دائماً أسمع عبارات وجملا سلبية من بعض الزميلات خصوصاً في الإجازة، فهناك من تتذمر لأنها لم تسافر أو لم تخرج من البيت، وهناك من تتذمر لعدم وجود أنشطة صيفية أو نواد نسائية!!. أتفق معكن هذه الإجازة قد تكون مقيتة لمن قضاها داخل أسوار المنزل، خاصة إذا كانت فتاة حيث لا مكان تستمتع به، لكن إلى متى سنظل نتذمر؟ ليس فقط في الإجازة! نحن نتذمر من الاختبارات الصعبة، ومن المعلمات غير المتفهمات، ومن الصديقات، وأحياناً الاخوان الصغار... الخ. أحياناً أشعر أن كل من حولي غاضبون كلهم معترضون كلهم متشائمون، وكلما تقدمت بالعمر أكثر ستجد أن المتشائمين هم الفئة الطاغية، وأن الأشخاص السعداء الذين ينظرون إلى الازمات من ناحية ايجابية نادرون جداً.. أضرب لكم مثالا بصديقتي «سميرة»، فمن يتحدث إليها سيشعر براحة حتى لو كان في أقسى لحظات حياته وأكثرها حزناً. ان سميرة عندما تتعرف إليك تنظر إلى الجوانب الايجابية من شخصيتك وتخبرك بها وتشجعك، ودائماً تنهي جملها بكلمة «سعادة». في علم النفس يعتبر انهاء الحوار بجملة ايجابية أمراً مهماً لكن سميرة تنهي كل جملة بكلمة ايجابية.. وما سيصدمكم بالموضوع أن سميرة فتاة كفيفة.. ليس هذا فقط، بل تم رفض قبولها عندما أرادت أن تتخصص بأحد الأقسام في الجامعة لكونها كفيفة، لكن بالإصرار والعزيمة القوية والمحاولات والمناضلة نجحت وتم قبولها في التخصص الذي أرادته، وفي الإجازة قامت بتدشين مدونة الكترونية تقدم نفسها وتكتب خواطرها ووجهات نظرها ومبادئها في الحياة، إنها فتاة مفعمة بالحيوية والنشاط، تمكنت من تكوين صداقات ومن انجاز نجاحات عديدة، يكفينا القول إنها فتاة ناجحة في حياتها رغم العقبات التي واجهتها، يقول الكاتب والمؤلف الأمريكي ستيفن كوفي: «المبدعون لا يلومون الظروف أو الأحوال لتبرير سلوكهم. لأنهم يدركون أن سلوكهم هو نتاج خيارهم الواعي». غالباً يتهم الاشخاص الايجابيون والمتفائلون بأنهم يعتقدون أن العالم وردي وأنهم لا يعرفون قسوة الحياة أو يعيشون في أحلام اليقظة!.. لكن الحقيقة عكس ذلك، كي نحصل على روح متفائلة يجب علينا أن نشق طريقا طويلة ومرهقة ومملوءة بالعثرات، لذلك السعداء أشخاص مميزون ونادرون والجميع يحبهم. ذات مرة كنت أتحدث إلى سميرة عن كتابة اليوميات، وقد أرسلت إلي بعضا مما كتبته اقتبست من يومياتها هذه العبارات التي قررت بعدها أن أغير نظرتي للحياة تقول: «لستُ متشائمة بذلك القدر الذي جعلني أرى الحياة سوداء». وفي موضع آخر تقول: «الكلام عن المشاكل يزيدها سلبية وتعقيدا بينما هي في الحقيقة ليست مشاكل بل تحديات». وتقول أيضا: «السعادة التي تسكن في أعماقنا لا تذبل ولا يغيرها الألم..ستظل سعادة». لو أن سميرة في مجتمع آخر لتم الاحتفاء بها لكن هنا -مع الأسف- لا أحد يهتم. لن نتذمر أو نتشاءم مهما كانت المشكلة كبيرة، لأن الايجابية ليست العيش في الاحلام كما يعتقد البعض بل انها طاقة تجعلنا أقوى لمواجهة العالم بسلبياته ومشاكله.. شكراً سميرة على هذه الرسالة التي أهديتها لمجتمعك، وشكراً لأنك علمتنا درسا لن ننساه أبداً.