يراعي الإسلام أن الحيوان له روح، وأن التعامل معه لا ينبغي أن يكون كما تتعامل مع آلة صماء، وقد وردت عدة احاديث في ذلك جمعها الإمام الألباني (رحمه الله) في الجزء الأول من سلسلة كتابه (الأحاديث الصحيحة)، ص58. * عن عبدالله بن جعفر «رضي الله عنه» قال : أردَفني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذاتَ يوم.. فدخل حائطاً [بستاناً] لرجلٍ من الأنصار، فإذا جَمَلٌ، فلما رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفتْ عيناهُ، فأتاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فمَسَحَ سراتَه إلَى سنامه وذفراه، فسكن، فقال: «من ربُّ [صاحب] هذا الجمل؟ لِمَن هذا الجمل؟ «، فجاء فتًى من الأنصار، فقال: لي يا رسول الله! فقال: «أفلا تتقي اللهَ في هذه البهيمةِ التِي مَلَّكَكَ اللهُ إيَّاها؟! فإنَّهُ شكَا إليَّ أنكَ تُجِيعُهُ وتُدْئِبُهُ». o عن مُعاذ بن أنس «رضيَ الله عنه» عن النبي «صلى الله عليه وسلم» قال: «ارْكَبُوا هذهِ الدوابَّ سالِمَةً، وايْتَدِعُوهَا سالِمَة، ولا تتَّخِذوها كرَاسِيَّ». والمقصود بألا نجعلها كراسي: لا يقف أحدنا يحادث صاحبه وهما يركبان الدابة، بل عليهما أن ينزلا عنها ويتحدثان كما يشاءان. ومثله الحديث التالي: * عن أبي هريرة «رضي الله عنه» عن النبي «صلى الله عليه وسلم: « إيَّاكُمْ أن تَتَّخِذُوا ظهورَ دوابِّكُمْ مَنَابِرَ؛ فإنَّ اللهَ تعالى إنَّمَا سخَّرها لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إلى بَلَدٍ لمْ تَكُونُوا بَالِغيهِ إلا بِشِقِّ الأنْفُسِ، وجَعَلَ لَكُم الأرْضَ؛ فعَلَيْها فاقْضُوا حاجَاتِكُمْ». * عن سهل بن الحنظلية قال: مرَّ رسولُ الله «صلى الله عليه وسلم» ببعيرٍ قد لَحِق ظهرُه ببطنِه، فقال: «اتَّقُوا اللهَ في هذهِ البهائمِ الْمُعْجَمَةِ؛ فارْكَبُوها صالِحَةً، وكِلوهَا صالِحَةً». o عن ابن عباس «رضي الله عنهما» قال: مرَّ رسولُ الله «صلى الله عليه وسلم» على رجلٍ واضعٍ رجلَهُ على صَفْحَةِ شاةٍ، وهو يَحُدُّ شَفْرتَه، وهيَ تلحظُ إليه بِبَصَرِها، فقال: « أفَلا قَبْلَ هَذا؟! أتريد أن تميتها موتَتَيْن؟! «. o عن عبدالرحمن بن عبدالله عن أبيه قال: كنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فانطلقَ لحاجة، فرأيْنا حُمَّرةً [نوع من الطيور] معها فَرخانِ، فأخذنا فرخَيْها، فجاءت الْحُمَّرة، فجعلت تَفَرَّش، فجاءَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: « مَنْ فَجَعَ هذهِ بِوَلَدِها؟! رُدُّوا وَلَدَها إليْها». o عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رجلٌ: يا رسولَ الله! إني لأذبحُ الشاةَ فأرحَمُها. قال: «والشاةُ إن رحِمْتَها؛ رحِمَكَ الله». o وقد وردت أقوال للصحابة تحث على الرفق بالحيوان ومنها: عن المسيِّب بن دار قال: «رأيتُ عمرَ بنَ الخطّابِ ضربَ جَمَّالا، وقالَ: لِمَ تَحمِلُ على بعيرِكَ ما لا يُطيق؟!». عن عاصم بن عُبيدالله بن عاصِم بن عمرَ بنِ الخطاب: «أنَّ رجُلا حَدَّ شَفْرَةً، وأخذ شاةً لِيذبَحَها، فضَرَبَهُ عمرُ بالدِّرَّة، وقال: أتعَذِّبُ الرّوحَ؟! ألا فعلتَ هذا قبلَ أن تَأخُذَهَا؟!». عن مُحمد بنِ سِيرين: أنَّ عمرَ رضي الله عنه رأى رجلاً يَجُرُّ شاةً لِيذبَحَها، فضَرَبَهُ بالدِّرَّةِ، وقال: سُقْها لا أمَّ لكَ إلى الموتِ سَوْقًا جمِيلا». كان لأبي الدَّرْداء جَمَلٌ يُقال له: (دمون)، فكان إذا اسْتَعارُوه منه؛ قال: لا تَحْمِلوا عليه إلا كَذَا وكذا؛ فإنه لا يُطيقُ أكثرَ مِن ذلك، فلما حَضَرَتْهُ الوفاةُ قال: يا دمون! لا تُخاصِمْني غَدًا عندَ ربِّي؛ فإني لمْ أكنْ أحْمِلُ عليكَ إلا ما تُطيقُ». عن أبي عثمان الثقفي قال: كانَ لِعمرَ بنِ عبدِ العزيز رضي الله عنه غلامٌ يَعْمَل على بَغْلٍ له، يأتيهِ بدِرْهَمٍ كلَّ يومٍ، فجاء يومًا بدرهمٍ ونِصف، فقال: أما بدا لكَ؟ قال: نفقتِ السوقُ. قال: لا؛ ولكنكَ أتْعَبْتَ البَغْلَ! أجِمَّهُ ثلاثةَ أيّامٍ. أين هذا التطبيق العملي للرسول الأكرم «صلى الله عليه وسلم» وصحبه الكرام، من دعاوى فارغة لا تطبيق لها على أرض الواقع، بل تسببت في رد فعل عكسي أمام عدد من الناس، داعيةً إلى مقاطعة أكل اللحوم.