تأتي القمة الخليجية يوم غد في الرياض في توقيت مهم سواء بالنسبة لدول مجلس التعاون أو للعالم العربي أو الدولي فالظروف المحيطة دقيقة في ظل تحولات كبيرة شهدها الوطن العربي حيث تغييرات جوهرية حدثت، تمثلت في حراك شعبي كبير نتج عنه سقوط أنظمة وصعود قوى سياسية جديدة. ولعل أكثر ملفات القمة تحديا هو الملف الإيراني والملف السوري والملف الاقتصادي لدول المجلس وهي ملفات ساخنة وتتطلب تنسيقا أكبر في مجال التنسيق السياسي فالملف الإيراني متصاعد ويفرض على المجلس أن يتخذ قرارات هامة في سياق شراسة النظام الإيراني بالتدخل في الشؤون العربية وممارسة التحريض المستمر وتأجيج الصراعات الطائفية لخلط الأوراق والاستفادة منها في الملف النووي الذي هو جوهر التهديد لدول الخليج وللمنطقة فالطموحات الإيرانية لا تقف عند حدود التهديد بل تتعداها إلى إحداث تغييرات في النظام الإقليمي مما يهدد استقرار وأمن دول وشعوب المنطقة وهذا ما نشهده عبر استعراض عضلات القوة والتصريحات العدائية لدول المنطقة لفرض الأجندة الإيرانية وأمر واقع بالقوة. وكذلك الملف السوري بعد توجه الجامعة لإحالة الملف السوري لمجلس الأمن في ظل مماطلة النظام في التوقيع على بروتوكول الجامعة العربية وهو توجه تجد الجامعة العربية أنه الخيار الوحيد لإيقاف الدماء في سوريا والمفترض من القمة أن تتعامل مع هذا الملف بما يتناسب مع مصلحة الشعب السوري. ودول المجلس أكثر حرصا على الوصول إلى حل عربي للملف لكن النظام السوري سد الأبواب في وجه الخيارات العربية وماطل بما فيه الكفاية. إن قمة مجلس التعاون الخليجي مهمة بعد أن أثبت المجلس قوته الإقليمية والدولية وتماسكه في المفاصل والمتغيرات الإقليمية والدولية مما يبقيه في مجال التأثير والنموذج الذي يجب أن تكون عليه المنظمات الإقليمية لحماية مصالح شعوبها والقدرة على التأثير في السياسات الدولية. بالتأكيد قادة المجلس وهم يعقدون قمتهم يدركون أن أنظار المراقبين السياسيين الدوليين ينتظرون نتائج مشاوراتهم وقراراتهم التي ستعطي للعرب قوة ومصداقية في ظل متغيرات سريعة يشهدها رهاننا السياسي الإقليمي والدولي وقد أثبت المجلس قدرته الكبيرة على التأثير والتطور المستمر في مواجهات كافة التحديات المطروحة على دوله. حكمة قادة المجلس في تمثيل مصالح دولهم وشعوبهم محل تقدير المجموعة الدولية التي ترى في المجلس قوة إقليمية مؤثرة هدفها تأمين الأمن والسلام في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط والعالم وهذا ما يعزز من متانة القرارات التي يتخذها القادة لتأمين مصالح دولهم وشعوبهم.