ارتفع حجم الانفاق العام على التعليم بشكل كبير في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا لتبلغ نسبته 18.6 بالمائة من إجمالي الانفاق الحكومي قياساً بالمعدل العالمي البالغ 14,2 بالمائة، وتوقع تقرير اقتصادي أن تتسع الهوة القائمة بين حجم الإنفاق الإقليمي والعالمي بشكل أكبر نتيجة نمو القاعدة البشرية، والحاجة الملحّة لتوفير فرص العمل، وهو ما يجعل قطاع التعليم في المنطقة واحداً من أكثر القطاعات ربحيةً على مستوى العالم، وأشار التقرير الصادر عن شركة "الماسة كابيتال" إلى أن الحجم الفعلي لسوق التعليم يشهد اليوم نمواً ملموساً على مستوى المنطقة، وقد تبلغ قيمته 75,3 مليار دولار تقريباً، وأضاف إن قطاع التعليم يعتبر اليوم واحداً من أبرز القطاعات الرئيسية المزدهرة بالنسبة للمستثمرين الطامحين إلى تحقيق عائدات جيدة، وذلك ضمن الاقتصادات المتنوّعة التي تتحلى بمرونة لمقاومة الركود. من جانبه قال شايليش داش، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "الماسة كابيتال": "يمكن القول إن هذا التوجّه الإيجابي الملموس في قطاع التعليم يُعزى بشكل رئيسي إلى إدراك الحكومات الإقليمية ضرورة تطوير فرص العمل ومهارات التوظيف لدى الطاقات البشرية المحليّة، وتزويدهم بأفضل الخبرات والمهارات التي تجعلهم قادرين على النهوض والإنتاج"، وأضاف داش: "من المهم للغاية بذل الجهود اللازمة لتوفير سبل التعليم وتنمية المهارات بما يضمن تعزيز الآفاق التنموية الاقتصادية والاجتماعية لأي شخص، وبالتالي فإن الاستثمار في قطاع التعليم هو استثمار مجزٍ في بناء المستقبل". وأشار التقرير الى إحصائيات "البنك الدولي"، والتى أظهرت أن معدل الإنفاق على التعليم في دول مجلس التعاون الخليجي يبلغ 3,6 بالمائة، بينما ترتفع هذه النسبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 4,2 بالمائة. وقال إن السعودية تنفق النسبة الاكبر في المنطقة بنسبة تبلغ 5.6 بالمائة من إجمالى ناتجها المحلى على قطاع التعليم، بينما تنفق دول أخرى مثل تونس والمغرب 6,9 و5,6 بالمائة على التوالي من ناتجها على هذا القطاع. وقال التقرير إن معدل محو الأمية وتعليم الكبار لا يزال يتأرجح حول معدل 80 بالمائة قياساً بنسبة 97 بالمائة المسجّلة في البلدان المتقدّمة. ومن الجوانب الأخرى المثيرة للاهتمام هو نقص عدد السنوات التي يقضيها الفرد في المراحل الدراسيّة والبالغ معدلها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 9,3 عام مقارنةً مع 12 عاماً في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدةالأمريكية. ويتعيّن معالجة هذه المسائل الملحّة عبر إطلاق بعض المبادرات السياسية، كما ينبغي لسياسة الإنفاق العام في المرحلة المقبلة أن تحاول إيجاد الحلول الناجعة لشتى هذه المسائل. وأكد تقرير "الماسة كابيتال" أن شركات الملكيّة الخاصة استثمرت 275,1 مليون دولار (كقيمة معلنة) في 13 مبادرة ومشروع تعاون في قطاع التعليم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ عام 2005. وتطوّرت صورة الوضع على نحو كبير خلال السنوات ال6 المنصرمة، كما شرعت شركات الملكية الخاصة بلعب دور رئيسي في تطوير قطاع التعليم، وبدأ المستثمرون يرون في هذا القطاع استثماراً آمناً على المدى الطويل كونه يحظى بدعم حكومي كبير. ولعل من أبرز المزايا التراكمية للاستثمار في مجال التعليم هو تحلي هذه الاستثمارات بالمرونة الكافية لمقاومة الركود، وتوفيرها فرص التعاون والشراكة المميّزة مع الجهات الحكومية التي توفر سبل الدعم القوي والراسخ، ناهيك عن الثروة البشرية المتنوّعة ضمن السوق المستهدفة. وأضاف: "بلغت أعداد الفتيان والفتيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 52 مليوناً في عام 2009، وقد شهد هذا المعدل اليوم نمواً هائلاً وسط توقعات بتحقيق مزيد من الارتفاع. ومع بلوغ النفقات السنوية لتعليم الطالب الواحد 1,450 دولار، ينبغي على الحكومات أن تمعن النظر في الاستثمار بقطاع التعليم على المدى الطويل. ولابد من التذكير بأن المدارس الخاصة تستأثر ب 15 بالمائة من قطاع التعليم، وهو ما يؤكد بدوره على فرص النمو الكبيرة لتحقيق معدلات عالية من النمو". وتحتم مسؤولية النهوض بنوعية التعليم على الحكومات ضرورة فتح المجال أمام المؤسسات عالية التخصُّص للمشاركة في مشاريع قطاع التعليم؛ وقد ترسّخ هذا التوجُّه بشكل أكبر في ظل إدراك هذه الحكومات بأنها قد تخاطر بنموها الاقتصادي القوي ما لم تستثمر بحكمة في تعليم الأجيال القادمة. وفي خضمّ هذا الوضع الجديد الذي يستوجب وجود المقدّرات المحلية الكافية، لن يكون بمقدور الدول أن تتحمّل أعباء انخفاض مستوى التعليم، والمعدلات الضعيفة للالتحاق والتسجيل في المؤسسات التعليمية، وضعف أداء الكليات التعليمية، ومحدودية المرافق التعليمية، والمناهج قديمة الطراز، ناهيك عن انعدام الثقة بالنظم التعليمية المحلية لاسيما تلك المتعلقة بمراحل التعليم العالي والتعليم المتخصص. وأكدت نتائج الدراسة ضرورة اتخاذ مزيد من الإجراءات الضرورية الملحّة رغم الشروع فعلاً بتطبيق عدد من الخطوات المهمة، فهناك حاجة ماسّة لتأسيس بنية تحتية ملائمة، وتوظيف أفضل الخبرات والمؤهلات عالية الكفاءة، وقد أشارت منظمة اليونيسكو إلى وجود نقص في تأمين كوادر المعلمين المتمرّسين في العالم العربي لاسيما في مصر والسعودية والمغرب. كما أفادت دول المغرب، ومصر، والجزائر، وليبيا، والكويت بوجود بعض أوجه القصور الخطيرة في مناهجها التعليمية التي بات العديد منها قديم الطراز.