معالي الدكتور عبد الله العثمان رجل وطني عظيم, لا تضيره التهم ولا تفتّ في عضده السهام, فهو كشجرة مثمرة طيبة, ترميها بحجر فتعطيك أجود الثمر. ومهما أوَّل المتأولون فيما كتبته بشأن المقال السابق ،فليس له معنى! لأن الذي بيني وبين (العثمان/الإنسان) أكبر من كل صغائر أو أحقاد. كنت غاضباً فهدّأني. وكنت متسائلاً فأجاب عن أسئلتي. وكنت حائراً فجلَّى وجه الحقيقة الناصع. إن ما كتبته لا يعد إلا حواراً بين الأجيال؛ إنه حوار الابن لأبيه, ومهما اختلت معايير الحوار والطيش لهذا الابن فقد كان الأب أكثر رحمةً وهدوءً وشجاعة, هاتفني جزاه الله خيراً وحاورني في كل نقطة, وذكر أن الجامعة لم تدفع أموالاً كما ذكر تقرير مجلة ساينس, وليست هي المتهمة الوحيدة حتى أوجّه لها اللوم والعتب بل كان معها مؤسسات أكاديمية أخرى. وكان بودِّي لو أقامت تلك الجهات الأكاديمية المتهمة مؤتمرات صحفية لتوضِّح للرأي العام ملابسات الأمور وتوضيح أساليبها العلمية والبحثية. لا أدري ما الذي يفترق فيه الباحث الوطني عن الباحث الوافد في مثل هذه المسائل؟ ولماذا تحرم الجامعات أبناءها شرف خدمة الوطن في هذا القطاع المهم؟ إن هذه المعاناة نتيجة طبيعية لأن يطيش المرء ويغضب لكثير من المفارقات التي نجدها في جامعاتنا, ولست صاحب تجربة مفردة فكثير من زملائي وأصدقائي في مختلف أنحاء المملكة يعيشون هذه الإحباطات لم يكن الدكتور عبد الله العثمان مديراً لمعادلة الشهادات في الوزارة كما ذكرتُ، ولكنه كان وكيلاً لوزارة التعليم العالي للشؤون التعليمية, وكان منشأ الخلاف والمجادلة بيني وبين إدارة معادلة الشهادات طويلاً في صيغة المعادلة التي تقول: (تعادل الماجستير لغير الأغراض الأكاديمية والتربوية), وهذه الصيغة تنهي الدرجة والشهادة المتحصل عليها, لاسيما أن تخصصي هو من التخصصات الإنسانية في آداب اللغة العربية, ولا تخرج عن هذين الأمرين إما أكاديمية أو تربويةً, وهذا الأمر الذي سبب الاحتدام وكثرة المطالبات مني ومن غيري الذين تضرّروا من هذه الصيغة التي وضعت بسبب تدني معدل الدرجات في مرحلة البكالوريوس. وظلَّ هذا الأمر مدة ليست بالقليلة, حتى قيّض الله تعالى للأمر رجلاً هو الدكتور عبد الله العثمان وكيل الوزارة للشؤون التعليمية سابقاً, وكان له دوره في تغيير اللوائح القديمة لتكون منصفة للدارسين, ولا تُلحِق الضرر المعنوي أو المادي بمن حققوا نجاحات علمية حتى وإن كانت درجاتهم في البكالوريوس (مقبول أو جيد), وللحقيقة لا أنكر دور الدكتور العثمان في هذا الأمر فقد كان ينظر له بمستوى من الإنسانية والوطنية, لم أكن وقتها أعلم بجهوده ،فقد كانت متابعاتي مع مدير معادلات الشهادات الذي (ما يبرِّد القلب) سامحه الله, وأقترح عليَّ بعض الأصدقاء أن أتواصل مع الوكيل العثمان ،وتواصلت معه هاتفياً وتفاجأ الدكتور عبد الله العثمان بهذا السيل الهادر من غضبي وإحباطي ،وهو الذي أشرت إليه سابقاً عندما قلت: (كنت أصرخ فيه بشدة, وكان انفعالي يزداد كلما تذكرت المعاناة التي خضتها، والتجربة المؤلمة التي سعيت فيها بتوفيق الله تعالى دون أن أحصل على ريال واحد من وزارة التعليم العالي في إعانة دراسية أو تمويل بحث من بحوثي!), وكان الدكتور العثمان حريصاً على أن تكون إدارة معادلات الشهادات ممسكة بالعصا من النصف, وتخرج نفسها من أي حرج لها أو عليها. وبالفعل فقد أخرجها من أزمتها، وكان هو عرَّابها وقائدها لهذا الإنصاف بعد سنوات خلت من التعنت والرفض من السابقين. أنهيت الماجستير في عام 2001/2002م, وصدر قرار اللجنة بتاريخ 6/11/1425ه معدلاً بالصيغة التالية: (إن شهادة الماجستير في الآداب تخصص لغة عربية الحاصل عليها سمير الضامر من جامعة مؤته بالمملكة الأردنية الهاشمية عام 2001/2002م تعادل الماجستير في ذات التخصص ويترك تقدير كفاءته الأكاديمية للجهة التي ترغب تعيينه على وظيفة أكاديمية). بهذا تكون المعادلة قد تمّت ولله الحمد, ولكن لم أستفد منها مع جامعاتنا التي رمت بهذا القرار عرض الحائط, وهذا من أهم الأمور التي أثارت حفيظتي عندما وقعنا في هذه المفارقة عندما تُهمش جامعاتنا أبناء الوطن من الباحثين, وتستقطب باحثين من خارج البلاد! ولا أدري ما الذي يفترق فيه الباحث الوطني عن الباحث الوافد في مثل هذه المسائل؟ ولماذا تحرم الجامعات أبناءها شرف خدمة الوطن في هذا القطاع المهم؟ إن هذه المعاناة نتيجة طبيعية لأن يطيش المرء ويغضب لكثير من المفارقات التي نجدها في جامعاتنا, ولست صاحب تجربة مفردة فكثير من زملائي وأصدقائي في مختلف أنحاء المملكة يعيشون هذه الاحباطات. أما أنت يا معالي الدكتور عبد الله العثمان فلست أعتب عليك, ولا أنكر أياديك وأفضالك وقد شهد لك القريب والبعيد, وكان المفترض منِّي ألّا أضع كل رجالات التعليم العالي في كفة واحدة, فجهودك واضحة مشكورة. إنني لا أنكر أن الغيرة أخذتني في رؤية إنجازات أكاديمية وطنية ليس لي معها حظٌ أو نصيب ،وأنا الذي سعيت بكل ما أستطيع لأكون رهن إشارة الوطن في مجالات تخصصي, وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم الذي قادني لخلط الأوراق, وكان لابد من تصحيح ذلك. [email protected]