كانت لحظات قليلة في التاريخ المالي الحديث أكثر ترويعاً من الأسبوع من 15 سبتمبر 2008، عندما انهار أولاً بنك ليمان براذرز، ثم انهارت المجموعة الدولية الأمريكية للتأمين. من الذي يمكن أن ينسى أسواق الأسهم التي أصيبت بالهلع، ومفاوضات الإنقاذ المذعورة، وسحب البيوت بأعداد ضخمة من أصحابها المعسرين عن السداد، وفقدان الوظائف المحزن، وهلاك حسابات التقاعد - ناهيك عن الانتعاش غير المشجع منذ ذلك الحين؟ ومع ذلك، إن إفلاس الصين قد يجعل أزمة عام 2008 تبدو وكأنها حفلة في الحديقة. مع ازدياد مخاطر وقوع مثل هذا الإفلاس، يجدر بنا أن نستكشف كيف يمكن أن تبدو. بعد كل شيء، تعد الصين حالياً أكبر دولة تجارية في العالم، وثاني أكبر اقتصاد، والبلد الذي يقتني حوالي 4 تريليونات دولار من احتياطيات العملات الأجنبية. اذا كانت الصين تعاني من أزمة ائتمان حقيقية، سوف يشعر الناس بها في جميع أنحاء العالم. كتب آدم سليتر في تقرير أكسفورد إيكونوميكس يوم 14 يوليو: «إن مثال كيف بدأت الأزمة المالية العالمية في واحدة من الأسواق المالية غير المفهومة وانتشرت بشكل كبير، يوضح وجود القدرة على التهوين من خطر العدوى». تذكر أن سقوط بنك ليمان وانهيار المجموعة الدولية الأمريكية للتأمين، كانا اثنين فقط من الشركات المالية من بين العشرات. التعاملات المبهمة وأدوات الاستثمار الواقعة خارج الميزانية العمومية جعلت من المستحيل حتى بالنسبة لمديري تلك الشركات فهم مواطن الضعف لديها - ومواطن الضعف في النظام المالي الأوسع. مصطلح «نظام الظل المصرفي» سرعان ما أصبح اختزالاً لعدم الاستقرار المحتمل وخطر انتشار العدوى في الأسواق العالمية. فما بالك إذا علمتَ أن الصين تعتبر في مثل هذه الحال وأكثر. الصين تجاوزت اليابان في عام 2011 في الناتج المحلي الإجمالي، وهي الآن تسابق الولاياتالمتحدة وتتفوق عليها إلى درجة أنه حتى بعض الباحثين في البنك الدولي يعتقدون أن الصين هي بالفعل على وشك أن تصبح أكبر اقتصاد في العالم (أنا أشك في ذلك). خلال العقد الماضي ارتفع الوزن التجاري العالمي النسبي إلى الضعف. ولكن الانفجار الحقيقي كان في القطاع المالي. منذ عام 2008، ارتفعت تقييمات الأسهم الصينية من 1.8 تريليون دولار الى 3.8 تريليون دولار، وقفزت ميزانيات البنوك والمعروض من النقود وفقاً لذلك. وتصاعدت وتيرة الأموال العريضة في الصين بشكل لا يصدق الى 12.5 تريليون دولار منذ عام 2008 لتتناسب مع ما يقرب من المخزون النقدي للولايات المتحدة. هذا التراكم للأموال الهائلة عمل على تغذية كميات هائلة من ديون القطاع الخاص جنباً إلى جنب مع مؤسسات القطاع العام. من حيث النطاق والسرعة والتعتيم فإنها تشعل فتيل مخاوف حقيقية حول انهيار القروض المتعثرة في الاقتصاد الذي هو مرتين ونصف أكبر من نظيره في ألمانيا. اذا ما حدث ذلك، على الأقل، ستشعل الحرائق في أسواق العقارات في الصين وقد يمكن تقضي في أثناء ذلك على الأجزاء النظامية ذات الأهمية من النظام المصرفي في هونج كونج. على الارجح لن تتوقف الأصداء عند هذا الحد، حيث انها ستضرب أستراليا التي يعتمد اقتصادها على الموارد، وتؤذي الاقتصادات التي تحركها التجارة، مثل اليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان، وتجتز أسعار كل شيء من النفط والصلب إلى الذهب والذرة. يقول سلاتر: «أهمية الصين بالنسبة للاقتصاد العالمي والنمو السريع للنظام المالي، يعني أن هناك مخاوف على نطاق واسع من أن الأزمة المالية في الصين من شأنها أن تتحول أيضا إلى أزمة عالمية. هناك مشكلة الأصول السيئة على هذا النطاق سوف تقزم تلك التي شوهدت في الأزمات المالية في بلدان الأسواق الناشئة الرئيسية مثل روسيا والأرجنتين في عام 1998 و 2001، وأيضا أن تكون أكثر شدة من مشكلة القروض المعدومة اليابانية في التسعينيات من القرن الماضي». المخاطر التي من هذا القبيل تخالف إصرار الرئيس تشي جينبينج على أن عملية الإصلاح المالي للصين هي شأن داخلي، لا تخضع لمدخلات أو تدقيق من قبل بقية العالم. لكن الواقع هو بخلاف ذلك. تماماً مثل التلوث الصيني الذي يظلم السماء الآسيوية ويساهم في تغير المناخ، فالضعف المالي في الصين هو مشكلة عالمية. قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتوضيح ذلك بما فيه الكفاية في مقابلة شهر مايو آيار مع الإذاعة الوطنية العامة. وأضاف: «إننا نرحب بالنهوض السلمي للصين. في نواح كثيرة، فسيكون مشكلة في الأمن القومي أكبر بالنسبة لنا إذا بدأت الصين تتهاوى عند الأطراف». ومن الواضح أن صعود الصين يشغل البيت الأبيض لأنه يحبط أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ويدخل اليابان ودولاً أخرى في المطالب الإقليمية في منطقة المحيط الهادئ ويلقي الطعن في قيادة أمريكا الأخلاقية. ولكن الضعف في الصين يجب أن يكون في أذهان صانعي السياسة الأمريكية، أيضاً. إمكانية ترنح الأشياء خارج نطاق السيطرة في الصين هي إمكانية حقيقية. أما الذي يقلق المؤمنين بالسوق الهابطة مثل باتريك شيفونك من سلفركرست لإدارة الأصول في نيويورك، فهو هاجس الصين الذي لا يتغير في بناء مناطق جديدة على غرار مانهاتن (منطقة المال في نيويورك) بين عشية وضحاها تقريباً حتى مع إظهار النظام المالي في البلاد علامات تشير إلى الضعف والتراخي. وفي الوقت الذي يعمل فيه واضعو السياسات في بكين على توليد المزيد من الائتمان من اجل الحفاظ على الفقاعات من الانفجار، لا يزال النظام المصرفي في الظل مستمراً في النمو. وكلما أخرت الصين تصفية الحساب الخاص بها، كان ذلك أسوأ بالنسبة للصين - وربما البقية منا.