في جزء صغير من العالم، وفي بقعة على شاطئ من شواطئ فلسطين، تقع مدينة صغيرة في مساحتها، كبيرة في قيمتها وشيمتها وكرامتها وكرامة أطفالها قبل رجالها ونسائها. غزة التي قدمت وتقدم دروساً في معاني العزة والكرامة والصبر والتحدي والتفوق على كل أسباب الضيم والإذلال والاستئصال، رغم وقوعها بين براثن عدوان شوفيني صهيوني احتلالي غاشم، لا يعرف إلا القتل والسحل، ولغة البشاعة والبهيمية والأساليب القذرة في التعامل مع البشر والشجر والحجر. في فلسطين قضية كبرى لا يمكن بحال من الأحوال أن يقضى عليها بسلاح ولا بمال ولا بمفاوضات، إنها قضية أرض ومقدسات للمسلمين ترزح تحت احتلال صهيوني تسانده كل قوى الشر في العالم ؛ وتمنع بالمقابل كل سبل الجهاد والمقاومة عن شعب يمثل رأس الحربة لهذه الأمة في استعادة أرضه ومقدساته والدفاع عن دينه وعرضه وكرامته ودمه. لقد بدأ هذا الشعب الفلسطيني الأبي جهاده ومجاهدته لهذا العدو الصهيوني بالحجر ثم المقلاع ثم الخنجر فالمسدس فالبندقية ، ثم جاءت حربا غزة في عامي 2009 و 2013 لتقدما درساً جديداً، وترساً قوياً، في مواجهة حرب الغطرسة الصهيونية بعصف مأكول تمثل في صواريخ تضرب أماكن للمحتل لم يتوقع يوماً أن تصلها ذراع الفصائل الفلسطينية المجاهدة، ولتوصل رسالة للصهاينة والمتصهينة بأن قواعد اللعبة قد تغيرت. الدرس البليغ الذي قدمته حرب غزة الأخيرة للأمة، يقول لنا بصوت عال : بإمكانكم فعل الكثير حتى لو كنتم تحت الحصار والتجويع والحرمان ما دمتم معتصمين بحبل الله غير متفرقين ولا متشرذمين. والدرس الآخر الذي قدمته هذه الحرب، أن الاعتماد على القدرات الذاتية بعيداً عن استجداء الآخرين، هو الحل الناجع أمام طرق الابتزاز التي يمارسها الغرب تجاه قضايا المسلمين وحاجتهم. ودرس آخر قدمته هذه الحرب، وهو متمثل في ضرر الحالة النفاقية على المسلمين عموماً في أوطانهم، وتجاه قضاياهم، لما يقوم به أصحاب الوجوه المتلونة من تخذيل واستهزاء بكل جهد يصب في صالح نصرة قضايا الأوطان والشعوب تجاه أي عدوان خارجي، إذ هم المثقب الذي يضرب في قلب مشاريع نهضتها وتطورها. وقد اتضح هذا من خلال أبواق متصهينة بلسان عربي طبلت تطبيلاً رهيباً للعدوان الصهيوني ورقصت على دماء وأشلاء الأبرياء في مقابل السخرية من المتطوعين من المؤمنين ممن لا يجدون إلا جهدهم في الدفاع عن أهلهم في غزة وعن قضيتهم الكبرى في فلسطين، وفضيحة هذه النماذج السيئة بحد ذاته نعمة عظيمة. والدرس الأخير المتجدد هو في موقف المملكة الثابت من القضية الفلسطينية نصرة ودعماً لها في كافة المحافل ؛ وقد جاءت كلمات وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل كالحمم على الصهاينة والمتصهينة في وقوف المملكة مع فلسطين، وأحقية حماس وكافة الفصائل الفلسطينية في الدفاع عن نفسها وشعبها تجاه عدوان احتلالي غاشم. لقد سمى وزير الخارجية في تصريحه الأشياء بأسمائها الصحيحة، فالصهاينة محتلون غاشمون ، وأهل غزة خصوصاً وفلسطين عموماً، مقاومون مدافعون عن بلادهم المحتلة وحقوق شعبهم في العيش بكرامة. لقد حاول متصهينة العرب عبر الإعلام ترسيخ مفهوم الدولة الإسرائيلية الجارة والصديقة، وكأن فلسطين ملك أصيل لهم، فجاءت تصريحات الأمير سعود الفيصل صفعة مخرسة لهم وجالطة لأوهامهم!! فلسطين كلها ملك عام للمسلمين، وأرض وقفية لا يجوز التخلي عن شبر واحد منها، وهي ترزح تحت احتلال سيزول طال الزمن أو قصر، ومن يخذل فلسطين فإنما يخذل نفسه، لأن وعد الله متحقق لا محالة في تطهيرها من رجس الصهاينة، وإن غداً لناظره لقريب. تشفير ليوسف العظم رحمه الله: فلسطيني فلسطيني فلسطيني فلسطيني ولكن في طريق الله والإيمان والدين أهيم براية اليرموك أهوى أخت حطين تفجر رايتي لهبا غضوبا من براكيني