إن أجسامنا تعتريها الصحة والمرض والحياة والموت وذلك جزء من دورة الحياة البشرية، بل هو جزء من دورة جميع الكائنات الحية، ولكن في بعض الأحيان نستغرب من ظهور أمراض وفيروسات غير تقليدية، وعلى نمط متتابع يثير الأسئلة والشكوك. فهل كانت بسبب تجارب علمية خرجت عن السيطرة أو جزء من تجارب عسكرية أو هي فعلا لأسباب أخرى طبيعية خارجة عن قدرة البشر. ومما يثير الشكوك أيضا أنها تظهر إلى عالم الأضواء والإعلام فجأة ثم يختفي بريقها والاهتمام بها، وتصبح موضة قديمة ثم نبحث عن الجديد!. لقد ظهرت صيحات تحذيرية عالمية كثيرة من قبل، ولعل بعضنا ما زال يتذكر قصة ظهور مرض جنون البقر ثم أنفلونزا الطيور، ومن بعدها جاءت الأخبار منتشرة بسرعة البرق في كل وسائل الإعلام للتحذير من أنفلونزا الخنازير، ثم جاء ومازال الحديث مستمرا عن فيروس كورونا، وها نحن اليوم نسمع عن فيروس جديد اسمه إيبولا. والحقيقة أن هذا المرض أو الفيروس إيبولا ليس بجديد، ولكن الإعلام العالمي المرئي والمقروء أصبح يتحدث عنه حاليا بكثرة، فصار معروفا ومشهورا، ولقد كان أول ظهور له في عام 1976 في أفريقيا، ويقال أن أحد الحواضن الأساسية له هو الخفافيش. وأما عن سبب تسميته بذلك فلأن أول ظهور له كان عند نهر يسمى إيبولا في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية في الثامن من شهر أغسطس الحالي أن مرض إيبولا يعتبر حالة طوارئ على مستوى العالم في مجال الصحة العامة، فقد وصل عدد المصابين منذ بداية السنة إلى 1700 حالة، توفى منهم 1000 شخص حتى الآن. وذكرت بعض المصادر أن نسبة الوفاة بسبب الفيروس تتراوح ما بين 50 إلى 90 في المائة. وقد اهتمت وزارة الصحة لذلك، فنصحت بعدم السفر إلى مناطق غرب أفريقيا المتضررة من تفشي فيروس إيبولا. واعتقد أنه يتوجب سرعة تحديث الموقع الالكتروني للوزارة للتوعية عن هذا الفيروس وأعراضه والوقاية منه، فالوقاية خير من العلاج. إضافة لذلك سيكون خطوة ايجابية لو خصص رقم خاص مباشر وليس رقم عام للتوعية لمثل هذه الفيروسات والأوبة، وللرد على استفسارات المواطنين والمقيمين. ولكن دعوني أتطرق إلى نقطتين تثيران اهتمامي ولعلهما تثيران اهتمامكم أيضا، وهما أولا أن انتشار الأخبار عن تلك الأمراض بين الفينة والأخرى له فوائد وكما قيل مصائب قوم عند قوم فوائد!!، منها تنشيط وتسويق لعالم الأدوية، وتجربة أدوية ومضادات جديدة لم يكن لها سوق من قبل أو كانت مخزنة ، واستمرار النشاط في عالم الأبحاث. أضف إلى ذلك بيع الأجهزة والمعدات الوقائية والمطهرات بأنواعها، وهناك أيضا تكلفة جلب الخبراء والاستشاريين، وكذلك انعقاد الندوات والمحاضرات والبعثات وغيرها، وهذه مجرد لمحة عابرة لفتح الباب للتفكير والتأمل لعل هناك أسبابا أخرى غير ظاهرة. والأمر الآخر الغريب أن هذه الضجة العالمية التي تحدث في السنوات الأخيرة بخصوص عدد الوفيات من هذه الفيروسات لا تتوافق مع العدد المهول الذي حصد الآلاف من البشر خلال العقود والقرون السابقة من أمراض مثل الطاعون أو الجدري أو الملاريا، ولكن تظل الاحتياطات طبعا مطلوبة، ولكن التفزيع والترهيب بشكل مدو هو المرفوض. وعلينا أن نتعامل معها بشكل عقلاني مبني على الأرقام والحقائق. وللفائدة وللمقارنة فإن الوفيات من أمراض الأنفلونزا الموسمية المعتادة تتراوح ما بين 250 إلى 500 ألف شخص حول العالم، وعدد الوفيات من ( فيروس التدخين كما اسميه) لغير المدخنين المتعرضين له 600 ألف شخص على مستوى العالم!. وأخيرا، إذا كان الوباء يصنف بسرعة انتشاره وبعدد الوفيات والإصابات، فإن عدد الوفيات والإصابات للعدوان على غزة كان أكثر وأسرع واستهدف الأطفال خاصة، أفلا يعد ذلك العدوان فيروسا وبائيا؟!.