تناول الانسان مسألة الشر منذ الأزل، فقد أصر رويس على الوجود الأصيل للشر، وفي دراسة شوبنهور للشر بين أن الشر وهم وهو مجرد شيء ظاهري، وأن الشر ينتج الخير الأعظم الذي لولاه لما تفتق الخير، ويقدم رويس أمثلة من التاريخ كخيانة اخوة يوسف له والقائه في البئر، كانت سببا في نهاية الأمر لمنصب مرتفع ومكانة عظيمة ولم شمل اخوته بطريقة أصبحوا فيها أكثر سعادة. وفي الكتاب الكريم ذكرت الآيات ذلك الذي يعتقد الانسان أنه شر وهو في الحقيقة طريق يؤدي للخير في قوله تعالى : « لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» النور: 11 فهناك العديد من القصص التي يستلهم منها العالم النجاح لأناس كانت مصائبهم فاتحة الإنجازات وبداية الحياة الحقيقية التي لم يفكروا بها وكرهوا في السابق أن تحدث لهم، يُعتبر أديسون من أولئك فقد كان السبب لاستبعاده من المدرسة لبطء تعلمه أن مكث في المنزل في طفولته وبدأ بإنشاء معمله الخاص وأصبح بحق من أعظم المخترعين في التاريخ. العديد من كانت مصائبهم القوة التي فجرت انجازاتهم، كثريا حمد محمد الزعابي البطلة العالمية في الأولمبياد الخاصة كانت اعاقتها منبع النجاح. وعبدالعزيز النعيمي شاب إماراتي ضرير احترف الاخراج السينمائي وصيانة الكمبيوتر. وفي ديننا العظيم وضع الله تعالى في كتابه المنزل الأجوبة التي طرح لها البشر الأسئلة الكبرى أو لم تُطرح، ففي مسألة الشر نزلت العديد من الآيات التي توضح الشر بل كيفية التعامل مع الشر في سورة الفلق، وبدأ تعالى السورة بأنه رب الفلق وهو سجن في جهنم. أغلب الشر في سورة الفلق الشر من الخارج، فهل يكون الشر من داخل الانسان نفسه؟. بالنسبة لي الجواب استلهمه من قصة يوسف فهي تستوقفني دوما كأغلب من يقرأها، وكما نوهت آنفا حيث يتناولها المفكرون غير المسلمين، لقوة عامل الشر الذي قوبل به طفل لا حول له، ولخديعة أب فاضل بهذه القسوة، ما يستوقفني أن اخوة يوسف ليسوا أناسا اعتياديين بل أبناء نبي، بالتأكيد لهم وضع مميز من التربية الأخلاقية، كيف تمكن منهم فعل هذه الجريمة، وبهذا الإصرار والتخطيط، ومن ثم السكوت لسنوات عن الانهيار والاعتراف لأبيهم بما اقترفوه، هذا الشر الذي يأتي من النفس ذُكر في نفس سورة يوسف «إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إ ِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي» يوسف: 53 كيد اخوة يوسف ينقذني أحيانا!! من الحنق على كيد من حتمت علي الحياة لقاءهم والحديث معهم ووجوب مجاراتهم بل والابتسام لهم واستضافتهم، وتجاوز المشاعر الحقيقية حتى لو كانت العتبة عالية والتجاوز مؤلما، وتقديم القهوة بالزعفران والحلوى، حيث السعادة حينها وهم وخداع مفتعل، والانسجام الآلي المحض، والحديث المنتقى بتأن لأن هناك من يترصد ليضع شراكه، فهو بالمرصاد، فهو يتقن هذا الفن، لا شيء غيره، أما الحوار الذي يدور وتتخلله بروز أنياب الذئاب، يحيلونه عواء مخيفا تحت الليالي المقمرة، فهي تزيد من الشر لأنها ربما تذكرهم أن هناك من يسمرون بكل محبة وألق، فالشعاع الفضي يكشف المزيد من شيء جميل.. يفتقدونه. وكما يرى شوبنهور أن الشر سبب للخير ..العواء قد يكون سمفونية إلهام رائعة لمن يسمعه.