كتب الشاعر أحمد شوقي قصيدة بمناسبة اختراع الغواصة يبدي إعجابه بها، ثم استدرك: وأفٍ على العلم الذي تدَّعونه/ إذا كان في علم النفوس رداها،... ومنذ صباي وهذا البيت عالق بذاكرتي، أستعيده كلما سمعت بمكوك الفضاء والهاتف النقال وطائرة ستيلث والنعجة دولي ورزان مغربي! وأصبحت مقولة «أف على العلم...» ترد على لساني في السنوات الأخيرة على مدار الساعة، بعد أن أصبح العالم كله سوقا مفتوحة وكل شيء فيه قابلا للبيع والشراء، ومن أشهر «المتاجر» في العالم موقع على الإنترنت اسمه إيباي eBay يعرض فيه الناس من مختلف أنحاء العالم سبعة ملايين نوعا من السلع يوميا، وكانت أكثر «سلعة» شدت مواصفاتها انتباه الملايين هي: فتاة أوروبية في السابعة والعشرين تقدر ثروتها الخاصة ب 23 مليون دولار تبحث عن زوج مواصفاته كذا وكذا (لن أخوض في هذه التفاصيل كي لا يتوهم قارئ أنه الفارس المنتظر ويحسب أن أبا الجعافر تحول إلى خاطبة تتلقى عمولات من مليونيرات أوروبا البائرات).. وموقع المزادات هذا «لا ينضحك عليه».. يعني لا ينشر إعلانا قبل التحري والتأكد من أن صاحبه أو صاحبته شخص حقيقي وجاد!! وأصبحت مقولة «أف على العلم...» ترد على لساني في السنوات الأخيرة على مدار الساعة، بعد أن أصبح العالم كله سوقا مفتوحة وكل شيء فيه قابلا للبيع والشراء وقد أدى نجاح هذا الموقع ورواج سلعه إلى تشجيع مواقع للمزادات متخصصة، كان آخرها موقع تم تدشينه في بريطانيا واسمه Not Included.com ويقف وراءه شخص اسمه جون غونزاليس، ويتخصص هذا الموقع في بيع بويضات نسائية للراغبات في الحمل في ظل معاناتهن من مشكلات في المبايض، وكان نفس هذا الشخص قد افتتح قبل عامين موقعا لبيع الحيوانات المنوية عبر الإنترنت ويتعهد «للمتبرعين والمتبرعات» بأنه لن يكشف هوياتهم.. طبعا ليس هناك شخص عاقل يتبرع لتاجر بحيوانات منوية أو بويضات بل المسألة تجارة في تجارة، وزبائن هذه السلع أشخاص بالضرورة لا «يعانون» من أي وازع ديني أو أخلاقي!! ماذا تعرف المرأة التي تقبل أن تحبل بجنين تم شراء عناصره من بقالة إلكترونية وماذا عن الأمراض الوراثية التي يعاني منها صاحب الحيوان المنوي أو البويضة؟ ومسألة أخرى وهي أنه حتى العاهرة المزمنة ترفض أن تتعرض للاغتصاب لأنه نوع من انتهاك الخصوصية، ولكن أوليست المرأة التي تضع في رحمها حيوانا منويا لرجل ليس زوجها تتعرض لنوع بشع من الاغتصاب الطوعي؟ المسألة برمتها ناجمة عن ميل جديد في ظل العولمة نحو تحويل كل شيء إلى بضاعة.. وأطفال الدول الفقيرة صاروا سلعة لمن يريدون التبني.. ويا خوفي أن ينتهي بنا مشروع الإصلاحات الأمريكية الذي سيطرحه الجمهوريون إذا أطاحوا بباراك أوباما إلى مرحلة يقال لنا فيها: عندكم فائض أطفال للتصدير وقوانين التجارة الحرة تلزمكم ببيعهم للراغبين في الشراء! يعني حتى بعد «الإصلاح» سنظل كما نحن نلد للموت ونعمر للخراب! ( وأصبحت مقولة «أف على العلم...» ترد على لساني في السنوات الأخيرة على مدار الساعة، بعد أن أصبح العالم كله سوقا مفتوحة وكل شيء فيه قابلا للبيع والشراء ) [email protected]