تسعى دول مجلس التعاون الخليجي لتنويع اقتصاداتها وتوفير توظيف مستدام لسكانها المتسارعي النمو. وأشار تقرير اقتصادى الى أن دول المجلس اتخذت العديد من الخطوات الواسعة خلال السنوات الماضية في سبيل إنشاء بيئة أكثر ملاءمة لتنظيم العمل، إلا أن محور التركيز حتى الآن كان منصباً أساساً على استقرار الاقتصاديات الكلية والإصلاحات التنظيمية القانونية وزيادة الاستثمارات في التعليم والتدريب، وقال التقرير الصادر عن البنك الاهلى ان التحدى الرئيسى لدول المنطقة يتمثل في ربط أكثر فاعلية بين ثروات المنطقة من رأس المال النقدي ومجموع رأس المال البشري الكبير بها. من جانبه أشار الدكتور جارمو كوتيلين كبير الاقتصاديين بالبنك الأهلي إلى أنه «أصبح من الواضح مؤخراً أن النجاح في الجمع بين الموارد البشرية والتمويل يستدعي المزيد من التركيز على تمكين تنظيم العمل، والأمر المشجع أن مجلس التعاون الخليجي شهد زيادة هائلة في عدد ونطاق مختلف المبادرات من القطاعين العام والخاص التي تستهدف دعم الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم، ورغم أن قطاع الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي يغلب عليه منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة، إلا أن إمكانياتها الاقتصادية لا تزال بعيدة جداً من أن تستغل بالكامل وفقاً للمعايير الدولية، وقال إن منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم تشكل أكثر من 95 بالمائة من عدد الشركات بالخليج، إلا أن إسهاماتها في التوظيف والناتج المحلي الإجمالي متواضعه بقدر كبير، وعلى النقيض من ذلك، نجد أن فجوة منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم صغيرة جداً في الاقتصادات المتقدمة».. تعزيز إمكانية القيمة المضافة للشركات بدول مجلس التعاون الخليجي يعتمد بشكل حاسم على توفير حرية الوصول إلى النصح، والاستشارة حول فعالية التكاليف، ورأس المال البشري المؤهل على نحو ملائم. ورغم ذلك، فإن موارد منشآت الأعمال الصغيرة ومتوسطة الحجم المخصصة للتدريب تتسم بالضيق الحادحيث تسهم منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة بنحو 50 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفي دول الاتحاد الأوروبي تقل حصتها قليلاً عن 60 بالمائة، وهي توفر أكثر من نصف كل الوظائف في الولاياتالمتحدة وأكثر من الثلثين في دول الاتحاد الأوروبي. وفى المنطقة على سبيل المثال فإن تلك المنشآت تمثل ما نسبته 99 بالمائة من العدد الكلي للشركات فى البحرين وتوفر 73 بالمائة من فرص التوظيف في القطاع الخاص و28 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، والوضع متشابه في الاقتصادات الأخرى في المنطقة رغم أن حصة هذه الشركات من التوظيف تميل لأن تكون أدنى بكثير مما هو عليه الوضع في البحرين أي حوالي 40 بالمائة في دبي و30 بالمائة في المملكة العربية السعودية. قال التقرير إن التحديات التحديات الرئيسية المرتبطة بمنشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم في الخليج رباعية الأبعاد. أولاً: منشأة الأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم النموذجية هي شركة صغيرة من حيث التوظيف والمبيعات الإجمالية فعلى سبيل المثال فإن 87.8 بالمائة من الشركات البحرينية لا تستخدم أكثر من 10 موظفين، ومن بين العدد الكلي للمؤسسات التجارية المسجلة في السعودية في عام 2008 وهو 785 ألف مؤسسة، 764 ألف مؤسسة مملوكة فردياً. ثانياً: منشأة الأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم النموذجية في الخليج تعمل أساساً في بيع وشراء السلع ويتركز نشاط ما نسبته 42 بالمائة من كل المؤسسات البحرينية والسعودية في فئة «التجارة» غير المنظمة، وتأتي أعمال الإنشاء في المرتبة الثانية من حيث الأهمية في مجالات النشاط، تليها الصناعة. ثالثاً: تعتمد منشأة الأعمال الصغيرة ومتوسطة الحجم الخليجية النموذجية كثيراً على العمالة الوافدة فعلى سبيل المثال، يُشكل المواطنون في البحرين 14 بالمائة فقط من العاملين في منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة، في حين يعتمد القطاع الخاص السعودي بأكمله على نحو 90 بالمائة من العمالة الوافدة. وهذا يحد من حجم ونمو منظمي الأعمال في المنطقة. رابعاً: تفتقر منشأة الأعمال الصغيرة ومتوسطة الخليجية النموذجية إلى الكفاءة نسبياً وحصتها من التوظيف أكبر بكثير من حصتها في الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يُبرز ضعف ما تسهم به معظمها من قيمة مضافة، ومعظم هذه المنشآت منحصرة في معضلة التوازن بين ضعف الكفاءة وضعف النمو. وتتسم بتقييد الحصول على الائتمان ورأس المال، كما أن الفرص التي توفرها الأرباح المحتجزة متواضعة للغاية. قال الدكتور كوتيلين إن تطوير منشآت الأعمال الصغيرة ومتوسطة الحجم في الاقتصادات الناضجة يتوقف على بنية تحتية محكمة من المساندة والدعم تمتد إلى كافة جوانب تنظيم الأعمال، وأضاف: هناك طيف متباين من المبادرات التي توفر التمويل، والنصح والمشورة، والتعليم والتدريب، وطائفة واسعة من المعلومات، تشمل أمثلة قصص نجاح يمكن أن تلهم آخرين للشروع في مسيرة أعمال في تنظيم الأعمال». وقال إن تطوير مثل هذه البنية التحتية المساندة لمنشآت الأعمال الصغيرة ومتوسطة الحجم في الخليج لا يزال في طور التوسع أو الإنشاء، ويتم طرح عدد من المبادرات الجديدة في كلا القطاعين العام والخاص، ولكنها تميل لأن تتسم بالتجزئة، وفي بعض الأحيان تتجاوز طموحاتها بكثير ما بين أيديها من موارد، وفي أفضل الأحوال يكون تدقيقها جزئياً فقط. وهناك الكثير الذي يمكن عمله على نحو نموذجي لإنشاء شبكة ترابط من المنظمات المساندة، لاستخلاص أقصى قيمة من المبادرات المختلفة الموجودة على الساحة حالياً. وفي أحدث تقرير للبنك الدولي صدر تحت عنوان «استعراض حرية الوصول إلى الموارد المالية والاستقرار» إفادة بأن 2 بالمائة فقط من القروض المصرفية بدول مجلس التعاون الخليجي توجه حالياً إلى منشآت الأعمال صغيرة ومتوسطة الحجم. وقدر البنك أن نحو 20 بالمائة فقط من منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط قد حصلت على قرض مصرفي أو تسهيلات ائتمانية، وهي نسبة أدنى عنها في أي منطقة أخرى بالعالم باستثناء أفريقيا. ويوفر التمويل الداخلي 85 بالمائة من تمويل منشآت الأعمال صغيرة ومتوسطة الحجم في الشرق الأوسط، مقابل 7 بالمائة من التمويل المصرفي، و3 بالمائة من ائتمان المتاجرة. وتتراوح الأرقام المناظرة للدول ذات الدخل المتوسط عامة بين 65 بالمائة و19 بالمائة و5 بالمائة على التوالي. ورغم أن هذه الأرقام تعكس إلى حد ما الأحوال الأشمل في قطاع الشركات في منطقة الشرق الأوسط، إلا أنها تلقى الضوء على ضعف استغلال القطاع المالي الرسمي.