واصلت اسرائيل قصفها قطاع غزة بالطيران والمدفعية، برا وبحرا، لليوم الخامس على التوالي فارتقى 135 شهيدا بغروب شمس السبت، وفيما بلغت صواريخ المقاومة الفلسطينية أقصى البلدات والمستوطنات اليهودية من جنوب إلى شمال فلسطينالمحتلة، دعا مجلس الامن الدولي الجانبين الى وقف اطلاق النار، في الوقت الذي يحشد فيه جيش الاحتلال دباباته وآلياته وجنوده، انتظارا لتلقي أمر بالاجتياح يثير غضبا في صفوف الإسرائيليين لجهلهم بتبعاته. وقال أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة في غزة: "ارتفع عدد الشهداء الى 135 شهيدا" مشيرا الى ارتقاء ثمانية منهم أمس "خمسة شهداء في مدينة غزة". وسقط القتلى الباقون في جباليا (شمال قطاع غزة) وخان يونس (جنوب)، والبريج (وسط). ودفعت صواريخ المقاومة بملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ ومراكز الإيواء على مدى الأيام الماضية، ما جعلهم يتذمرون من "كذب" حكومتهم في بداية العدوان، حيث كان مسؤولوها يتحدثون عن بضعة أيام لتدمير ترسانة حركات المقاومة الفلسطينية من الصواريخ. لكن الإشارات التي تؤكد امتلاك حركتي حماس والجهاد الإسلامي عددا غير محدود من الصواريخ وقدرتهما على التصنيع ذاتيا، تقع كالصاعقة على أسماع الإسرائيليين الذين بدأوا يتساءلون عن جدوى تهديد حكومتهم باجتياح بري لقطاع غزة مقابل الثمن الذي سيدفعه سكان البلدات اليهودية وجيش الاحتلال. وفي التاسعة من الليل، دوت صفارات الإنذار في تل أبيب وقبلها بساعتين أطلقت صفارات الإنذار في القدس وتبعها دوي انفجارين، وفي نفس الوقت سقطت ثلاثة صواريخ في منطقتي بيت لحم والخليل في الضفة الغربية، بحسب جيش الاحتلال. وقالت متحدثة عسكرية: ان "صاروخا سقط في منطقة الخليل على بعد ثلاثين كلم من القدس وسقط صاروخان أخريان في منطقة بيت لحم" القريبة من المدينة المقدسة. وافادت مصادر امنية فلسطينية ان صاروخين سقطا قرب الخليل، الاول في منطقة غير مأهولة والثاني على منزل في قرية سعير جنوب الخليل، واسفرا عن اضرار مادية. ومنذ يوم الثلاثاء، أطلقت ستة صواريخ على الاقل من قطاع غزة في اتجاه منطقة القدس التي تبعد ثمانين كلم من القطاع. ومنذ بدء الهجوم الثلاثاء، احصى الجيش الاسرائيلي اطلاق 564 صاروخا تم اعتراض نحو 140 منها اثناء تحليقها من جانب نظام القبة الحديدية، بحسب الجيش الاسرائيلي، ولم يسفر سقوط الصواريخ الفلسطينية عن عدد كبير من الضحايا اليهود، باستثناء عدة حالات في حال خطرة، وربما قتيل، لكن الإسرائيليين يعيشون حالات طويلة من الرعب والإغماء التي تستقبلها المستشفيات ومراكز الصحة النفسية، كما يسجلون خسائر فادحة في قطاع السياحة الذي يشكل نسبة هامة من الايرادات لدولة الاحتلال. المساعي الدبلوماسية في نيويورك، دعا مجلس الامن، السبت، اسرائيل وحركة حماس الى وقف اطلاق النار و"احترام القوانين الانسانية الدولية وخصوصا حول حماية المدنيين". وفي بيان صدر بالاجماع، دعت الدول ا 15 الاعضاء في المجلس الى "نزع فتيل (التوتر في قطاع غزة) وعودة الهدوء واعادة ارساء وقف اطلاق النار (الذي اعلن) العام 2012". واعربت الدول الاعضاء عن "قلقها البالغ بازاء الازمة المرتبطة بغزة وحماية المدنيين لدى الجانبين" الفلسطيني والاسرائيلي. واكدت "دعمها لاستئناف المفاوضات المباشرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين بهدف التوصل الى اتفاق سلام شامل يقوم على حل الدولتين". واوضح دبلوماسيون ان هذا البيان المقتضب الذي ينطوي على بعد رمزي، جاء بعد مشاورات مكثفة منذ يومين وخصوصا بين الاردن، البلد العربي الوحيد العضو في المجلس، والولايات المتحدة. وكان المجلس عقد الخميس اجتماعا طارئا لبحث التطورات في غزة بناء على طلب الدول العربية، لكنه لم ينجح في التوافق على نص بيان. وخلال الاجتماع، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى وقف اطلاق النار في غزة. ومساء الجمعة رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو "أي ضغط دولي يمنعنا من ضرب" المقاومة الفلسطينية. وعبر الرئيس الامريكي باراك اوباما لنتانياهو في اتصال هاتفي، الخميس، عن "تخوفه من التصعيد"، وعرض وساطة امريكية لمحاولة تهدئة الوضع. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست: "نحن مستعدون لاتخاذ اجراءات مماثلة لتلك التي اتخذناها قبل نحو عام ونصف عام، في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، لتسهيل وقف لاطلاق النار ومحاولة التوصل الى نزع فتيل التوتر". واعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ السبت انه سيبحث وقفا لاطلاق النار في قطاع غزة مع نظرائه الامريكي والفرنسي والالماني، على هامش الاجتماع حول النووي الايراني الاحد في فيينا. وتشاور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند السبت مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان حول "الوضع الخطير" في قطاع غزة، وتوافقا على ضرورة التحرك من اجل وقف اطلاق النار بين الاسرائيليين والفلسطينيين، بحسب ما اعلنت الرئاسة الفرنسية. وصرح مصدر دبلوماسي السبت ان وزراء خارجية الدول الاعضاء في الجامعة العربية، سيعقدون الاثنين اجتماعا طارئا لمناقشة الوضع في القطاع. لكن مصر الوسيطة في النزاعات السابقة بين اسرائيل وحماس بدا موقفها اكثر تراجعا في هذه المواجهة. وحذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السبت من "مخاطر التصعيد العسكري، وما سيسفر عنه من ضحايا من المدنيين الأبرياء" في قطاع غزة، وذلك خلال استقباله مبعوث اللجنة الرباعية الدولية للشرق الاوسط توني بلير. ودعا وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف السبت الى "الوقف الفوري" للقصف الاسرائيلي على قطاع غزة، وانتقد بحدة الموقف الامريكي الذي "يتفرج" على مقتل المدنيين الفلسطينيين. شلال الدم وهذا النزاع هو الاكثر دموية منذ عملية "عمود السحاب" التي نفذها الجيش اسرائيلي في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، وهدفت الى وقف اطلاق الصواريخ من غزة. وادى الهجوم آنذاك الى مقتل 177 فلسطينيا وستة اسرائيليين. واندلعت اعمال العنف هذه بعد فقدان ثلاثة شبان اسرائيليين هم طلاب مدرسة تلمودية والعثور عليهم قتلى في الضفة الغربية، ثم احراق شاب فلسطيني حيا بايدي متطرفين يهود في القدس وتبعه اعتداء بشع من جنود الاحتلال على فتى آخر. وعلى الارض تواصلت استعدادات جيش الاحتلال الاسرائيلي لهجوم بري على القطاع. وقال الجيش: انه تمت تعبئة نحو 30 الفا من جنود الاحتياط. وصرح المتحدث باسم الجيش الجنرال الموز موتي للاذاعة العسكرية السبت "نستعد للمراحل التالية في العملية، كي تكون القوات جاهزة لدخول الميدان". ويقول الجيش: إن نحو 20 ألفا من جنود الاحتياط تمت تعبئتهم بالفعل. وتحركت، أمس، عشرات الدبابات الإسرائيلية المزينة بالأعلام باللونين الازرق والابيض عبر الحقول في سحب من الغبار وهي تشق طريقها إلى الحدود مع غزة. ومن المرجح أن ترتفع خسائر الجانبين بشكل كبير إذا اقتحمت القوات الإسرائيلية القطاع المكتظ الممتد لمسافة 40 كيلومترا على البحر المتوسط. ونشرت إسرائيل، أمس، بطارية صواريخ اعتراضية ثامنة لمواجهة هجمات صاروخية أقوى مما توقعها الإسرائيليون، فيما قصف الجيش الإسرائيلي مواقع في القطاع الساحلي لليوم الخامس مما أدى لمقتل 15 شخصا، في ذات اليوم، حسبما أفاد مسعفون. وقال سكان: ان مسجدا في وسط القطاع قصف حتى تحول لانقاض. وقال الجيش الإسرائيلي: انه كان مخبأ للأسلحة. ووفقا لمؤسسة الميزان لحقوق الإنسان فقد تضررت ثمانية مساجد أخرى بسبب القصف، كما دمر 537 منزلا إما بشكل كامل أو جزئي. وقال مسؤولون طبيون في غزة: إن ما لا يقل عن 81 مدنيا من بينهم 25 طفلا من بين 121 شخصا قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية التي بدأت يوم الثلاثاء على القطاع الذي يسكنه مليونا نسمة. وفي الضفة الغربية، وقعت مواجهات محدودة ليل الجمعة السبت بين جنود اسرائيليين وشبان فلسطينيين كانوا يحتجون على الهجوم الاسرائيلي على غزة. وشهدت مدن الخليل ورام الله واريحا وطولكرم ونابلس وقرى مختلفة تظاهرات مناهضة لاسرائيل. وقال عصام بكر منسق القوى الوطنية والاسلامية في مدينتي رام الله والبيرة لفرانس برس "هناك حالة من التضامن مع اهلنا في غزة، وهذه الحالة آخذة في الاتساع لكنها دون المستوى المطلوب". وليل السبت، وجهت دعوات الى التبرع بالدم للمصابين في غزة عبر مساجد قرى ومدن الضفة. حماس تحذر وحذرت حركة حماس من استمرار الاحتلال الاسرائيلي في استهداف البيوت وقتل المدنيين، مؤكدة أن كتائب القسامر ستدخل عناصر جديدة في المواجهة لم يعرفها الاحتلال، وقال فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس في تصريحات صحفية: «إذا استمر قصف البيوت والمدنيين فإن عناصر القسام ستدخل عناصر جديدة وستفاجئ وستربك حسابات الاحتلال وستجبره على احترام معادلات»، مؤكدًا أنهم مستمرون في ضرب كل أهداف الاحتلال وبكل قوة. مطار «بن غريون» هذا وقصفت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» صباح السبت مطار «بن غريون» الدولي القريب من مدينة «تل أبيب» المحتلة. وأعلنت الكتائب في بلاغ عسكري أنها أطلقت صباح السبت صاروخ واحد من نوع «إم 75» محلي الصنع تجاه مطار بن غريون في مدينة اللد القريبة من تل أبيب المحتلة التي تبعد 70 كيلو مترًا عن قطاع غزة، وأكدت الكتائب أن هذا القصف يأتي في إطار الرد على الجرائم الصهيونية بحق أبناء الشعب الفلسطيني والعدوان المتواصل على قطاع غزة. وقال البلاغ: «إن كتائب القسام عاهدت شعبها ألا تصمت على جرائم الاحتلال، وأن تجعله يدفع ثمن عدوانه باهظًا، ويفكر ألف مرة قبل الإقدام على أي عدوان على أبناء شعبنا، وسلاحها سيبقى ملقمًا ومشرعًا حتى إذا ما واصل العدو حماقاته فلن يلقى منا إلا الردود التي ستوجعه». وكانت الكتائب حذرت شركات الطيران الأجنبية بعدم تسيير أي رحلات تجاه الدولة العبرية للخطر الكبير الذي قد تتعرض له، في حين إن الاحتلال حول مسار الطائرات، ودوت صفارات إنذار في غير منطقة من جنوب إسرائيل خاصة في منطقة «سدوت هنيغف» والمجلس الإقليمي مرحفيم. واعترف الناطق العسكري الإسرائيلي بقصف طائراته لمسجد في غزة، وتدميره بحجة استخدام المسجد كمخزن للصواريخ والوسائل القتالية. فشل القبة الحديدية وأقر مسؤول تطوير منظومة «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ بفشل المنظومة في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، والتي غطت معظم المدن والمستوطنات الإسرائيلية. وأعلن خلال استضافته من قبل القناة الثانية العبرية ليل الجمعة أن منظومات القبة الحديدية ال7 المنصوبة في مناطق مختلفة لم تعد تعترض سوى سدس الصواريخ أو أقل منها، وأشار إلى أن تعديلات أجراها الجيش على منظومات القبة خلال الأيام الماضية لأسباب لم يعرفها هو. ونبه إلى أن أموالًا ضخمة لا حصر لها وبعيدًا عن موازنة الحكومة صرفت لبرنامج «القبة الحديدية» بشكل مستقل، والتي بدأ العمل عليها منذ 2004، وخضعت للتجربة عام 2007، وقال: «هي صناعة أمريكية قمنا بتطويرها والآن نعترف بفشلها». يشار إلى أن القناة العبرية الثانية كانت قد دعت الإسرائيليين صراحة عدم الاعتماد على منظومات «القبة الحديدية»، واعترفت أن منظومة «القبة الحديدية» فشلت في اعتراض الصواريخ التي أطلقت على مناطق جنوب ووسط «إسرائيل»، وكشفت أن المنظومة تمكنت من اعتراض صاروخ واحد فقط من الصواريخ ال5 التي أطلقتها كتائب القسام على مدينة «ديمونا» التي يوجد بها المفاعل النووي. وتساءلت القناة العبرية «كيف القبة الحديدية لم تعد تمسك الصواريخ؟ فيما كان المسؤولون يتغنون بأنها ستتمكن من التقاط كافة الصواريخ». في سياق متصل أعلن جيش الاحتلال استلامه بطارية ثامنة من منظومات «القبة الحديدية»، وقال: إنه سيستخدمها للتصدي لصواريخ المقاومة.