ما بين فترة وأخرى سيكون هناك تحور في فيروسات معروفة يجعلها أكثر مرضية من أسلافها. وفي كل مرة يصاحب ذلك التحور وفيات ثم تتهافت وسائل الإعلام في التركيز على الصورة وتضخيمها فينتشر الهلع بين الناس ويصبح كل شخص يخشى من الإصابة مما يسبب إرباكاً على جميع المستويات. وقد يكون لذكرى الإنفلونزا الأسبانية التي انتشرت في بدايات القرن العشرين أثر في نظرتنا للتحورات الفيروسية لأنها قضت على أكثر من عشرين مليون نفس. ولكن الحكم بالتجارب المرة لا يؤدي إلا لمزيد من التخبط. ولهذا لزم أن نعود للإصابات والتحورات الفيروسية التي حدثت منذ بدايات القرن الواحد والعشرين وصاحبها تضخيم كبير وتغطية إعلامية مربكة إما في إخفاء الحقائق أو في سوء التوقعات ثم نقارنها بفيروسات معروفة لدينا. سارز في عام 2003م كانت الوفيات 774 فقط. H1N1 التي بدأت في 2009م مجموع الوفيات على مستوى العالم 12500. كورونا حصد بضع مئات أغلبها في السعودية. EBOLA عدد الوفيات منذ بداية ظهور المرض مجددا في 2012 تقارب 5000 وفاة. ولعلكم مازلتم تذكرون ما صاحب هذه الأمراض من تغطية إعلامية مكثفة على المستوى المحلي والعالمي. ثم لنقارن هذه الأرقام بأرقام أمراض معروفة لدينا لها ضحايا بمئات الآلاف كل عام. فمثلا يعتبر فيروسا التهاب الكبد (B ,C) بي وسي من أهم أسباب الوفيات على مستوى العالم فهناك ما بين مليون وثلاث مئة ألف إلى مليون وسبع مئة ألف حالة وفاة سنويا (1300000-1750000). الملاريا والإيدز والدرن تحصد سنويا قريبا من مليون وثلاث مئة ألف (1300000). ولكي أقرّب الصورة للأطباء عندما أحاضر عن فيروس بي أمثل فيروس بي بتسونامي كبير يضرب الأرض ثلاث مرات كل سنة. فهل سمعتم شيئا عن هذه الأمراض وضحاياها. برغم الهالة الإعلامية التي صاحبت سارس وإنفلونزا الخنازير وكورونا والتي تصاحب إيبولا إلا أن هذه الأمراض تعتبر وقتية تنتهي بعد سنوات من بدئها ثم تعود بتحور جديد إذا تهيأت الظروف. ولهذا فإن سياسات الوقاية الصحية يجب أن تكون مهيأة لمثل هذه الأوبئة مع رفع درجات الاحتياط حسب الخطورة وسرعة الانتشار. المتوقع أن ينحسر إيبولا قريبا كما انحسر سارز وكورونا، ولست مع الإعلام في تضخيمه للوباء. بلا شك ستظهر تحورات جديدة مستقبلا سواء في إيبولا أو في غيره من الفيروسات تكون سببا في فورة محدودة للفيروس ثم تتلاشى مجددا وهكذا.