العلاقة بين الإعلام والمجتمع علاقة مركبة ومتشابكة.. معقدة ومتداخلة.. تتوازى وتتقاطع.. تتجاذب وتتنافر.. ذلك التشابك والتداخل والتوازي والتقاطع يتوقف على طبيعة الدور الذي تقوم به وسيلة الإعلام في المجتمع، الذي لم يعد خافياً على أحد اتساع نطاق ذلك الدور وازدياد تأثيره وتعدّد صوره في الآونة الأخيرة، مع نجاح بعض وسائل الإعلام في حشد الرأي العام لتأييد قضية ما أو رفض قضية أخرى.. الأمر في حد ذاته قد يكون إيجابياً، إن كانت كل وسيلة إعلام تقوم بالدور المنوط بها، والمفترض أن تقوم به في خدمة مجتمعها ووطنها، بحيادية ومنهجية ومهنية، هذا الدور نستطيع أن نسيطر عليه ونقيّمه ونقوّمه في حال الإعلام الوطني، ولكن في عصر العولمة والسماوات المفتوحة، وتدفق المعلومات علينا من كل حدبٍ وصوب سواء عن طريق الفضائيات أو الإنترنت لم تعُد تلك السيطرة ممكنة، كذلك لا يعقل أن نسدّ أسماعنا وأن نغلق عيوننا أمام ذلك الفيض المتدفّق من المعلومات، وهنا يجب الانتباه لأكثر من أمر، أصبحت هناك حاجة ماسة لأن يقوم الإعلام الوطني بتطوير أدائه والرفع من مستواه، والمناخ الإعلامي الرائع الذي وفره أولو الأمر في بلادنا يتيح لأي إعلام جاد وهادف أن ينمو ويزدهر متى كانت لديه مقوّمات النجاح أن ذلك الفيض من المعلومات يلقي على الإعلام الوطني بمختلف صوره المقروء والمسموع والمرئي مسؤولية أن يحوز على ثقة جمهوره، وبالطبع لن يحوز على تلك الثقة ما لم يطوّر من أدائه ويحترم عقلية قرائه ومستمعيه ومشاهديه، وهذا يقتضي بالطبع أن تكون معالجته متوازنة، تتناول الإيجابيات ولا تتجاهل السلبيات، تشيد بمن أحسن وتوجّه سهام النقد لمن قصّر، كما يفرض في الوقت نفسه مسؤولية على النخب من مثقفين وكتاب، وإعلاميين وخبراء، بضرورة اليقظة الدائمة تجاه ما تبثه بعض وسائل الإعلام التي قد تسعى إلى دسّ السُّم في العسل، وإلباس الباطل ثوب الحق، وكشف تلك المحاولات حتى لا يقع البعض ضحية تضليل تلك القناة أو ذلك الموقع الإلكتروني أو هذه الصحيفة، ولم يعُد يخفى على أحد أن بعض الدول أصبحت تستخدم الإعلام كسلاح تهدّد به من تريد وتتوعّد به من تشاء، ومن هنا وجب الحذر من أي فضائيات تسعى لنشر الفتنة وبث الفُرقة. لذلك أعود وأقول أصبحت هناك حاجة ماسة لأن يقوم الإعلام الوطني بتطوير أدائه والرفع من مستواه، والمناخ الإعلامي الرائع الذي وفره أولو الأمر في بلادنا يتيح لأي إعلام جاد وهادف أن ينمو ويزدهر متى كانت لديه مقوّمات النجاح، وهنا أيضاً على كل مسؤول في موقعه فتح بابه أمام الإعلام، ليسلط الضوء على إنجازاته، أو يرد على شكاوى الجمهور وانتقاداته، لا بد أن يكون هناك تعاون بين الإعلاميين والمسؤولين، وكلما كان هناك تفهّم من كل طرف لطبيعة عمل الطرف الآخر وحدود دوره نجح الطرفان في توحيد جهودهما للنهوض بالمجتمع. وختاماً، الإعلام سلاح ذو حدّين إن أحسنّا استخدامه أصبح سلاحاً في أيدينا، يبني ولا يهدم، يرفع ولا يخفض، يُعيننا على مواجهة الجهل ومحاربة الخرافات ونشر التوعية، أما إذا أسيء استخدامه فسيكون وبالاً على المجتمع لأنه قد يكون سبباً في بث الفزع وإثارة القلق، ومن هنا تأتي أهمية الإعلام الجاد الهادف. [email protected]