أنيس منصور ليس كاتبا أو روائيا أو إعلاميا أو أكاديميا فحسب بل هو كيان إنساني استطاع أن يصور العالم بكاميرا الكلمات وأن يحفر على جدران الحواري والأزقة حكايات لا تنسى , أنيس كان أنيسا لوحشة الفقراء ممن سحقتهم أقدام الحياة يقتاتون فتات الخبز تحت عريش من القصب يلبسون الشوارع ويمتطون الحناطير , يهربون من همومهم بنزف عبرة وآهات تنخر سياج الصدر على صوت أم كلثوم وهي تغني (أروح لمين) في المقاهي الشعبية .. اعتقد أن ثمة علاقة وثيقة بين أنيس منصور والتجربة المجردة من الصدف فلم يكن تجربة عابرة ولا محض صدفة خدمتها الظروف بل كان تجربة واثقة منجزة تعرف ماذا تريد . إن ما لا نعرفه عن أنيس منصور أعمق مما عرفناه , عندما نقرأ كتاباته نشتم رائحة أسرار ما كان لها أن تباح لولا جرأته وثقته وصدقه مع نفسه .. (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) . كان مختلفا ومميزا واعتقد أن حفظه للقرآن الكريم في سن صغيرة في كتّاب القرية سبب في فصاحته وكتابته الجميلة , وإمعانه في سرد قصصه وحوادث مجتمعه بطريقة مؤثرة ومقنعة أنيس منصور كان مختلفا ومميزا واعتقد أن حفظه للقرآن الكريم في سن صغيرة في كتّاب القرية سبب في فصاحته وكتابته الجميلة , وإمعانه في سرد قصصه وحوادث مجتمعه بطريقة مؤثرة ومقنعة , ربما يتحفّظ البعض على أنيس منصور في الدراما والمسلسلات التلفزيونية وهذا شأن خاص والرأي الآخر مقبول, ولكن هذا لا يعطينا الحق أن نتجاهل عملاقا أثرى الساحة الأدبية والثقافية بالعديد من الأعمال والكتابات التي تستحق العناية فقد عاش فيمن (عاشوا في حياته) من غير أن يحسب حساب الوقت في (ساعات بلا عقارب) كان يزفر في (شارع التنهدات) (ثم ضاع الطريق) وترك نزفه في (وجع القلب) ليتمتم أمنياته في (لعل الموت ينسانا) وما كاد الموت ينساه إذ رحل عن الحياة يوم الجمعة الموافق 21 أكتوبر 2011 عن عمر يناهز 87 عاما , تاركا (مصباح لكل إنسان) و(دعوة للابتسام) و(أوراق على الشجر) هكذا (تولد النجوم ثم تموت) . رحل أنيس بعد أن آنسنا أعواما عديدة وجنّد نفسه للكتابة حتى قصمت ظهره فمات بهدوء .