قبل نحو شهرين، طفحت المياه من باطن أرض حي المنار بالدمام، فظن سكانه أن كسراً أصاب ماسورة مياه هنا أو هناك، واستنجدوا بفرع وزارة المياه، الذي أعلن مواسير المياه كافة، في باطن الأرض سليمة، وخالية من أي عيوب.وخلال الشهرين، يتواصل طفح المياه في الحي بأكمله، ويظهر بوضوح في الأراضي البيضاء، مما أوقف عمليات البناء، وجمد مشاريع التنمية في المنطقة، وعجز مهندسون في تفسير الظاهرة، ومعرفة مصدر المياه، مؤكدين أن الخطر يقترب رويداً رويداً من سكان الحي، بفعل تشبع التربة بالمياه، مما يهدد المنازل بالانهيار المفاجئ.. منسوب المياه "لم يعد الوضع مطمئناً لمئات المنازل في حي المنار، والأحياء المجاورة له في منطقة الفيصلية، بسبب طفح المياه، التي غطت شوارع هذه المناطق، ولا أحد يعلم إن كان سبب المشكلة تسريباً في إحدى مواسير المياه، أو هي مياه جوفية نابعة من باطن الأرض" بحسب سكان متضررين، أشاروا إلى أنه "لو كان مصدر هذه المياه معروفاً، لتمت السيطرة عليه، من قبل مسؤولي فرع وزارة المياه بالمنطقة". ويستشهد فهد القريني على صحة ما ذكره السكان بقوله: "هناك أحد الشوارع الرئيسية في حي المنار، بقي مطموراً بالمياه لمدة تزيد على شهر، وفي كل يوم، يرتفع منسوب المياه في الشارع، الأمر الذي أدخل الرعب على الكثير من سكان الحي، وخصوصاً الواقعة منازلهم على ذلك الشارع"، مضيفاً "منذ فترة، ونحن نشاهد المياه تنبعث من ذلك الشارع، وكنا في بداية الأمر، نعتقد أن مصدر المياه هو كسر في إحدى القنوات الجوفية، وما شابه ذلك، ولكن يبدو أن الأمر تعدى ذلك، حيث تزايد منسوب المياه، وأصبحت تعيق عبور السيارات في ذلك الشارع، ناهيكم عن الحفر والكسر في طبقة الأسفلت". المواسير الباطنية ويضيف القرني "خاطب أهل الحي شركة المياه مرات عدة، وطالبوها بالوقوف على المشكلة، وإصلاح الخلل، إلا أنها لم تستجب، وأخذت في تهميش مطالبنا، وبعد فترة، أتى أحد المهندسين للكشف عن المشكلة، واعترف أن هذه المياه غامضة، ولم تعد كما توقعوا، بأنها نجمت جراء كسر في المواسير الباطنية، وأكد أن مصدر المياه لم يُعرف بعد". وتابع "ما يدل على أن مصدر المياه ليس كسراً في المواسير، هو أن المياه بدأت تخرج من وسط الأراضي البيضاء، ومن مناطق بعيدة جداً عن خط سير مواسير الصرف الصحي، ثم إن الأمر لا يقف عند قطعة أرض واحدة أو اثنتين، بل تعدى ذلك إلى مجموعة من القريب العاجل. وذكر أبو نايف العتيبي "خاطبت الجهات المسؤولة في فرع وزارة المياه، وكل يوم نتلقى وعوداً بإنهاء المشكلة، دون أي وفاء بتلك الوعود، وقد تعبت كثيراً من اتصالاتي المتكررة بالمسئولين، فهم مرة يعدوننا ببحث المشكلة، ومرة يلقون باللائمة على بلدية غرب الدمام، والآن دخلنا في الشهر الثاني للمشكلة، دون أي اهتمام من قبل الجهة المسؤولة، وأكاد أجزم أن وصول هذه المشكلة إلى الإعلام، سيفضح الكثير من التهاون في فرع وزارة المياه، لأن المشكلة لم تعد معلومة لديهم، فهناك من يقول إن المشكلة تكمن في المياه الجوفية، التي قد تحول المنطقة بأكملها إلى بحيرة مترعة بالمياه، والبعض الآخر يقول إن وجود المياه الجوفية ساعد على تكسير أنابيب الصرف، وتفاقمت المشكلة، ولم تعد بالهينة التي يمكن احتواؤها في القريب العاجل". أكاد أجزم أن وصول هذه المشكلة إلى الإعلام سيفضح الكثير من التهاون في فرع وزارة المياه، لأن المشكلة لم تعد معلومة لديهم حتى الآن. ليونة الأرض ويشير فهد الزهراني، وهو من سكان حي اليمامة، إلى أنه يخشى من هبوط في أحد جهات منزله، جراء ليونة الأرض، وتشبعها بالمياه التي غطت سطح الأرض، وجزءاً من الرصيف. وأشار إلى أن "المسؤولين في فرع وزارة المياه لم يتحركوا منذ بداية ظهور المشكلة، التي بدأت تستفحل ويرتفع منسوب المياه في المنطقة، وفي مناطق أخرى في الحي ذاته، حيث بدأت المياه تظهر في الأراضي البعيدة عن الشارع، مما ينذر أن هناك مشكلة كبيرة، كنا نجهلها". وذكر الزهراني أنه وبعد جهد جهيد، قامت مديرية المياه بردم المياه بطريقة عشوائية، ولم تحدد أين تكمن المشكلة، وكيف يتم علاجها علمياً، مما جعل المياه تعاود الظهور مرة أخرى، وبشكل أكبر في فترة لم تتجاوز الأسبوع". منازل الحي ويستغرب أحمد العنزي من إهمال تلك المنطقة ويقول: "منذ فترة طويلة، والمياه المتجمعة تعد مشكلة تؤرقنا كسكان للحي، خاصة أن مصدرها مجهول حتى اللحظة، وبدأنا نخشى هبوط منازلنا، أو تصدعها، وهذا ما يظهر في بعض الأسوار لعدد من المنازل في الحي". ويقول العنزي "أكثر من مرة، أشاهد سيارة تتعطل في هذه المياه، ولا يملك صاحبها إلا الاستعانة ب "سطحة" لإخراج سيارته، حيث أن الشارع مطمور بالمياه، ويحتوي على حفر تلتهم إطارات السيارة وتكسر مساعداتها". ويضيف العنزي قائلاً: "هناك عدد من الأراضي البيضاء في الحي، غمرتها المياه، ونشاهد الماء يتدفق من باطن الأرض، واستبعدنا أن يكون السبب هو كسر في المواسير، وتعبنا من متابعة المشكلة مع فرع وزارة المياه في المنطقة الشرقية".
لا أحد حتى اللحظة يعلم سر هذه المياه العسيري: يضحكون علينا بدفن أماكن الطفح ب«الرمال» يذكر موسى العسيري (أحد سكان الحي) أن المشكلة لم تعد بسيطة، وأن الكثير من سكان الحي يخشون أن تتسرب تلك المياه إلى منازلهم، إذ يتم ردم هذه المياه بالرمال، حيث إننا شاهدنا بأم أعيننا كيف تخرج المياه من تحت تلك الرمال، التي قامت بوضعها وزارة المياه، ظناً منها أن الأمر سينتهي عند هذا الحد، وإنني أتساءل وبكل استغراب كيف يأمر المهندس بردم المنطقة بالرمل دون فحص المشكلة ومعرفة مصدر المياه المتسربة؟! ويؤكد العسيري أن "عدداً من الأراضي في الحي بدأت تتشبع بالمياه، بل ويظهر الماء فوق مستوى التربة، ويتعدى ذلك الأسفلت، وهذا الأمر لا يخفى على مسؤولي "المياه"، مما يجعلهم مسؤولين تمام المسؤولية عن أي مشكلة قد تحدث في الحي"، مضيفاً "نطالب بسرعة متابعة الأمر، وعدم إهماله، لأن هذه المياه ليست معلومة المصدر، وليس الردم بالرمل هو الحل الأمثل، وكما شاهدنا، فقد خرجت المياه بعد أقل من أسبوع من ردم المنطقة المغمورة بالمياه".