتي وصلت إلى 16.9 تريليون ين وكانت تقريباً ضعف مستوى الواردات. قال جيرهارد فاسول، رئيس شركة الاستشارات القائمة في طوكيو، يورو تكنولوجي اليابان: «لقد خسرت اليابان في هذه المرحلة الانتقالية من أجهزة الهواتف القديمة إلى الهواتف الذكية. هذا موضوع قديم، لكن التداعيات قادمة الآن». كذلك سوني، واحدة من العلامة التجارية المؤسسية الأكثر شهرة في اليابان، قد تكبدت خسائر سنوية على مدى 5 أعوام منذ ثورة الهواتف الذكية. لقد تراجعت أسهمها بحوالي 70 في المائة منذ منتصف عام 2007. كما تراجعت شركة JVC بنسبة 64 في المائة منذ عملية الدمج مع كينوود والانفصال عن باناسوينك. الصناعات الثقيلة خارج مجال الإلكترونيات الاستهلاكية، قامت شركة هيتاشي المحدودة بقيادة شحنات اليابان الخارجية من معدات توليد الطاقة. وفقاً لبيانات وزارة المالية، ارتفع صافي صادرات اليابان من هذه المنتجات 13 في المائة ليصبح 322 مليون ين منذ عام 2007. قامت هيتاشي وميتسوبيشي للصناعات الثقيلة بدمج وحدات توليد الطاقة الحرارية فيهما هذا العام وذلك للاستفادة من الطلب المتنامي في آسيا. وقال رئيس شركة هيتاشي، هيرواكي ناكانيشي، إن المشروع يهدف ليصبح أكبر مزوّد لمعدات الطاقة الحرارية في العالم. أكبر المُصدّرين في فئة الآلات الإلكترونية هم سوني، وشركة كانون، وشركة توشيبا، وذلك وفقاً لجمعية منظمة التجارة والصناعة في كامل اليابان. العصر الرقمي قال إيندو: إن شركة JVC قد أُخذت على حين غرة عندما بدأت الهواتف الذكية تحل محل منتجاتها بسرعة. العلامات التجارية اليابانية للعصر التناظري قد تراجعت في العصر الرقمي حيث تقلصت الهوامش الربحية في شركات صناعة الأجهزة في حين أن المطورين الذين يتطلعون إلى البرمجيات مثل أبل قد ازدهروا، وذلك وفقاً لفومياكي ساتو، وهو مهندس سابق في JVC. كان هناك عدد كبير فوق الحد من الشركات التي تصنع منتجات مماثلة في اليابان، خصوصاً أجهزة الهاتف الجوال، كما قال ساتو، الذي هو الآن شريك في إحدى المؤسسات الاستشارية للشركات في طوكيو. وقال إنه كان هناك عدد أكبر من اللازم من شركات التصنيع التي تتنافس على مجموعة محدودة من المهندسين، وتم تجاهل المبيعات والتسويق. تراجعت صادرات اليابان من الهواتف الجوالة بنسبة 86 في المائة لتصل إلى 6.7 مليار ين في السنة الماضية عن مستويات عام 2007، وفقاً لجيتا. كذلك تضاعفت شحنات الهاتف الجوال إلى اليابان 8 مرات، لتصل إلى 1.6 تريليون ين خلال الفترة نفسها. إن الضعف في قطاع الإلكترونيات الاستهلاكية يزيد من الضغوط الأوسع على اقتصاد اليابان، وعلى جهود رئيس الوزراء شينزو آبي من أجل إنعاش الاقتصاد، المعروفة باسم برنامج آبي الاقتصادي Abenomics. لا بد لآبي من التعامل مع الميزان التجاري الإجمالي، الذي تراجع ليدخل في منطقة العجز في عام 2011 عندما ضرب زلزال مدمر البلاد، الأمر الذي وضع حداً لثلاثين سنة متتالية من الفائض في الميزان التجاري. في عام 1998، حين وصل الفائض في الميزان التجاري إلى الذروة عند 14 تريليون ين، ولدت صناعة الآليات الكهربائية صادرات صافية بقيمة 7.2 تريليون ين، مقارنة برقم 1.7 تريليون ين في عام 2013. قال ماساميتشي أداتشي، وهو اقتصادي لدى بنك جيه بي مورجان تشيس في طوكيو: «الشركات اليابانية بحاجة إلى استعادة روحها الحيوية التي فقدتها خلال السنوات العشرين الماضية؛ من أجل ريادة الابتكار وبيع المنتجات في الخارج. هذا أمر يجب أن تأخذه الحكومة والشركات بجد أكبر مما تفعل الآن.»