لم تخيب الميزانية الجديدة الظن بها، وجاءت كالمعتاد، قياسية في أرقامها ومخصصاتها، حاملة رسالة، مضمونها أن المملكة العربية السعودية، تواصل مسيرة التنمية بقوة وإصرار، من أجل رفاهية المواطن، وازدهار الوطن، رغم ما يعانيه العالم من تقلبات اقتصادية غير عادية، جعلت أكبر اقتصاديات الدنيا تنكمش وتتقوقع، ومن يستقرئ بنود الميزانية، يستشعر بعض القلق، الذي لا يعكر فرحتنا جميعاً بميزانية هي الأكبر في تاريخ البلاد. لا نقول جديداً إذا أعلنا أن النفط يبقى اللاعب الأول في ميزانيات المملكة، وارتفاع أسعاره إلى أكثر من 100 دولار للبرميل خلال العام 2011، أنعش الميزانية، ورفع من مخصصات الوزارات والخدمات كافة، وإن كان النفط نعمة كبيرة، فأخشى أن يكون العكس إذا ما تغيرت الظروف، ونجح الغرب في إيجاد مصادر بديلة للنفط، أو أن هذه السلعة نضبت تحت الأرض بحسب توقعات الدراسات العلمية، فماذا ستكون عليه ميزانياتنا المقبلة؟، أرى أن هذا السؤال ليس له مخرج، سوى تطبيق ما أوصت ودعا إليه ولاة أمرنا، بضرورة تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على النفط وحده، خوفاً أن يصيبه مكروه لا سمح الله. وإن كان النفط نعمة كبيرة، فأخشى أن يكون العكس إذا ما تغيرت الظروف، ونجح الغرب في إيجاد مصادر بديلة للنفط، أو أن هذه السلعة نضبت تحت الأرض بحسب توقعات الدراسات العلمية، فماذا ستكون عليه ميزانياتنا المقبلة؟،.أمر آخر أنبه إليه، وهو حجم الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية، الذي تضاعف نحو ثلاث مرات في فترة وجيزة، إذ كان قبل خمس سنوات نحو 92 مليار ريال، والآن وصل إلى نحو 280 مليار ريال، ومن يتصور أن هذا الإنفاق ينعش وتيرة العمل في المملكة، ويعزز امكانات القطاع الخاص، فهو يتناسى أنه بالتوازي مع هذا الإنفاق، يتولد التضخم الذي يعانيه محدودو الدخل، مما يستوجب أن يكون الإنفاق الحكومي مناسباً لقدرة الاقتصاد السعودي، لتجنب التضخم الذي مازال يتجاوز 5 بالمائة. أعود وأكرر أن بنود الميزانية، تجعلنا مطمئنين على مستقبلنا ومستقبل أبنائنا، الذين نالوا القسط الأكبر من المخصصات، في مجالات التعليم العام والعالي بما يتجاوز 168 مليار ريال، وهذه الجزئية الأهم والأعمق، لأنها ذات مدلول كبير، يشير إلى أن المملكة تستثمر في الإنسان، راغبةً في إيجاد أجيال واعية ومثقفة، تقود المسيرة، وتحقق ما نطمح إليه جميعاً. [email protected]