يتداول العامة والخاصة الحديث الشريف الذي تزداد المداولة والشروح له في شهر رمضان المبارك والذي نصه (صوموا تصحوا) صل الله وسلم وَبَارِكْ وأنعم على قائله الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وحيث اثبتت مجريات الامور العلمية الإعجاز المبهر والدقة المحيرة للكتاب والسنة الذي لا ينكره الا جاهل او جاحد وحيث يعتقد كثير من الناس أن للصيام تأثيراً سلبياً على صحتهم، وينظرون إلى أجسامهم نظرتهم إلى الآلة الصماء، التي لا تعمل إلا بالوقود، وقد اصطلحوا على أن تناول ثلاث وجبات يومياً، أمر ضروري لحفظ حياتهم، وأن ترك وجبة طعام واحدة سيكون لها من الأضرار والأخطار الشيء الكثير وهذا نتيجة طبيعية للجهل العلمي، بطبيعة الصيام الإسلامي وفوائده المحققة وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنه فرض علينا الصيام وعلى كل أهل الملل قبلنا، لنكتسب به التقوى الإيمانية التي تحجزنا عن المعاصي والآثام، ولنتوقى به كثيراً من الأمراض والعلل الجسمية والنفسية، قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» [ البقرة 183]، وقال صلى الله عليه وسلم «الصيام جنة» أي وقاية وستر (الحديث رواه مسلم، وأحمد، والنسائي). والجديد في الحدث هو الاخبار المبهجة التي نقرؤها في الادبيات الطبية المتخصصة عن الدور الضارب والمؤثر لعملية الصيام على الخلية السرطانية حيث تحرم من أهم عوامل الوقود لتلك الخلية وهو الجلوكوز بينما تستغني الخلية الطبيعية ببدائل من خلال عملية ال(ketois) وحيث يصاحب عملية الصيام تقليل كمية الشحوم ما حول الاعضاء داخل الاحشاء وحيث يعلم لدى أهل الاختصاص القدرة الهائلة للشحوم على اختزان وتذويب الشحوم لمواد سمية قد تلعب دورا هاما في تحوير عمل الخلايا الطبيعية الى المسار السرطاني -وقانا الله واياكم- فان عملية اذابة شحم الاحشاء حول الاعضاء من خلال الصيام هو مبشر خير في هذا الاتجاه، لا سيما وان المولى عز وجل جعل من ذوبان شحم ما حول الاعضاء عملية سهلة وسريعة، حيث ثبت ذوبانها في اثناء تأدية التمارين بعد 15 دقيقة فقط، والمعلوم لدى القاصي والداني ان امراض السرطان هي ذروة ما يسمى بالامراض المستعصية والتي لا يزال الطب الحديث يقف موقف العاجز عن علاج وشفاء معظمها، ويتأكد ذلك في الحالات المتقدمة المصاحبة لانتشار المرض والعياذ بالله. والعجيب في الأمر والذي أضعه ويضعه غيري حول العالم موضع التساؤل هو ادعاء بعض الدوائر الدوائية كفاءة الادوية والتي أصبحنا نعلم يقينا انها قد تعالج مرضا ولكنها تنتهي بقائمة مؤلمة من الامراض التي تحيل المصاب الى وضع جديد، يستحث جميع الشرفاء في العالم للتفكير وبطريقة فورية من خارج الصندوق لايجاد حلول غير تقليدية والتي ارى رأي العين، الصيام على رأسها، فوضعية الخلايا في حالات الصيام او ما يسمى Diet Restriction تجعل من الخلية السرطانية افقر وقودا واضعف وضعا بل وان تقبلها واستجابتها للعلاجات الكيماوية تكون افضل، كما اثبت عدد من البحوث التي يجب دعمها للوصول الى تثبيت بروتوكولات عالمية آن لها الاستفادة من عبقرية الصيام اضافة للحلول غير التقليدية الاخرى المتمثلة في بدائل غذائية نافعة بدل السموم القاتلة المتمثلة في الادوية الكيميائية. والعجيب في الامر ان بعض الباحثين في علم الصيام ينصح بصيام معدّل وذلك بصيام يوم وافطار آخر، وهو ذاته صيام سيدنا داوود ففي الصحيحين واللفظ للبخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً»، وبين المناوي في فيض القدير الحكمة من هذا الصوم بقوله: فهو أفضل من صوم الدهر؛ لأنه أشق على النفس بمصادفة مألوفها يوماً ومفارقته يوماً. ويعلق حجة الاسلام الامام الغزالي بقوله: وسره أن من صام الدهر صار الصوم له عادة فلا يحس وقعه في نفسه بالانكسار، إنما تتأثر بما يرد عليها لا بما تمرنت عليه. وهو بالتاكيد تأرجح فسيولوجي ذو اثر مقو للجسد ويؤيد هذا ويقوي فكره بحث حديث اجري العام 2013م في معهد ماكس بلانك الألماني بعنوان ‘Fasting time for cancer cells' او صيام الخلايا السرطانية والذي انتهى الى ان في الجسد خلايا سرطانية في الاحوال الاعتيادية تكون في طور بيات وخمود وتحتاج لبعض المكونات الغذائية لزيادة التموين الدموي لها وبالتالي نموها كسرطان، والصوم يكبح هذه الدائرة باذن الله تعالى، وهذا المفهوم هو الذي دفع بالبروفسور توماس سي فريد لكتابة كتابه (Cancer as Metabolic Disease) او السرطان كمرض أيضي، والذي يؤكد من خلاله حقيقة ان جميع انواع السرطان بصرف النظر عن خلية وعضو المنشأ تشترك في نشاطها الزائد المسمى (Aerobic Glycolysis) أو تكسىر السكاكر الكبيرة لتوفير الجلوكوز للخلية السرطانية وهو مبدأ يستفاد منه طبيا في تصوير الأورام، والصوم الذي يحرم الخلايا السرطانية وقتيا من مغذياتها يعمل كذلك على انقاص مستوى الانسولين ومركب IGF-1 ذو الاثر الفاعل في تبادل الخلايا السرطانية لاشارات هامة لنموها في سلسلة معقدة من التفاعلات اختصرها معلم الانسانية وسراجها المنير بدعوته العظيمة لنا (صوموا تصحوا) عليه افضل الصلاة والتسليم، وعلى الله قصد السبيل.