كان الأسبوع الماضي أسبوعا غريبا للعتاد الحربي الأمريكي، فقد ظهرت العربات المصحفة المقاومة للألغام، وبنادق ايه آر 15 والدروع المموهة لحماية أجسام الجنود في شوارع ضاحية في قلب الولاياتالمتحدة، لتسهم في تحويل وضع متوتر إلى شغب على مدار أسبوع، وشعر المواطنون الأمريكيون في فيرجسون بولاية ميزوري أن جيشا أجنبيا احتل مدينتهم لا شرطي الحي المعهود بما عرف عنه من التعامل الودي، ولم يكن حظ العربات المصفحة في الخارج أفضل حالا، ففيما لا يزال يسمى العراق استأنف سلاح الجو الأمريكي مهام القصف في الجزء الشمالي من هذا البلد المنقسم انقساما عميقا، وأعلن أن هدف القصف هو الدفاع عن طائفة من الأقلية تعرف باليزيديين يعتنقون دينا خاصا بهم ويتعرضون للخطر على أيدي تنظيم داعش الجهادي الذي يسيطر على جزء كبير من أراضي سورياوالعراق، وقد حققت داعش التي أعلنت أنها الخلافة الجديدة وتمثل إرادة الله في الأرض سلسلة مذهلة من النجاحات العسكرية خلال الشهور القليلة الماضية، فاستولت على الكثير من الأراضي وذبحت الكثير من الناس بينهم مدنيون، وفرضت ما ترى أنها الشريعة الإسلامية رغم أن الكثيرين من علماء الإسلام يختلفون معها في ذلك، كما استولت داعش على كمية ضخمة من العتاد الحرب الأمريكي كانت موجهة أصلا إلى الجيش العراقي، الذي أعيد بناؤه وهو -كما تعلمون- الجيش الذي انهار رعبا أمام داعش في الماضي عندما كانت مجرد الدولة الإسلامية في العراق والشام، والذي خلع زيه العسكري وألقى بنادقه وفر هاربا، وترك هذا الجيش خلفه أيضا المعدات الأكبر بما في ذلك الدبابات إم1 ابرامز (ثمن الواحدة ستة ملايين دولار) ومدافع هاوتزر 52 إم198 (الواحد قيمته 527337 دولارا) والعربات المصفحة (الواحدة بنحو مليون دولار) التي تماثل العربات المستخدمة في فيرجسون، والآن تنطلق الطائرات الحربية الأمريكية في طلعات تتكلف الساعة الواحدة لها بين 22 ألف و30 ألف دولار أمريكي للمقاتلات إف 16 لكي تلقي بقنبلتين ثمن الواحدة منها لا يقل عن 20 ألف دولار لتدمير المعدات التي وقعت في أيدي «داعش»، وهذا معناه أن الطائرة إف 16 إذا انطلقت من قاعدة انجيرليك الجوية في تركيا، وطارت ساعتين إلى أربيل في العراق ونجحت في إلقاء كل قنبلة من قنبلتيها على هدف تكلف الولاياتالمتحدة ما بين 84 ألف دولار و104 آلاف دولار في الطلعة الواحدة وتدمر معدات أمريكية الصنع لا تقل قيمتها عن مليون دولار ولا تتجاوز 12 مليون دولار، وبالطبع لسنا وحدنا الذين نواجه معضلة من هذا النوع. إذ يقف الروس والأوكرانيون في مواجهة بعضهم بعضا بدبابات ومدافع وقنابل وطائرات، بل والزي العسكري، مما صنع في مصنع واحد، فقد كان البلدان بلدا واحدا قبل 23 عاما فحسب، وحتى بعد انفصالهما حافظا على العلاقات العسكرية الوثيقة حتى عهد قريب، وقبل أن تقرر روسيا أنها لا تقدر على خسارة صديقها في كييف فيكتور يانوكوفيتش كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين راضيا عن إبقاء أغلب قواته البحرية في القرم التي كانت حتى ذلك الحين أرضا أوكرانية. أعتقد أن هذا هو حال الأسلحة، فما أن تصنعها لا تعرف قط من سيصوبها تجاه من في نهاية الأمر. جيسون فيلدز من كتاب المقالات لرويترز لكن الآراء الواردة في هذا المقال هي آراؤه الشخصية.