أصبح الأمر أكثر من مألوف: عندما يتبقى لنا نصف ريال يمد المحاسب يده لعلبة العلك المعلقة أمامه ليناولنا علكاً بدلاً من تلك العملة المعدنية التي ما عادت ذات قيمة في هذه الأيام، فما الذي مازال ذا قيمة إذاً؟ بنظرة سريعة على أساليب الصرف والإستهلاك سنجد أننا قليلو العناية بما نملك، لدينا قبول للدفع أكثر في أقل الظروف ضغطاً، والأمثلة كثيرة: لا نعتني بالهللات عند الذهاب للسوبر ماركت مع أننا قد نقوم بالتسوق مرتين في اليوم الواحد، نقبل بدفع ما يزيد على عشرة بالمائة من قيمة الملابس التي قد نكون اشترينا مثلها في الشهر الماضي، لا نطور من عاداتنا في استهلاك الكهرباء مع أننا نشتكي من حرارة الفاتورة، نؤخر تسديد قسط البطاقة الإئتمانية مما يدفعنا لدفع غرامة التأخير دون مبرر، لا نراقب فاتورة (أو فواتير) الجوالات، ندفع لخدمة الإنترنت فوق ما نحتاجه، ندفع لشبكات التلفزيون مع أننا لا نشاهد باقاتها...والقائمة تطول. قبل أن نتذمر من جشع التجار وقساوة الحال، علينا أن نرحم أنفسنا أولاً، علينا أن نعتني بأموالنا، بقليل من التركيز ومشاركة من حولنا أفكار التوفير ،فالاستهلاك الذكي سيوفر علينا آلاف الريالات سنوياً، وعندها سيتسع الحال شيئاً فشيئاً مع هذا، فإن بعض المستهلكين وجدتهم من الذكاء الذي جعلني أدون بعض أساليبهم في توفير علكهم الأبيض لليوم الأسود، مثلاً: أحد الأذكياء يؤكد على أنه قام بتوفير أكثر من ألفي ريال في السنة عندما بدل باقة الجوال من نظام الفاتورة إلى باقة مسبقة الدفع، آخر استخدم النقاط الموهوبة له من شركة الجوال في شراء معدات لمنزله بما يزيد على 600 ريال ، أحدهم يصر على أن متابعة تشغيل مكيفات الهواء في المنزل وفرت له المئات في فاتورة الكهرباء إبان الصيف الماضي، وآخر أوقف اشتراكه في النادي الرياضي ومارس رياضة المشي في الهواء الطلق مما وفر عليه قيمة الاشتراك، ينبه آخر على عدم اصطحاب الأطفال أثناء التسوق ويبشر بتوفير مئات الريالات. قبل أن نتذمر من جشع التجار وقساوة الحال، علينا أن نرحم أنفسنا أولاً، علينا أن نعتني بأموالنا، بقليل من التركيز ومشاركة من حولنا أفكار التوفير ،فالاستهلاك الذكي سيوفر علينا آلاف الريالات سنوياً، وعندها سيتسع الحال شيئاً فشيئاً، المهم أن ندرك أن في أيدينا الكثير لنفعله لصالحنا بدلاً من انتظار الآخرين. وللذين يجدون أن بضع هللات لا تغني ولا تسمن، أقول: بل تغني وتسمن. قف على قدميك، انظر أمامك جيداً، ارفع جسدك بأطراف أصابع قدميك ليجتاز بصرك سور منزلك، ستجدهم هناك، ممددين، تتمدد بجانبهم مجاعة قاسية، يحوم حولهم الموت الأعمى، أمعن النظر، أليسوا بشراً يستحقون العيش مثل أبنائك؟، إن كنت تزهد ببضع هللات فاعلم بأن هذه الهللات القليلة تعني لهم الحياة...فاتق النار ولو بشق تمرة. خبير تقنية ومستشار باتحاد الغرف التجارية