خاضت تركيا منذ الساعات الأولى لصباح أمس، تجربة صعبة وتاريخية لاختيار الرئيس القادم في طبيعة ديمقراطية من خلال الانتخابات الرئاسية في ثوبها الأول والذي يمتد من 5 إلى 7 سنوات، حيث بدأ صباح الأحد المواطنون الأتراك الإدلاء بأصواتهم واختيار مرشحهم المفضَّل، بما لا يقل عن 53 مليون صوت انتخابي يحصل عليه المرشح الفائز بانتخابات الرئاسة، يتنافس على مقعد الرئاسة التركية ثلاثة مرشحين أبرزهم رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء الحالي ورئيس حزب العدالة والتنمية، والذي يمتلك تاريخا من الإنجازات أدت إلى ارتفاع اقتصاد الدولة بشكل ملحوظ خلال سنوات حكمه، والثاني أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي، والذي يخوض التجربة بدعم من الأحزاب التركية المعارضة «حزب الشعب الجمهوري اليساري، وحزب الحركة الوطنية»، والأخير صلاح الدين دميرطاش ومرشَّح حزب الشعوب الديمقراطية المعروف بقربه من حزب العمال الكردستاني، لتتحول تركيا إلى النظام الجمهوري لأول مرة في تاريخها كما نص الدستور الجديد، وبينما جاءت وعود المرشحين لتكمل أحلام المواطن التركي، وعد أردوغان -المرشح الأقوى للفوز- بانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي، وتعديل الدستور والعمل على إصلاح كامل في كل كيانات الدولة، أما منافسه، الأمين العام السابق لمنظمة المؤتمر الإسلامي، إحسان أوغلو والذي يبلغ من العمر 71 عاما كان أهم ما تعهد به هو بالحفاظ على الدور التقليدي للرئيس، وأكد على أنه ليس من مهام الرئيس أن يدير الشؤون اليومية للبلاد، في المقابل تبني أصغر المرشحين دميرطاش الذي يبلع من العمر 41 عاما، والذي يمثل حزب الشعب الديمقراطي اليساري للأقلية الكردية مناصرة حقوق المقموعين والفقراء والشباب والطبقة العاملة، ووصف المعنيون الأتراك الانتخابات التركية بأنها الأولى في تاريخ تركيا، وجاءت سببا في وجود حالة من التوتر والقلق والحيرة أيضاً، حيث أكد أكمل محمد صحفي بوكالة جيهان التركية أن الأتراك لا يعرفون من هو الأجدر الذي يجب تأييده ليتولى منصب الرئاسة، ويقود البلاد نحو آفاق المستقبل، في ظل الشائعات والفساد والحرب والإرهاب، وأصبح اختيار الشخص الأصلح والأفضل لهذا المنصب في غاية الصعوبة. واستقبلت الصحف التركية المعارضة الانتخابات التركية بحملة ضد اوردغان بنشر وقائع ضده، وحث الناخبين بعدم التصويت لصالحه في الانتخابات موضحة أسباب عديدة، أهمها أطلق حملة تصفية وتشريد طالت 20 ألفا من رجال الأمن والمدعين العامين والقضاة والبيروقراطيين بشكل غير قانوني، حتى لا يتم الكشف عن أعمال الفساد والرشوة والاختلاس، وتقصيرة في إنقاذ 49 من الدبلوماسيّين الأتراك الذين تم خطفهم من قبل داعش بمدينة الموصل العراقية، وهم محتجزون لدى داعش منذ شهرين، في الوقت نفسة أمر بحظر على نشر أيّ مواد إعلامية مكتوبة أو مقروءة أو مسموعة أو مرئية او الحديث عن داعش بحجة خوفه من رد فعل داعش على المختطفين، وأكد ترهان أردم، أحد أهم المحامين بتركيا والفقيه الدستوري أن توقعات المسؤولين الأتراك عن الانتخابات في حال فوز أوردغان بالرئاسة سوف تشكل أزمة، خاصة وأنه لم يستقيل من منصب رئاسة الوزراء حتى الآن، ودون تقديم استقالته قد يسبب أزمة دستورية كبرى، وأشار أنه لا يجوز لأورغان عقد أي مؤتمر لاختيار رئيس للحزب الجديد قبل أن يتقدم باستقالته رسميا من رئاسته لمجلس الوزراء والحزب في نفس الوقت لتولي منصب رئاسة الجمهورية، ولو فعل فتعتبر هذه جريمة دستورية، وحينها سنتخذ الخطوات اللازمة. جاء ذلك بعد أن كتب عبدالقادر سلفي، أحد الصحفيين المقربين من قيادات حزب العدالة والتنمية في مقالته، الخميس الماضي، إنه في حال فوز أردوغان بالانتخابات سيجتمع بأعضاء الحزب وسيقوم بتحديد الرئيس العام للحزب، قبل أن يتولى منصب الرئاسة في قصر تشانكايا بأنقرة. ووصف جومالي أونال رئيس تحرير جريدة الزمان التركية الناطقة بالعربية أن تركيا تنتخب عهدا جديدا من الديكتاتورية في حالة فوز اوردغان، مشيرا إلى أن أردوغان كان ديكتاتورا في كل شي حتى قبل الانتخابات اليوم، كان لا يعطي الحق للمتنافسين علي كرسي الرئاسة مثل أي المنافسين، الدعاية الانتخابية، استغل الشوارع فكانت تحتل ملصقاته كل شوارع تركيا، كذلك في التلفزيون كان هناك اجتماعاته ومقابلاته.. مؤكد أنه يستخدم كل من الحكومة، وكان يستخدم جميع الأدوات للتضليل، قام بالضغط على وسائل الإعلام لعدم كتابة أي شيء ضده، ربما فقط 2-3 من الصحف كتبت ضده، في تركيا هناك أكثر من 50 قناة تلفزيونية، خاصة وأن جميع القنوات التلفزيونية تحت سيطرته، حتى في هذه الظروف لا أحد يستطيع أن يقول أن هناك منافسة ديمقراطية في هذه الانتخابات.