في الثورة التقنية الهائلة والمعلوماتية التي نعيشها هذه الأيام وعصر السرعة الهائلة لانتقال المعلومة من أقصاه من هنا.. إلى أقصاه هناك، بالإضافة إلى سهولة الأدوات وتوافرها في كل مكان وزمان، أصبح لكل هذه التسهيلات والخدمات ضرائب عدة منها ترويج الشائعات والأكاذيب والأخبار الملفقة بأقصى سرعة وإشغال العالم بتوافه الأمور وأبسط القضايا إن سلمنا من اختلاقها. ومع وجود مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة وسهولة الوصول إليها أصبح بعض الناس يركّزون في طرح قضايا تخصُّهم، يزعمون أنها تمس المجتمع وأفراده وتصوير هذه القضية وكأنها عصب المجتمع ومعيار بنائه أو هدمه خاصة أن صاحبها دعم إعلامي لأهداف أخرى يختلف ظاهرها عن باطنها. من أهم تلك القضايا التي ينطبق عليها وصفي أعلاه هي قضية «حقوق المرأة» هذه القضية التي أخذت زخماً إعلامياً هائلاً لم تأخذه قضايا أهم منها بعشرات المرات كالبطالة والأخطاء الطبية والمرور وغيرها مما يمسُّ عصب المجتمع وحياته اليومية. من يسمع هذا المصطلح يظن أننا نتكلم عن حقوقها في بلد لا يوجد به أي نوع من الحقوق، هناك من يصفن ويصفون حقوق المرأة ويقرنونها بالكرامة، وكأن المرأة عندنا تعيش في الأدغال يتنافس عليها الوحوش وكأنها لا تملك أبسط أساسيات حقوقها، ويبرزون هذه الحقوق الضائعة المزعومة في كل مكان حتى صُوّرت للبعض بأنها بلا حقوق أي بلا كرامة. سبحان الله .. إن كنا نتكلم عن الحقوق بشكل عام فكلٌ له حقوق.. الرجل والمرأة والكبير والصغير والمواطن والمقيم والطريق وحتى البهائم والطيور والحشرات لهم حقوق أيضاً، وإن كنا نتحدث عن تقصير في بعض الحقوق فالكل له وعليه جزء من هذا التقصير، وأما إن تصوّر البعض أن المرأة هي مستقصدة في هضم حقوقها فإني أتحدّى أي شخص أن يثبت هذا الكلام.. فهل تختزل حقوق المرأة في أن تجلس مكان السائق لتقود السيارة أو تصبح بلا حقوق! أو أن تفعل ما يحلو لها في أي مكان وزمان أمام الناس أو تصبح مهضومة الحقوق! هل إن كان تطبيق شرع الله، ثم أعراف المجتمع وعاداته التي لا تتعارض مع الشرع تصبح هضماً وظلماً لحقوقها؟ كثيرات وكثيرون يصوّرون المرأة وكأنها حمل وديع وفريسة يُتسابق عليها.. ها هي تدرس وتعمل وتدير عملها التجاري وتشارك في كل مكان تريد إن كان يتلاءم مع طبيعتها وأنوثتها وفطرتها، نعم هناك قصور في حقها ولكن هذا القصور لا يمسها وحدها بل يمسُّ شرائح أخرى من المجتمع وهذا يحدث في كل بلدان العالم ومجتمعاتها. كثيرات هن من يختزلن حقوقهن ببعض الأمور، فإن وجدت لهن أصبحن صاحبات كرامة وإن لا فلا كرامة! أتحدّى أي بلد في العالم أن يعطي للمرأة حقوقها الشرعية التي تناسب فطرتها كما تعطى عندنا، في الخارج تُعامل المرأة كأداة للجذب والترويج والاستنقاص من قيمتها الكبيرة والمهمة في أحيان كثيرة أما عندنا فهي مغبوطة على ما تعيشه، ولكنها تختزل كل ما تنعم به بقضية أو قضيتين تتنافسان في البساطة، وأختم كلامي بشكل واضح أن لكلٍّ حقوقاً، وعلى كلٍّ واجبات.. ونعم هناك قصور منا وعلينا ولكن لا يوجد استقصاد لهضم حقوق المرأة أو غيرها وهذه سنة الحياة.. فهل بعد كل هذا أصبحن وحدهن «ناقصات حق»؟. وفقنا الله وإياكم في هذه العشر لما يُحب ويرضى.. وعيدكم مبارك، بإذن الله ألقاكم الجمعة المقبلة، في أمان الله . Twitter: @majid_alsuhaimi [email protected]