لقد شرع الله سبحانه صيام شهر رمضان وجعله أحد أركان الإسلام كما سنَّ لنا النبي صلى الله عليه وسلم صيام التطوع على مدار العام كصيام التاسع والعاشر من محرم وصيام يومي الاثنين والخميس، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام يوم عرفة مما يدل على أن للصوم فوائد صحية واسعة لا تقتصر على الجوانب الإيمانية بل تتسع لتشمل كافة الأجهزة الحيوية في جسم الإنسان كالجهاز الدوري والقلب، والجهاز الهضمي والجهاز التناسلي والجهاز البولي ولقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الصيام يساعد في شفاء كثير من الأمراض بمشيئة الله انطلاقاً من قوله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: [صوموا تصحوا] وهذا الحديث رواه الطبراني في معجمه وسوف أورد في هذا المقال ما ذكره الدكتور زغلول النجار في كتابه (الإعجاز العلمي في السنّة النبويّة) عن الإعجاز العلمي في هذا الحديث النبوي الشريف يقول: لقد أظهرت نتائج الدراسات العلمية حول الصيام أن الأداء البدني للصائم من طلوع الفجر إلى الغروب أفضل من أداء غير الصائم نظراً لتحسن درجة تحمل الجسد للمجهودات العضلية وتحسن أداء القلب والجهاز الدوري والجهاز الهضمي والجهاز التنفسي أثناء الصيام، ومن هنا تتحقق قلة الشعور بالإجهاد وتحمل ما لا يمكن للفرد تحمله في ساعات الإفطار وذلك لاختلاف مصدر الطاقة بين الصائم والمفطر وأما إذا ازدادت مدة الصيام على المتوسط الذي يتراوح بين 12 ساعة إلى 14ساعة فإن الأداء البدني في جسم الصائم يبدأ في التأثر. ومن المعروف كذلك أن الصيام يسبب انصهار الدهون في الجسم مما يؤدي إلى زيادة الأحماض الدهنية في الدم والتي تصبح مصدراً رئيساً لطاقة الصائم بدلاً عن الجلوكوز في حالة المفطر وهذا بدوره يساعد على تقليل استهلاك مادة "الجليكومين" في كل العضلات والكبد أثناء بذل الجهد من قبل الصائم كما يساعد في ضبط مستوى سكر الجلوكوز في الدم الذي يؤدي نقصه إلى شعور الإنسان بالإعياء. كما أن حالة الرضا النفسي للصائم وارتفاع معنوياته نظراً لشعوره بالقرب من الخالق سبحانه وتعالى ولإحساسه بالقيام بعبادة من أشرف العبادات وفي شهر يعد من أفضل شهور السنة وأكثرها بركة ورحمة وعتقاً من النار كل ذلك يؤدي إلى زيادة واضحة في داخل جسم الصائم لعدد من الهرمونات النافعة مثل مجموعة (الأندروفين) التي يعزى إليها تحسن الأداء البدني وقلة الشعور بالإعياء والجهد . فما أحكم من شرع الصيام جل في علاه وما أصدق قول الرسول عليه الصلاة والسلام "صوموا تصحوا". ومن البدهيات كذلك أن توقف الإنسان عن متابعة نظام غذائه اليومي يؤدي إلى إراحة الجسم الذي يبدأ خلال فترة الصيام في التخلص مما تراكم فيه، لأنها إذا تراكمت في جسم الإنسان أهلكته وأن أفضل وسيلة لطرد تلك السموم هي الصيام ومن هنا شرع لنا ربنا تبارك وتعالى صيام شهر رمضان وجعله أحد أركان الإسلام كما سن لنا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام صيام التطوع وصيام الكفارات وصيام النذر على مدار العام وكان صلى الله عليه وسلم مواظباً على صيام التطوع كما أوصى أمته بالصوم أنه من أفضل العبادات ووسيلة مثلى للمحافظة على الصحة وسمو الروح وتزكية النفس وذلك في قوله عليه الصلاة والسلام: (صوموا تصحوا). فمن الذي علَّم ذلك النبي الأمي تلك الحقيقة العلمية في زمن لم تعرف فيه المعامل المخبرية ولا المستشفيات الطبية قبل ألف وأربعمائة وثلاثة وثلاثين عاماً في أن الصيام سبيل إلى صحة الأبدان؟!! إن الله العليم الحكيم الذي أوحى إليه بعلمه المحيط ليكون ذلك أصدق شاهد على صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وليزداد الذين آمنوا إيماناً وصدق الله العظيم إذ يقول عن نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم: {وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى. علمه شديد القوى}. عبدالله محمد بن حميّد المستشار الشرعي بإمارة منطقة عسير