إذا استقرأنا إحصائيات حوادث المرور وما تخلفه من قتلي ومعاقين على الطرق السريعة في الصحاري وفوق الجبال وفي الوديان داخل التجمّعات السكنية وخارجها سنفاجأ بالحقائق والأرقام المذهلة، فمنظمة الصحة العالمية في تقريرها السنوي صنّفت المملكة العربية السعودية الأولى في حوادث المرور وأعداد الوفيات والمصابين على مستوى العالم العربي للثلاث السنوات الماضية على التوالي، كما أعلن مدير عام المرور اللواء سليمان المعجل وقوع أكثر من خمسمائة واربعة وأربعين ألف حادث في العام الماضي 1432ه/ 2011م تسببت في وفاة سبعة آلاف ومائة وثلاث وخمسين وفاة بمعدل عشرين وفاة يومياً، وما لا يقل عن أربعين ألف مصاب بمعدل مائة وثلاثين شخصاً مصاباً بالعجز الكُلي أو النصفي يومياً وقد تركت هذه الحوادث أسراً مفجوعة بفقدان ولي أمرها أو أبنائها أو تعطل أفرادها وأرملت العديد من الزوجات أو الأزواج ويتّمت الآلاف من البنين والبنات إضافة الى ما ينتج عن ذلك من مآسٍ اجتماعية ونفسية واقتصادية على مستوى الأسرة والمجتمع. ومعلوم أن السلامة المرورية تعني الأمن الاجتماعي حيث تأتي في منظومة الأمن الوطني العام اجتماعياً واقتصادياً وإنسانياً ومع أهمية هذا الموضوع الحيوي الهام فقد تجاهلت مناهج التعليم ترسيخ مبادئ السلامة المرورية لدى الأجيال بنين وبنات. ولأول مرة في تاريخ المملكة تعقد الجمعية السعودية للسلامة المرورية الملتقى الأول للسلامة المرورية في الفترة من 17 – 18 محرم 1433ه/ 12 – 13 ديسمبر 2011م في فندق شيراتون الدمام وتبنّته جامعة الدمام بدعم من أرامكو السعودية، فشكراً لجامعة الدمام في ريادتها العلمية وصاحبة السبق لاحتضانها هذا الملتقى ولمشاركتها الفعّالة لأول مرة في تاريخ الجامعات السعودية، وشكراً لأرامكو السعودية رائدة السلامة الأولى في المنطقة الخليجية لدعمها هذا الملتقى الحيوي الهام وشكراً للجمعية السعودية المنظمة للملتقى، وما أحوج البلاد الى عقد العديد من ملتقيات السلامة المرورية بل السلامة بمختلف مجالاتها وتخصصاتها في الأسرة والمؤسسة التعليمية والطرق والمنشآت الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في كل مناطق البلاد. وفي كلمة معالي مدير جامعة الدمام الدكتور عبدالله بن محمد الربيش، رئيس اللجنة العليا للملتقى التي تصدّرت كتاب الأبحاث وأوراق العمل بين المحاور الخمسة للملتقى وهي: (التعليم والتثقيف والتوعية، الضبط المروري، هندسة السلامة المرورية، خدمات الطوارئ والعناية الطبية، التخطيط والإستراتيجيات) ولقد شارك في الأبحاث العديد من العلماء والخبراء من داخل المملكة وخارجها. وأتوجّه الى وزارة التربية والتعليم متسائلاً عن دور مناهج التعليم العام في تعليم الأجيال السلامة المرورية وقواعدها وأنظمتها نظرياً وتطبيقياً، والى متى تتجاهل هذه الوزارة أهمية السلامة المرورية في مناهجها التعليمية بل السلامة والأمن في الأسرة والمجتمع وهل يدرك المعنيّون في الوزارة أن قسماً كبيراً من طلبة التعليم العام بالمدارس المتوسطة والثانوية يقودون سياراتهم بأنفسهم ويحتاجون الى التعليم والتثقيف المروري، وهل يدرك المعنيون أن استجابة مناهج التعليم لمتطلبات المجتمع ثقافياً وأمنياً واجتماعياً واقتصادياً تشكّل أولوية تربوية استراتيجية، وأنه ينبغي أن تعنى مناهج التعليم بحاجات المجتمع بتعليم الأجيال وتثقيفهم بما يُسهم في تعزيز الأمن والسلامة وحفظ أرواح المواطنين والمقيمين؟. [email protected]