يبدو أن المسلسل العتيق طاش ما طاش، في نسخته ال18، لم يشذ عن الأجزاء ال17 السابقة، من ناحية الموضوعات التي يتناولها، ومن ناحية الأسلوب الدرامي الذي يعالج به تلك الموضوعات، بل وصل الأمر إلى الشخصيات التي يجسدها الثنائي عبدالله السدحان وناصر القصبي هي نفسها الشخصيات التي سبقا أن جسداها سابقاً، دون أي تجديد يشعر به المشاهد. ففي أولى حلقات المسلسل، في شهر رمضان الجاري، جاءت الحلقة الأولى مكررة من ناحية الموضوع والقصة والمضمون، إذ تناولت الصدام بين أنصار التيارات الفكرية المختلفة في البلاد، وتحديداً بين الليبراليين من جانب، الذي مثلهم ناصر القصبي، وفئة المتشددين من جانب آخر، التي مثلها عبدالله السدحان، اللذان تربطهما صلة قرابة، ومرت أحداث الحلقة في مشاهد توضح مميزات وعيوب كل فئة من وجهة نظر الفئة الأخرى، وتواصلت الحبكة الدرامية، إلى أن دخل السدحان والقصبي السجن، بسبب اتهامات باطلة، كيلها كل طرف بحق الطرف الآخر، بيد أن الجديد في الأمر أنهما أثناء وجودهما في السجن، لخص مسجون بدرجة «قاتل» مشهد التنافر بين الطرفين في عبارات قوية وحازمة، عندما تحدث بشكل منفرد مع طل طرف، متهماً إياه بالتطرف الفكري، والرغبة في فرض السيطرة على الطرف الآخر، تحت دعاوى باطلة. وتواصلت أحداث المسلسل إلى أن مات جد السدحان والقصبي، تاركاً لهما أرضاً زراعيا، ومشترطاً للحصول عليها، أن يقوما بزراعتها معاً، ونفذ الطرفان الوصية، دون أن يبين لنا مخرج المسلسل محمد عائش أسباب هذا الوفاق، هل تعود إلى الحصول على الإرث، أم لأن كل طرف عرف أخطاءه وقرر أن يتسامح من الطرف الآخر. وفي الحلقة الثانية، كان هناك قليل من الجرأة في إيضاح الفساد المنتشر بين بعض المسؤولين، الذين يرتكبون عمليات اختلاس أو تلاعب، للحصول على أموال أو عمولات من المال العام، واستثمار بعض مكاتب المحاماة الضالعة في هذا المجال، والحصول على نسبة مما يربحه هؤلاء المسؤولون بطرق غير شرعية. ولا ندري لماذا جسد القصبي في هذه الحلقة دور محام سوداني، ولماذا لم يكون محامياً سعودياً، خاصة أنه قام بمشاركة مع عبدالله السدحان (مواطن سعودي في الحلقة) في تأسيس مكتب محاماة، مختص للدفاع عن المسؤولين الحكوميين المتلاعبين بالمال العام. وأعاب البعض على الحلقة الثانية، التي حملت عنوان «ردد يا ليل» عدم وضوح الفكرة بما فيه الكفاية، وهل الموضوع يستهدف فئة المرتشين من بعض المسؤوليين الحكوميين، وإهدارهم للمال العام، أم تركز الحلقة على مكاتب المحاماة، ودورها في إنقاذ هؤلاء المرتشين ومساعدتهم على الإفلات من العقاب، ومن ثم الحصول على نسبة من المال العام المهدر.