رحل شيخ الرياضيين عن دنيا الفناء إلى دار البقاء فرحمك الله يا بن سعيد يا من ذهبت وتركت لنا إرثا عظيما وتاريخا عريقا سيظل علامة بارزة في جبين هذا الوطن الذي يخلد أعمال أبنائه بمداد من ذهب وأنت أحد أعظم أبنائه كيف لا وأنت مؤسس وباني الحركة الرياضية . لقد كتب الكثير وسيكتب آخرون عن حياتك الرياضية الطويلة وتضحياتك وصبرك وحفرك للصخر بأظافرك إلى أن وصلت بعشقك إلى بر الأمان ورحلت وأنت مطمئن عليه كيف لا وهو بأيدي أمينة سيتلذذون بذكر سيرة تاريخك الرياضي العطر لتفوح من كتاباتهم رائحة عطائك الزكية على مر ثمانية عقود ونيف، أما أنا يا شيخي فسأعصي أمرك وأخالف رغبتك التي كنت دائما وأبدا تنشدها ممن حولك فهي المرة الأولى التي أخالفك الرأي وأسير عكس رغبتك إنها المرة الأولى منذ عرفتك أنا هنا سأتحدث عن الجانب الإنساني والشخصي لشخصيتك الراقية ولتعذرني روحك النقية البيضاء أن ذكرت ما حرصت أن تخفيه حتى عن أقرب الناس إليك يعلم الله بإني أكتب هذه الأسطر ودموعي تتساقط على أوراقي ألما لرحيل أغلى الناس. كان رحمه الله حريصا وبشكل كبير على سرية ما يقدمه لوجه الله وكان كثيرا ما يردد على مسامعي على مدى عشرين عاما قضيتها في خدمته ونلت ذلك الشرف ولله الحمد فيقول يا ولدي لا تحرص أن يشكرك الناس فتخسر قبول الله لعملك أسأل الله ان يجعل كل ما قدمته في موازين أعمالك كان يرحمه الله يحب أسرته بشكل لا يضاهيه حب آخر ومن أجل ذلك فقد حرص على تخصيص يوم الخميس من كل إسبوع للاجتماع بكافة أسرته من أبناء وأحفاد وأقارب ليلتقي بهم على مائدة الغداء ولم تنقطع هذه الميزة والعادة أبدا وكان شديد الحرص عليها ، حبه لأفراد أسرته لم يشغله عن أناس آخرون فقد كان رحمه الله محبا ووفيا جدا لأصدقاء الطفولة وجيرانه ومن زاملوه في حياته العملية وللرياضيين بكافة أطيافهم ولكل من يرغب أن يلتقي به فكان مساء كل خميس هو موعد الالتقاء بهؤلاء الأحبة لقلبه ولا تخلو هذه الجلسة من أحاديثه الشيقة ونصائحه الثمينة والتي كان يزينها بروح الدعابة التي تميزه من شدة حرصه على يوم الخميس ومن أجل الا يحرم من مشاهدة هؤلاء الأحبة عندما كنا في مدينة جدة كان يذهب صباح يوم الخميس للرياض ويعود صباح يوم الجمعة لمدينة جدة كان قويا مهابا لماحا لما حوله ويحمل بين أضلاعه قلبا رحيما عطوفا كان كريم السجايا حميد الخصال. «بعد أن أحيل للتقاعد من عمله أصبحنا بشكل يومي في الدوائر الحكومية والمستشفيات والكليات العسكرية من أجل خدمة من يطلب من المرحوم خدمة في ذلك الوقت فكنت أسأله تريد أن ترتاح فأتى من يشغلك فقال بل بالعكس أنا نذرت نفسي لخدمة من يقصدني لوجه الله وهذا رصيد الانسان في الدنيا محبة الناس»كان رحمه الله رحيما بالفقراء ويسأل عن المحتاجين ويشعر بأنه مسؤول عنهم لم يقصده شخص في طلب إلا وأجاب طلبه لم يستنجد به ملهوف إلا أغاثه ولا محتاج إلا أعانه كان رحمه الله دائم السؤال عن البسطاء من أهل الحي ويتلمس احتياجاتهم عندما كنت بصحبته في مدينة جدة وفي أحد المحاكم سمع امرأة تقول بعلو الصوت أريد الطلاق من زوجي البخيل فتوقف وقال لي إن كان زوجها حاضرا فأحضره وإن لم يكن دعنا نذهب فسألت عن زوجها فأحضرته وقال له المغفور له بإذن الله لماذا أنت بخيل مع أم أولادك وزوجتك فقال لم يكن بخيلاً إنما راتبي لا يفي بطلبات المنزل من إيجار وخلافه فقال له المرحوم إن أقنعت زوجتك بالعدول عن طلب الطلاق هل ستوافق على شروطي قال نعم قال أحضرها فتحدث معها المرحوم وقال بالحرف إن اعطيتك عشرة آلاف ريال الآن وثمانمئة ريال شهريا من زوجك هل تعدلين عن طلب الطلاق فوافقت وحل خلافهم في دقائق معدودة وعادا لمنزلهما وكان الدكتور عدنان جمجوم رحمة الله عليه حاضرا هذه الواقعة وهناك أيضا موقف كان حاضرا له معالي الشيخ فيصل الشهيل عندما توجهت مع والدي للمنطقة الشرقية توجهنا فورا لمكتب فيصل الشهيل وكان حينها على رأس العمل من أجل تفاوض الهلال مع اللاعب ناصر بليه وعند دخولنا لمكتب معاليه كان عنده رجل يطلب المساعده لأعمال خيريه فقام والدي بتسديد ما تبقى من نواقص ، وهناك موقف آخر عندما كنا في ساحة القزاز في مدينة الطائف استوقف المرحوم رجل مسن عرف المرحوم. والمرحوم لم يعرفه فعرفه بنفسه وقال أنا أحد جيرانك فعرفه فأخذ الرجل يجهش بالبكاء فقال له اهدأ ماذا بك قال ابني خلف القضبان ولن يستطيع الخروج إلا بخمسين ألف ريال فتوجهنا لمقر السجن وبعد أن اطلع على كافة القضية انهى مشكلة السجين. «كان يرحمه الله يحب أسرته بشكل لا يضاهيه حب آخر ومن أجل ذلك فقد حرص على تخصيص يوم الخميس من كل أسبوع للاجتماع بكافة أسرته من أبناء وأحفاد وأقارب ليلتقي بهم على مائدة الغداء ولم تنقطع هذه الميزة والعادة أبد» وكان رحمه الله أحرص ما يكون على مشاعر الآخرين حيث كان يصطحبني في أوقات متفرقة في الثلث الأخير من الليل في شهر رمضان المبارك ليقدم المساعدة لبيوت فقراء في حي المصانع وغيره من الأحياء الفقيرة وكنت أسأله عن سبب ذلك الحرص بأن يكون ذلك العطاء في هذا الوقت المتأخر من الليل فكان يقول لا أريد أن يشعر المحتاج بالحرج من الناس حوله لو شاهدوني أمد له يد العون والمساعدة كنت أذهب معه في فصل الشتاء للبطحاء وكان دوما يلتقي هناك بالأستاذ راشد الفوزان من أجل شراء كل ما يحتاجه الفقراء من ملابس وخلافه لم يكتف رحمه الله بمد يد العون للمحتاجين في مدينة الرياض بل كان يوصيني بإيداع مبالغ في حسابات المحتاجين من فقراء وأرامل وأيتام ولا يهدأ له بال حتى يتأكد من أنها وصلت إليهم قبل دخوله للمستشفى اتصل وقال أريدك أن تحضر للمستشفى وقد أعطاني حينها مبلغ خمسة آلاف ريال من أجل إعطاء عائلة كانت تنقصهم بعض الأدوات الكهربائية عندما بدأ بث قنوات الأوربت دخل على المغفور مشجع من النادي وعندما شاهد القناة الرياضية لأوربت قال ذلك المشجع حلوة القناة وش اسمها فأخبره المرحوم بذلك وعندما استأذن ذلك المشجع للذهاب لمنزله قال له المغفور له بإذن الله تعال لي غدا بعد صلاة العصر فأمرني أن أحضر رسيفر كامل بباقتها لذلك المشجع رحمك الله يا والدي بعد أن أحيل للتقاعد من عمله أصبحنا بشكل يومي في الدوائر الحكومية والمستشفيات والكليات العسكرية من أجل خدمة من يطلب من المرحوم خدمة في ذلك الوقت فكنت أسأله تريد أن ترتاح فأتى من يشغلك فقال بل بالعكس أنا نذرت نفسي لخدمة من يقصدني لوجه الله وهذا رصيد الانسان في الدنيا محبة الناس ، «كان رحمه الله أحرص ما يكون على مشاعر الآخرين حيث كان يصطحبني في أوقات متفرقة في الثلث الأخير من الليل في شهر رمضان المبارك ليقدم المساعدة لبيوت فقراء في حي المصانع وغيره من الأحياء الفقيرة وكنت أسأله عن سبب ذلك الحرص بأن يكون ذلك العطاء في هذا الوقت المتأخر من الليل فكان يقول لا أريد أن يشعر المحتاج بالحرج من الناس حوله لو شاهدوني أمد له يد العون والمساعدة» كان رحمة الله عليه ينعم بحب كل من عرفه من كل طبقات المجتمع من يعلونه منصبا كانوا يحبون فيه إخلاصه وتفانيه في عمله ويحترمون تاريخه ويقدرون عطاءه لوطنه وكان من يقلون عنه مكانه يحبون فيه تواضعه وتسامحه وصفاء نفسه وتجاوزه عن أخطائهم وابتسامته الدائمة في وجوههم كان رحمه الله أبا حنونا عطوفا كريما لكل من يعمل لديه قبل أن يكون مسؤولا عنهم لم يصرخ يوما في وجه أحد موظفيه مهما كان حجم الخطأ هناك الكثير الكثير من مواقفه والتي تسجل بماء من ذهب لم تسعني المساحة هنا سأتطرق لها لاحقا لو بحثت في قواميس اللغة أو معاجم الألفاظ لأجد كلمة بسيطة تفيك حقك عندها للأسف لن أجد. لن أنسى ما حييت عندما اتصلت بي وقلت لي بأنك في مطار أبها لتحضر حفل زواجي وقلت لك لماذا كلفت على نفسك يا أبي فقلت أنت خامس أبنائي بعد احمد ووليد وفهد وفيصل يعلم الله بأني أكتب هذا الأسطر ودموعي تتساقط على أوراقي حرقة وألما فراقك كيف لا وأنت من كنت تمسح دمعتي وتواسيني وتشد من أزري عقدين من الزمن عشتها خادما لك وأقولها بكل فخر لا أقول سوى رحمك الله ياشيخ الرياضيين وأسكنك فسيح جناته.