لا جديد على الساحة، فالصهاينة هم الصهاينة بإجرامهم وخبثهم ونقضهم للمواثيق والعهود، قوم أساءوا الأدب مع ربهم. فغضبتنا على عدوانهم وبغيهم لن تكون بحجم غضب من جعل منهم القردة والخنازير وفضح كيدهم ومكرهم في قرآنه الكريم، وغزة هي غزة بجراحها ونزفها المستمر وصمودها وقوة بأس أهلها الجبارين، الذين تحملوا جور بني صهيون وطغيانهم وما زالوا كذلك، ثقة بمن قال (سيهزم الجمع ويولون الدبر) ثقة مطلقة ولو طال إمهال وتمادي المجرمين حتما سيأتيهم من حيث لم يحتسبوا وعدٌ غير مكذوب والعاقبة للمجاهدين الصابرين. هكذا غزة العزة والكرامة إن لم تكن تحت القصف والتدمير، فهي دائما فوق جحيم مستعر من الحصار والجوع والخوف، كانت غزة وما زالت مسرحا واسعا لعمليات العربدة والهمجية، وفضاء مفتوحا للطغيان الإسرائيلي يمارسون إجرامهم كيفما شاؤوا، بدون رادع ولا (فازع) من بني جلدتهم، فلا معتصم يسمع استغاثتهم ولا اصغت لنحيبهم منظمات دولية اصمت آذاننا بحقوق الانسان. فقد شاهدت البشرية جمعاء كيف تنهمر صواريخ البغي والقذائف بشتى أنواعها على الأحياء السكنية والتجمعات البشرية، فأهلكت الحرث والنسل وما مجزرة (الأونروا) إلا نموذج واحد للقتل الوحشي والجرائم الدموية التي ترتكب يوميا تحت بصر وسمع العالم المتحضر، مساكين أهل غزة مكشوفون لمن يدمرهم فلا قبة حديدية في سمائهم تحميهم ولا ملاجئ تحت أرضهم تخبئهم من عذاب الجحيم، قوم عزل مستضعفون في الأرض يفرون من الموت لموت يلاقيهم، لا يجدون ما يحتمون ويستظلون به إلا قبة خضراء ليست حديدية، ولكن من فوقها رب الضعيف البائس يسمع ويرى بطش القوي المتغطرس وليس بغافل عما يفعل الظالمون!! في ظل ضعف الأمة وتناحرها وهوانها وانتشار (الفوضى الخلاقة) في كثير من أنحائها، لم تعد فلسطين الهم الأول للأمة، فالأمة غارقة في جراحها مشغولة بنفسها فلكل مشاكله وظروفه الداخلية الخاصة، معطياتٌ سلبية لا يلوح معها في الأفق القريب سبيل لاجتماع كلمة ولا التفاف حول قضية أزلية، ظروفٌ متردية استغلها عدو صهيوني متربص حتى قويت شوكته، فعاث في الأرض فسادا تقتيلا وتشريدا، وغزة المكلومة رغم مقاومتها لعدو تجهمها لم تسلم ساحتها من جعلها مكاناً لقتال من نوع خاص، وتصفية حسابات بين جهات دولية وتنظيمات حزبية ساهمت باستمرار وحشية الهجوم الإسرائيلي واطالة أمد العدوان وضاعفت من آلام غزة ومآسيها التي تفطرت منها القلوب، ولأن في كل محنة منحة كانت أزمة غزة فاصلة بين الحق والباطل، وفيها كثير من الكواشف المهمة للزيف الذي لطالما قامر به المقامرون بالقضية الفلسطينية، وتاجر المتاجرون بدماء أهل غزة وزايد المزايدون على مواقف المملكة المشهودة، فمن ارتمت في أحضانهم حماس بطواعيتها غضوا النظر ولم ينصروا غزة ولو بالقليل. والدواعش بجهادهم المزعوم افتقدت بوصلتهم للاتجاه المؤدي لفلسطين وتاهوا طريقهم عن أنفاق غزة، والمعنيون بنفير الأمة يبدو أنهم لم يعثروا على فندق راق ليعلنوا من قاعته النفير العام لغزة، والمنادون من المفتونين بالربيع العربي ودعاته ما زالوا يعتقدون ان زهور ربيعهم يتعذر زراعتها في أرض فلسطين، وحزب الله جَيّش الجيوش للدفاع وحماية قبر في سوريا، وأعمى الله بصره عن مقابر جماعية تدفن يوميا بغزة ولم ينتدب جنوده لإنقاذ أهلها، هكذا مع كل هجوم على غزة اعتدنا النفاق السياسي بشعاراته الكاذبة، ولا نجني الا هلاك غزة وبقاء المقاومة دائما منتصرة، في معادلة فريدة وغريبة، والحقيقة في ظل هذا النفاق المتراكم لا أجد ما أختم به مقالي إلا شطر بيت شهير لخلف (من دون صهيون بذتنا صهاينّا) !!.