احتلت التكنولوجيا عمق حياتنا وتمركزت في الصميم، ولا غنى لنا عنها بل معنا وبيننا وحوالينا، في البيت، في العمل، في الشارع نبحر فيها نغوص في ثورتها وثروة معلوماتها فتصل بأقصى سرعة ويسر لعقولنا وأفكارنا، نتعامل معها بشكل مكثف ومستمر، شئنا أم أبينا، إيجابياتها كثيرة، إلاّ أن سلبياتها توازي إيجابياتها وربما تفوق خاصة بالنسبة للأطفال والمراهقين والطائش من الشباب، قدرتها فائقة على الجذب خاصة الصغار فبعض أفلام الكرتون وما تحمل من آثار سلبية كالعنف الذي يترك أثرا سيئا يختزن داخل أعماق أطفالنا وينمي أنماطا من السلوك العدواني ومحاولة تغريب وتغييب الهويات والشخصيات، وبث الأفكار الضارة والقيم البعيدة عن مجتمعنا دون أن نشعر نحن الكبار فكيف بالصغار. دوامة من الصراع النفسي يقع فيها الطفل بين ما يشاهد في الأفلام وما يعيشه في الواقع، أفلام بعضها غير موجهة تربويا سريعة التأثير، والطفل بطبعه سريع التأثر ويعيش مرحلة التشكيل، جيل يتربى داخله تربية الكترونية، ثم تأتي بعدها ثورة الاتصالات التي تتمثل في الإنترنت والمواقع الإباحية وسهولة الاتصال المفتوح مع كل شرائح المجتمع وكافة فئاته العمرية، تحمل في جعبتها جبالاً من الصالح والطالح، ثقافات متناقضة متضاربة، ربما نستطيع السيطرة نوعاً ما على التلفزة ولكن من الصعب على أكثرنا السيطرة على طوفان الإنترنت خاصة في حالة غياب الوعي والرقابة المطلوبة، لا نريد الاحتجاب عن العالم والتقوقع داخل أنفسنا، ولا نريد لأجيالنا الانعزال والتأخر والتشرنق بالجمود، ولن نعلن العصيان ونغلق الأبواب في وجه طوفان التقنيات، فلو فعلنا ذلك نكون قد تعدينا حدود العقل والمنطق وحكمنا على أنفسنا بالتخلف مع كل الحلول التي أمامنا وبين أيدينا. والحل البديهي الحوار!! حوارنا مع الأبناءقصص كثيرة ظهرت على السطح لانحرافات شبابية وأمراض مجتمعية تركت انعكاسات سيئة على الأسر والمجتمعات بل قد تنعكس على مستقبل أجيال قادمة وسببها الاستخدام السيئ وغياب التوجيه في البيت والمدرسة وربما غياب المثل والقدوة، ولنتعمق قليلاً فمن"الشات الخبيث" إلى تسونامي الصوت والصورة، ونتجاوزه إلى الهواتف المحمولة التي تصور صوراً فوتوغرافية وفيديو لمدة طويلة، وكم هتك بعض مسيئي استخدامها أعراضاً وخلقوا مآسي، أعود وأكرر: ليست التكنولوجيا شراً كلها وإنما الشر في إساءة استخدامها وفي إهمالنا توعية أبنائنا، وعدم منحهم مساحة كافية من وقتنا، الصراع بين الخير والشر سنة كونية لا نستطيع تغييرها، والتغير يبدأ من الداخل، والعابثون كثيرون وإفرازات التكنولوجيا السيئة لا محدودة، والأسوأ منها وضع المبررات وجعلها شماعة لأخطائنا. لنجاهد معاً من أجل سلامة أبنائنا وحمايتهم واستثمار التقنيات الحديثة بتفجير كافة طاقاتنا كآباء وأمهات وأولياء أمور وتربويين، لنحارب السلبيات بكل علم جديد ومعرفة، نبحث ونفتش ونرشد ونحاور أبناءنا حتى لا نلوم أنفسنا، والأهم من هذا وذاك شفافية وصدق الكلمة في التوعية والتوجيه لا العنف والحرمان، لا نريد الاحتجاب عن العالم والتقوقع داخل أنفسنا، ولا نريد لأجيالنا الانعزال والتأخر والتشرنق بالجمود، ولن نعلن العصيان ونغلق الأبواب في وجه طوفان التقنيات، فلو فعلنا ذلك نكون قد تعدينا حدود العقل والمنطق وحكمنا على أنفسنا بالتخلف مع كل الحلول التي أمامنا وبين أيدينا. والحل البديهي الحوار!! حوارنا مع الأبناء.. [email protected]