تنشر الصحف المحلية من وقت إلى آخر أخباراً متفرّقة حول زيارة ممثلين عن المنظمات الحقوقية والعدلية العالمية لنظيرتها السعودية من الوزارات والجهات الحكومية الرسمية كالعدل والداخلية ومجلس الشورى، إضافة بالطبع إلى جمعيتي حقوق الإنسان السعوديتن. ما يستوقفني دائماً عند قراءة البيانات الصحفية التي تنشر بعد تلك الزيارات هو تكرار مقولة إن التقارير الدولية المعنية بالمملكة غالباً ما تفتقد إلى الموضوعية والحياد وتركّز على السلبيات دون الاشارة أو التنويه إلى الايجابيات. آخر تلك الزيارات على سبيل المثال الزيارة التي قام بها وفد من السفارة الأمريكية إلى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لمناقشة حقوق ابناء السعوديات المتزوّجات بأجانب والمطالبة بمنحهم المزيد من الحقوق، حيث ذكر البيان الصحفي «التأكيد للوفد على ضرورة التزام معدّي التقارير الدولية عن المملكة بالموضوعية والحياد في إعداد التقارير وعدم التركيز على السلبيات دون ذكر الايجابيات، لما لذلك من دور في دعم الجهات التي تهدف لإصلاح اجهزتها» قراءتي للفقرة المذكورة اعلاه أثارت لديّ عدة تساؤلات وبخاصة الفقرة المتعلقة بكتابة التقارير الحقوقية بحياد وموضوعية عن المملكة منها على سبيل المثال: هل وفد السفارة الأمريكية المكوّن من السكرتير الثاني والثالث للشؤون السياسية واخصائي الشؤون السياسية يمثل القناة الصحيحة والملائمة أو الفعّالة لتصحيح الصورة الحقوقية للمملكة عند إعداد التقارير الدولية؟ لأنه من جهة قد تكون هذه الوفود العاملة في السفارات هم من يوفر المعلومات الخام إلى المنظمات الدولية الحقوقية ومن جهة أخرى فإنها قد تعمل على صياغة تقاريرها الاستخباراتية المعنية على سبيل المثال بحقوق الانسان بما يناسب المصالح العليا لبلدها الأم سواء كانت اقتصادية أو سياسية اوجيوسياسية تعزز من ثقل بلدها في هذه المنطقة.. وهذا سيفقدها المصداقية والحيادية! أعتقد انه هناك لربما وسائل وخطوات أنجع يمكن ان تقوم بها الجمعية في سبيل عكس الصورة الحيادية الشفافة لحقوق الانسان في المملكة بخلاف استقبال الوفود.. تلك الخطوات حتى يتسنى لها النجاح وتكون مؤثرة، يجب ان يكون عمودها الفقري هو تعميق التواصل الفعّال ما بين الجمعية والمواطن السعودي المدني المدافع عن حقوق الانسان بحيادية وموضوعية وتسهيل تواصله مع المنظمات الحقوقية الدولية بصورة شبه دائمة بما يزيد من مصداقية الجمعية من جانب ويوسّع دائرة اهتماماتها وأنشطتها لتشمل أفراداً غير منتسبين للجمعية بصورة رسمية. فعلى سبيل المثال لماذا لا تدعو الجمعية عدداً من ناشطي وناشطات الحقوق السعوديين ممن يتصفون بالحيادية والموضوعية لحضور تلك اللقاءات؟ الوطن العربي في ظل ربيعه العربي يعيش في مرحلة انتقالية كبيرة على كافة الأصعدة والمستويات. ومن بين تلك التغييرات الايجابية علو كعب الجمعيات والمنظمات الحقوقية المدافعة عن حرية وكرامة الإنسان العربي ودخولها كرقم صعب في معادلة تكوين الأنظمة السياسية الجديدة القادمة للدول العربية والشرق اوسطية عموماً.. فعلى سبيل المثال تعتمد وسائل الإعلام العربية والعالمية حالياً على ما تنشره وتبثه المنظمات الحقوقية في سوريا لتحديد عدد قتلى المتظاهرين السوريين العُزّل وتسليط الضوء على الممارسات البشعة للنظام السوري على بعض الناشطين البارزين مثل إبراهيم قاشوش وعلي فرزات. مثال آخر.. يمكن القيام به وهو مراقبة النشاط الحقوقي الصريح والمتّقد على صفحات برامج التواصل الاجتماعي مثل «التويتر» والفيسبوك» ومحاولة مقاربة هذا النقاش والدخول في تفاصيله بشفافية لربما لا ترضي البعض ولكنها في نهاية المطاف تسهم في تصحيح صورة المملكة عند إعداد التقارير الدولية الحقوقية المعنية بالمملكة. [email protected]