تتمثل احدى التداعيات المحتملة لتطبيق برنامج نطاقات بتقليص حجم الحوالات المالية المتدفقة من المملكة إلى خارجها. وطبقاً للتقديرات التي نشرتها مؤسسة النقد العربي السعودي، بلغت القيمة الكلية للحوالات المالية التي أرسلها الأجانب العاملون في المملكة إلى أوطانهم الأم في العام الماضي 98,2 مليار ريال سعودي (26,2 مليار دولار)؛ أيْ حوالي ضعف مستويات عام 2005. وصنف تقرير للبنك الدولى المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية على القائمة العالمية لأكبر مصادِر الحوالات المالية للعمالة المغتربة فى العام الماضى؛ ولم تتقدم عليها في هذا المجال إلا الولايات المتّحدة التي يناهز عدد سكانها أحد عشر أمثال عدد سكان المملكة. ووفقا للتقرير فإن التحويلات المالية للعمالة من المملكة تمثل 43 بالمائة من مجموعة التحويلات المالية الذاهبة إلى دول جنوب آسيا و28 بالمائة من مجموع التحويلات إلى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا و 14 بالمائة من مجموع التحويلات المالية إلى أوروبا وآسيا الوسطى و9 بالمائة من مجموع التحويلات المالية إلى الدول الإفريقية و6 بالمائة من إلى دول غرب آسيا. وتُعدُّ الحوالات المالية للعمالة المغتربة مصدراً مهماً للعملة الصعبة بالنسبة للدول المستوردة للنفط في الشرق الأوسط وقارة آسيا، مثل باكستان والهند ومصر. وتعتمد باكستان بشكل كبير على هذه الحوالات. وفي عام 2010، ساهم الباكستانيون العاملون في المملكة ب25 بالمائة من إجمالي الحوالات المالية التي أرسلتها العمالة الباكستانية المغتربة إلى الوطنهم. الجهود المبذولة لتوفير وظائف جديدة للسعوديين قد تُقلّص اعتماد السوق المحلية على العمالة الأجنبية في المدى البعيد، لكنها لن تؤدّي بالضرورة إلى انخفاض سريع في عدد الأجانب العاملين في هذه السوق.وبلغت القيمة الإجمالية لتحويلاتهم 1.92 مليار دولار ، ما يعني أنّ قيمة هذه الحوالات تضاعفت في أقل من أربع سنوات. وتُعدّ المملكة ثاني أكبر مصادر الحوالات المالية بالنسبة لباكستان بعد الإمارات العربية المتحدة. بالتالي، تتقدّم المملكة حتى على الولايات المتّحدة في هذا المجال. وفي العام الماضي، بلغت قيمة الحوالات المالية التي أرسلها الفلبينيون العاملون في المملكة إلى الوطن نحو 1,5 مليار دولار « أي أكثر من نصف مجموع حوالات الفلبينيين العاملين في منطقة الشرق الأوسط. في الوقت ذاته، تُعدُّ المملكة أيضاً مصدَر قرابة ثلث مجموع الحوالات المالية التي تتلقاها بنغلادش من عمّالها المغتربين.
أما مصر، التي تعتبر الحوالات المالية من أهم مصادر دخلها من العملات الصعبة إلى جانب السياحة وعائدات قناة السويس، فقد بلغت قيمة الحوالات المالية التي أرسلها إليها مواطنوها العاملون في المملكة خلال السنة المالية الماضية مليار دولار أمريكي، علماً بأن مصر باتت أقل اعتماداً على المملكة كمصدَر لحوالات عمّالها المغتربين. ففي السنة المالية 2009-2010، كانت المملكة مصدر 10,3 بالمائة من إجمالي هذه الحوالات، ما يعني أنّ مساهمتها في هذه الحوالات انخفضت بنحو 17 بالمائة من مستويات ما قبل خمس سنوات. في المقابل، غدت مصر أكثر اعتماداً على الحوالات المالية القادمة إليها من الكويت (20,4 بالمائة) والولايات المتّحدة (29 بالمائة) والإمارات العربية المتحدة (17,7 بالمائة). ويمكن القول إنّ الجهود المبذولة لتوفير وظائف جديدة للسعوديين قد تُقلّص اعتماد السوق المحلية على العمالة الأجنبية في المدى البعيد، لكنها لن تؤدّي بالضرورة إلى انخفاض سريع في عدد الأجانب العاملين في هذه السوق. وبما أنّ أسعار النفط تحوم فوق المائة دولار للبرميل ولأنّ الأصول الخارجية لمؤسسة النقد العربي السعودي عند مستويات قياسية مرتفعة، ولأنّ الميزانية العامة وميزان الحساب الجاري مرشّحان لتسجيل فائض كبير، فإنّ الاقتصاد السعودي قادر على تحقيق انتعاش كبير في قطاعه الخاصّ خلال السنوات القادمة، إنْ توافرت الظروف المناسبة. وبعبارة أخرى، فإن وجود قطاع خاصّ قوي ويعمل بشكل صحيح سيؤدي الى تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم إلى توفير فرص عمل جديدة للمواطنين، مع إبقاء الباب مفتوحاً أمام الكفاءات الأجنبية المساعدة لنمو الاقتصاد بشكل صحي. لذا، ينبغي على الحكومة السعودية أنْ تتوخى الحذر عند تطبيق برنامج نطاقات الجديد لكي تضمن عدم القضاء على تلك الشركات الصغيرة، التي تتمتع بإمكانات نمو واعدة وجيدة في المدى البعيد. كما ينبغي عليها أنْ توازن بين الحوافز المناسبة والكافية والمعايير الفعالة الغير معقدة لممارسة الأعمال التجارية وضوابط حصولها على الرخص والتأشيرات، مع التركيز على نوعية التعليم والتدريب الممتازيْن في مؤسسات التعليم ومواقع العمل، على حدٍّ سواء.