في أحد مستشفيات وسط قطاع غزة، تتساءل ميرفت قنن باكية وهي تنظر الى حفيدتها شيماء التي اخرجت من رحم امها بعد وصولها الى المستشفى جثة هامدة على اثر اصابتها في قصف اسرائيلي لمنزلها: "ماذا فعلت ابنتي ليقصفوا بيتها فوق رأسها؟". وتجلس هذه السيدة البالغة من العمر 43 عاما على باب قسم الحضانة بانتظار اي معلومات عن هذه الرضيعة التي بقيت على قيد الحياة على الرغم من موت امها. وتقول: "كل ما اطلبه من الله ان يحمي لي هذه الطفلة وتبقى على قيد الحياة. ماتت ابنتي شيماء لكن هذه الطفلة ستكون ابنتي الجديدة وسأربيها كما ربيت والدتها (...) وسأجعلها تناديني ماما كما كانت تناديني امها". وقتلت هذه السيدة الحامل في بداية شهرها التاسع وكانت تبلغ من العمر 23 عاما، في غارة استهدفت منزلها فجر الجمعة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة الذي تشن عليه اسرائيل هجوما دمويا منذ ثلاثة اسابيع. وبعد اكثر من ساعة من بقائها تحت ركام منزلها الذي دمر بالكامل تمكن المسعفون من انتشال جثتها، كما تقول والدتها. واصيب زوجها ابراهيم الشيخ علي (27 عاما) الذي يعمل صحافيا في اذاعة محلية بجروح في الغارة نفسها، الا ان حالته "مستقرة"، حسب اقربائه. ومع ان شيماء وصلت الى المستشفى بعد ان فارقت الحياة، الا ان جنينها كافح من اجل البقاء على قيد الحياة، وقد اثارت حركته في بطنها انتباه الاطباء. ويقول الطبيب فادي الخرطي الذي كان في قسم الاستقبال عندما وصلت جثتها: "وصلتنا جثة لشهيدة في قصف اسرائيلي في الساعة الثالثة من فجر الجمعة الماضي. اردنا اسعافها لكنها كانت قد ماتت وهي في الطريق الى المستشفى على ما يبدو". ويتابع: "لاحظنا بعد ذلك حركة قوية وسريعة في بطن الشهيدة الحامل في الاسبوع السادس والثلاثين (...)، فقرر طبيب النساء والولادة على الفور اجراء عملية قيصرية لإخراج الطفلة" على قيد الحياة. واطلقت العائلة على هذه المولودة اسم شيماء تيمنا بوالدتها، الا انها ما زالت تصارع للبقاء حية في حضانة صغيرة في مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب القطاع الذي تم نقلها اليه ل"صعوبة وضعها"، كما يقول الاطباء المشرفون عليها. وتتنفس شيماء ذات الايام الاربعة بجهاز خاص للاوكسيجين، كما يتم تزويدها بالغذاء عبر المحاليل الطبية. وعن وضعها الصحي يقول الطبيب عبدالكريم البواب رئيس قسم الحضانة في المستشفى: "الطفلة في وضع صحي حرج. فهي بحاجة لجهاز تنفس صناعي بشكل دائم بعد تعرضها لنقص في الاوكسجين في الفترة التي سبقت ولادتها بعد استشهاد امها". لكنه يضيف: ان "العلامات الحيوية مستقرة نسبيا الآن، لكن يجب ان تبقى هنا في العناية المركزة في الحضانة لثلاثة اسابيع اخرى على الاقل". وتتساءل ميرفت قنن التي ترتدي ملابس سوداء: "ما ذنب ابنتي ان تموت وتبقى تحت ركام منزلها لساعة ونصف وهم يحاولون اخراج جثتها؟"، وتتابع بدون ان تتمالك نفسها من البكاء: "ماذا فعلت شيماء لإسرائيل حتى يقصفوا بيتها فوق رأسها دون حتى اي تحذير؟". وتتابع بعد ان جففت دموعها: ان ابنتها التي تزوجت قبل عام "كانت تنتظر اليوم الذي ستحتضن طفلتها فيه، وها هي استشهدت وابنتها في العناية المركزة". ويقول اقرباء العائلة: ان طائرات اف-16 اسرائيلية اطلقت صاروخين على المنزل الذي يقع في منطقة مكتظة بالمنازل المتلاصقة بدون تحذير العائلة او اطلاق صاروخ "ارشادي". وتطلق الطائرات الاسرائيلية احيانا صاروخا "تحذيريا" على المنزل الذي تنوي قصفه لتعطي فرصة لسكانه لإخلائه. وقد سوي المنزل بالأرض، بينما لحقت اضرار كبيرة بالمنازل المجاورة.