في الرسالة التي وجّهتها المناضلة والناشطة الحقوقية والإنسانة، المرأة التي رفعت رأس اليمن عالياً بحصولها على جائزة نوبل للسلام 2011، والزميلة أيضاً «توكل كرمان»، الرسالة التي وجَّهتها إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، تختم رسالتها بدعوة الولاياتالمتحدةالأمريكية «التي طالما وجدتها نصيرة للمظلومين وراعية لحقوق الديمقراطية في العالم» أن تدعم تحرُّكاً دولياً من أجل اتخاذ إجراءات دولية تفضي إلى إيقاف الأرصدة لكبار المسئولين ورموز النظام اليمني ومنعهم من السفر وتوفير الملاذ الآمن لهم تمهيداً إلى إحالتهم للملاحقة والمحاكمة الدولية كمرتكبي مجازر ضد الإنسانية. الأمر الطبيعي جداً أن تقدّم «توكل كرمان» شكرها وتقديرها الشخصي لشخص الرئيس الأمريكي الذي بادر بالتهنئة لحصولها على جائزة نوبل، وهذا أمر متوقّع منه، ومتوقع منها قبوله وتقديم الشكر عليه، باعتبارها مبادرات شخصية أخلاقية وليست سياسية. ويمكن أن نفهم أن موقع «توكل كرمان» الحالي يُحتم عليها مخاطبة كل الجهات التي ترى أنها لا تخدش موقفها النضالي السلمي من أجل حرية اليمن وسلامة مواطنيه من بطش أجهزة النظام وعلى رأسها علي عبدالله صالح. من حق «توكل كرمان» الضغط بكل الوسائل من أجل تحقيق هدف الحرية، الوسائل السياسية السلمية، وممارسة الضغط من خلال الوسائل التي دفعت بها وبالمناضلين اليمنيين وناشطي السلام ومؤيديه وبالشعب كاملاً من أجل الحرية ورفض أي طرق تمارس فيها السلطة ديكتاتوريتها لإبادة الشعب وحرمانه. هذه الحقوق المشروعة والمتوقعة التي تحظى بالدعم لأنها تمثّل موقفاً مشرفاً وشجاعاً. التاريخ الأمريكي سيئ السمعة والصيت والملوث بدماء الأبرياء والأطفال لا يمكن أن يُلغى بجائزة سلام مثلت فخراً كبيراً لنا، وللمرأة العربية واستحقتها إحدى بناتنا اللاتي «تسوى» لفة رأسها ألف تحية من رئيس أو جندي أمريكي. ما قامت به الولاياتالمتحدةالأمريكية يمثّل شهادة ناصعة على جرائمها منذ عام 1916 وحتى العام 1990وحسب إحصاءات بسيطة شملت فقط خمس حروب بلغ عدد القتلى باليد الأمريكية «نصيرة المظلومين وراعية الحقوق والديمقراطية أكثر من 2 مليون قتيل» ولم يتم إحصاء عدد الجرحى والمشردين». عدد القتلي من غير الأمريكيين في الحرب الكورية أكثر من 2 مليون قتيل من المدنيين، وخلال الثماني السنوات التي خاضت فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية حربها ضد فيتنام، 2 مليون قتيل و3 ملايين جريح و12 مليون لاجئ. حرب الخليج 1990 تورد الإحصائيات أن الحصار على العراق كان يخلف 170 ألف طفل دون الخامسة يموتون سنوياً نتيجة لظروف سوء التغذية وضعف الخدمات الصحية، كما استخدم في الحرب أكثر من 800 طن من اليورانيوم المنضّب حسب «جمعية أبحاث لاركا الهولندية»، كما استخدم نحو 142 ألف طن من المتفجرات ضد العراق، ويعادل هذا سبع قنابل ذرية مشابهة لتلك التي أسقطت على هيروشيما وناغازاكي. وبلغ عدد القتلي منذ الاحتلال الأمريكي للعراق أكثر من مليون قتيل وأكثر من 5 ملايين مهاجر وأكثر من مليون مختفٍ وأكثر من مليون سجين. هذه الرسالة لا تتجزّأ لكن المساحة هنا أقل من إحصاءات القتلى باليد الأمريكية، وسيكون هناك جزء ثانٍ لإكمال الجثث من أجل رعاية أمريكية مُتقنة للمظلومين. [email protected]