حالة من القلق والفزع أصابت أهل الفن بعد فوز حزبي «الحرية والعدالة» ،الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين، و»النور» السلفي بنسبة كبيرة من الأصوات في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، وسنتعرف على أسباب هذا القلق من خلال هذا التحقيق.. في البداية يقول الفنان أحمد بدير : الفن المصري ليس كيانا صغيرا هشا ولكنه كيان قوي صلب صعب تكسيره او هدمه او اعادة تشكيله ، فالفن المصري وصل الى درجة كبيرة من التطور والازدهار ولن نسمح بأى يد تؤثر فيه او تؤخره ، وفوز حزب «الحرية والعدالة» في المرحلة الاولى كان متوقعا بالنسبة لي شخصيا ، لان الاخوان منظمون جدا ، وانا ضد تيار الاسلام السياسي، وضد من يحاول أن يوهمنا بأننا كنا بلد كفرة وسنصبح بلد مؤمنين ، فالدين والعقيدة هي علاقة الانسان بربه وليس لاحد ان يتدخل بها مهما كان ، ولذلك فالاعتدال واجب، واذا اراد الاخوان ان يحكموا مصر، فلابد ان يضعوا كلمة «الاعتدال» نصب أعينهم ، حتى لا يفقدوا من انتخبهم. وأضاف بدير : أحب أن أشير الى شيء في غاية الاهمية وهو ان من سيعمل لمصلحة الوطن فسنسانده جميعا ، ومن سيعمل ضد مصلحة الوطن ولمصلحته الشخصية فميدان التحرير ليس بعيدا ، وسنعطي للاخوان الفرصة اذا تأكد فوزهم بشكل نهائي لكي نعرف ماذا سيفعلون بنا . ولكن الفنانة «هند صبري» تقول : «تابعت بشغف بالغ المرحلة الاولى من المعركة الانتخابية في مصر ، وأريد ان استغل الفرصة للحديث عن تجربة الانتخابات التي اجريت في تونس مؤخرا وانتهت بفوز حزب النهضة الاسلامي بالاغلبية ، وارى انه لا خوف على الاطلاق من وصول التيارات الدينية إلى الحكم فى مصر أو تونس لان ذلك لن يكون نهاية الطريق ، والشعوب العربية لن تقبل بعد الربيع العربى أن تعود إلى الماضي وأن يتم تزييف إرادتها مرة أخرى واذا حاولت أي قوة مهما كانت ان تحتكر الحكم وتغير من حياتنا فسوف نتصدى لها . وتضيف هند : «الإسلام دين الوسطية والمحبة والتسامح، ويستوعب كل الأفكار والأديان، ولا يمكن لاي تيار سياسي ان يحتكر الدين باسمه ليفرض سيطرته على المجتمع» . أما الناقد السينمائي «نادر عدلي» فيرى أنه منذ ان اعلن التيار الاسلامي تكوين حزب باسمه ، ووضعوا في برنامجهم انتاج اعمال فنية تتناسب مع هذا التيار ، واعلنوا تحديدا انتاج عمل عن «حسن البنا»، واستعانوا بممثل من سوريا ليقوم بهذا الدور بالاتفاق مع شركة كويتية ، وهذا يعني انهم اعترفوا بالفن على الرغم من انهم كانوا من قبل يكفرونه ، فالوضع السياسي الجديد جعلهم يقبلون هذه الصيغة ، لكن في اتجاه آخر يريدون انتاج اعمال ذات طبيعة دينية اكثر مما قبل ، فالاخوان لم يرفضوا الفن على عكس السلفيين . وأشار عدلي إلى أن الاخوان والسلفيين سيكون بينهما معركة على هذا في اطار الفن ، لكن على مستوى آخر فهم يضعون نصب أعينهم التجربة الايرانية ، على اساس ان يقدموا اعمالا تكون بها المرأة ترتدي الحجاب ويبتعدوا عن المحظورات «الجنس والسياسة» ، ، اما عن رأيي الشخصي فإن تلك التجربة لا تصلح ، فكيف نتخيل مصر بدون ادب وفن وسياحة فهي بذلك ستتحول الى دولة اخرى ، وحتى لو وصلوا للحكم ستكون فترة استمرارهم محدودة لان هذا الشعب وسطي ومعتدل، واجباره على اشياء لا يريدها امر غير مستساغ ، وايضا من الواضح في برامجهم الآن انهم ليس لديهم خبرات كافية في المجال السياسي والاقتصادي ، واذا لم ينجحوا في تحقيق التقدم لمصر فسيتم استبعادهم ، والتجربة ككل على المحك. ويقول الفنان «عمرو محمود يس» : لدينا مؤشرات كبيرة على فوز التيار الاسلامي بالنتيجة النهائية للانتخابات البرلمانية ، وهذا يرجع من وجهة نظري إلى عدم استعداد الاحزاب الاخرى ، ولان الاخوان وضعهم افضل من اى تيار آخر ، هذا بالاضافة الى السرعة في تكوين الاحزاب السياسية ، وانا أعتب على حزب الوفد لعدم انضمامه الى الكتلة المصرية ، فنحن نريد ان يكون هناك توافق بين مجموعات الأحزاب. ويضيف عمرو : «هناك سبب آخر لاكتساح حزب «الحرية والعدالة» و»حزب النور» وهو ان الشعب المصري معظمه ليس لديه خبرة انتخابية بل معظمهم لم يدلوا بأصواتهم من قبل ، ولذلك عندما أرادوا ان ينتخبوا وجدوا ان التيار الواضح او الذي يعبر عن نفسه هو حزب الحرية والعدالة فالناخب البسيط لم يرى الا التيارات الدينية ، والشعب المصري بطبيعته شعب يهتم بعقيدته جدا. أما عن تخوفاته كفنان من صعود الاسلاميين، فقال : أشعر بخوف شديد من صعود تيار الاسلام السياسي لان معظمهم لديهم آراء متشدده تجاه الفن والفنانين ، ولكني سأترك الامر وسنعطي لهم الفرصة لكي نشاهد ماذا سيفعلون تجاه الفن ، ونحن عندما نتحدث عن «الفن»، فإننا نتحدث عن منظومة متكاملة .. سينما ومسرح وتلفزيون وطرب وغيرها من الفنون المتنوعة ، ومنهم من وعد بالعمل على ازدهار الفن والعمل على تطويره ومن وعد بذلك فانا احترمه جدا لانه يعرف قيمة الفن المصري ، ولكن البعض الآخر لديهم أفكار رجعية ومتشددة والشئ المؤسف فعلا انهم يتهمون من يقف امامهم بأنه ضد الدين الاسلامي ، وانا ضد التيار الاسلامي وضد ان يحكموا البلد، لكني مسلم وعلاقتي بديني ليس لاحد ان يشكك بها.