بينما يبتسم الحظ لجمعية خيرية، فيمنحها ميزانية تصل إلى 20 مليون ريال سنوياً، يكشر عن أنيابه لجمعية أخرى، فلا يمنحها سوى 200 ألف ريال، والسبب أن «الأولى» تقع في قلب المدينة، ويعرفها الأغنياء ورجال الأعمال، أما «الثانية» فتقع في منطقة نائية، ولا يعرفها أحد، سوى وزارة الشؤون الاجتماعية.الجمعيات النائية، لا فرق بينها وبين منسوبيها من الأسر الفقيرة والمحتاجة، فكلاهما في حاجة إلى من يمد لهم يد العون والمساعدة، بيد أن فقراء طالبوا وزارة الشؤون الاجتماعية بإيجاد آلية تضمن عدالة توزيع الخير على الجمعيات كافة، بدون محسوبية ودون واسطة، وبخاصة في الشهر الكريم.. ضعف الإعانات وتشكو أسر محتاجة من ضعف الإعانات، وتباعد أوقات صرفها، من قبل الجمعيات الخيرية، فيما تشكو أخرى من أن هذه الجمعيات لا تلقي لها بالاً أو تسجلها في كشوفاتها، رغم عوزها وحاجتها، ما أصابها بخيبة أمل، على الرغم من أن بعض هذه الأسر، قد لا يملك دخلا شهريا ثابتا يعينهم على مواجهة متطلبات الحياة، كما يعاني البعض الآخر من أمراض مزمنة، أو قد يكون أفرادها يتامى وأرامل ومطلقات تختبئ وراء أبواب مغلقة، داخل منازل متواضعة، جزء منها آيل للسقوط، لا يسألون الناس شيئا سوى العوز والمساعدة. إعانات غذائية ويقول علي الخلف الذي يسكن احدى المدن النائية في المنطقة الشرقية، ولديه أسرة مكونة من 12 فرداً: «نعاني من ضعف راتب الضمان الاجتماعي، الذي يصرف لنا، ومن هنا لجأنا إلى طلب المساعدات من الجمعية الخيرية، التي تقع في منطقتنا كي تساعدنا، باعتبارنا أسرة فقيرة، ونحتاج الى إعانة، خاصة أننا في أيام شهر رمضان المبارك، وعندما تقدمنا بطلب، صدمنا بأن الجمعية لن تعطينا إعانة على اعتبار ان ما لديها قد نفد، وطلبت منا إدارة الجمعية أن ننتظر لحين توفر إعانات غذائية جديدة». نعاني من ضعف راتب الضمان الاجتماعي، الذي يصرف لنا، ومن هنا لجأنا إلى طلب المساعدات من الجمعية الخيرية، التي تقع في منطقتنا كي تساعدنا، باعتبارنا أسرة فقيرة، ونحتاج الى إعانة، خاصة أننا في أيام شهر رمضان المبارك المدن الرئيسية وأضاف الخلف «نشكو حالنا ليس في فقط في شهر رمضان الكريم فحسب، وإنما بقية شهور العام، وذلك لأن الجمعية التي تقع في المناطق النائية، لا يأتيها أي دعم مالي سوى من وزارة الشؤون الاجتماعية، وهذا الدعم لا يكفي لسد متطلباتها ومساعدة الاسر، ولهذا نحن نعاني كأسر، مثلما تعاني إدارة الجمعية، عكس بعض الجمعيات الأخرى، التي تقع في المدن الرئيسية، كالدمام والخبر، حيث يأتي إليها الدعم من قبل أهل الخير، الذين لا يبخلون بتقديم المساعدات إليها، سواء كانت نقدية أو عينية، مما ينعكس على المستفيدين من هذه الجمعيات. طلب المساعدة وأشار حسين الصقر الذي يسكن مدينة الدمام، إلى أساليب تعامل بعض الجمعيات الخيرية معهم، «عندما نطرق أبواب هذه الجمعيات لطلب المساعدة، سواء في شهر رمضان أو بقية شهور العام، تجد العاملين فيها يمارسون معنا أساليب التجاهل، وذلك لأن أغلبنا أسر فقيرة، وفي أمس الحاجة للمساعدة، ولا نملك أي دخل شهري»، مضيفاً «لاحظنا محسوبية في كيفية وطريقة توزيع المساعدات على الأسر المحتاجة، فكلنا أبناء وطن واحد، وليس هناك فرق بيننا، حتى تكون هناك محسوبية في صرف الإعانات». الدعم المادي وتساءل الصقر «مادامت هذه الجمعيات التي تقع في المدن تجد الدعم المادي من قبل وزارة الشئون الاجتماعية وأهل الخير، سواء كانوا رجال أعمال، أو غيرهم فلماذا التأخير والمماطلة في عدم صرف الإعانات على المستفيدين ممن هم مسجلون لديها؟، ولماذا لا تتم زيادة مبلغ الإعانة التي تعطى لكل أسرة، من 500 ريال الى 1500 ريال شهرياً ريال، خاصة إذا علمنا أن ميزانيات بعض هذه الجمعيات تصل بالملايين من الريالات؟». مكتوفة الأيدي وقررت أم عبدالرحمن (أرملة تعول ستة أبناء)، التي تسكن منطقة نائية، ألا تبقى مكتوفة الأيدي، بل صمدت أمام أعتى الظروف التي واجهتها بكل صبر واحتساب، خاصة بعد وفاة زوجها قبل أكثر من ثلاثة أعوام، وتقول: «رغم دعم الجمعية الخيرية لي ولأسرتي، إلا أن ذلك لا يكفي سوى لأيام قليلة في الشهر»، مضيفة «حاولت أن أدبر شؤوني من خلال الحصول على بعض المساعدات من الجيران الذين لا يبخلون علي، ومع ذلك، ما زالت في حاجة ماسة إلى مساعدات، فأنا بالكاد أستطيع أن أغطي كل مصاريفي وحاجات أسرتي». ظروف مأساوية وتضيف أم عبدالرحمن «اضطررت للذهاب إلى الجمعية من أجل الحصول على المساعدات، على الرغم من معرفتي بأنهم أحياناً يعطون، وأحياناً أخرى لا يعطون، نظراً لظروفي المأساوية التي أعيشها بعد وفاة زوجي قبل خمس سنوات». الهاجري: مساعدات الجمعيات لا تغطي احتياجات الأسر الفقيرة أكد محمد الهاجري، العضو بإحدى الجمعيات الخيرية الواقعة في منطقة نائية بالمنطقة الشرقية أن «المساعدات والدعم الذي تقدمه أي جمعية خيرية للأسر المسجلة لديها، تكون بحسب إمكانات الجمعية». ويقول: «يعتقد البعض أن هناك إجحافا في حق المستفيدين، عندما يتم صرف مبالغ غير كافية أو لا تفي بمتطلبات وحاجات كل أسرة». وأضاف «المبالغ والمساعدات التي تقدمها الجمعيات للمستفيدين، تتراوح قيمتها بين 800 و1000 ريال شهريا، وهذا المبلغ بالفعل لا يكفي لسد حاجات الكثير من الاسر، خاصة إذا كانت هذه الأسر تتكون من 10 أفراد أو تزيد، فإن هذا المبلغ لا يكفيها حتى لأيام عدة». وبين الهاجري أن «هذا الشيء جعل الكثير من الناس يعتقد أن كل الجمعيات تملك ميزانيات مالية ضخمة، وتحاول أن تحتفظ بها، ولكن هذا غير صحيح، خاصة إذا كانت هذه الجمعية تقع في منطقة نائية، حيث لا يأتيها أي دعم مالي، سوى دعم لا يتجاوز 200 ألف ريال من الدولة»، مضيفاً «وفي اعتقادي أن هذا المبلغ لا يكفي لتغطية مصاريف الأسر». وأشار الهاجري إلى أن «الجمعيات الخيرية التي تقع في المدن الرئيسية، هي أكثر الجمعيات المستفيدة من الدعم، وهذا ليس مقتصراً على دعم الدولة فحسب، حتى من رجال الأعمال، وأهل الخير الذين لا يتوانون في تقديم المساعدات العينية والمادية للجمعية، ولهذا نجد أن بعض الجمعيات الخيرية خاصة التي تقع في المدن، تصل ميزانياتها الى حوالي 20 مليون ريال، أو أكثر في السنة الواحدة، عكس بعض الجمعيات التي تقع في المناطق النائية، فقد لا تتجاوز ميزانيتها 300 ألف ريال، وهو مبلغ بسيط، لا يفي بمتطلبات الأسر المنتسبة لها»، موضحاً أنه «يجب على وزارة الشئون الاجتماعية زيادة إعانة الجمعيات التي تقع في المناطق النائية، كي تغطي مصاريفها»، مضيفاً «يا حبذا لو أجرت الوزارة دراسة شاملة ومستوفية عن أوضاع الجمعيات الخيرية، التي تقع في المدن الرئيسية، بحيث تتكلف هذه الجمعيات بدعم ومساعدات الجمعيات النائية، وذلك من خلال تقديم مساعدات عينية، تحاول بها أن تغطي ميزانياتها، بأن تكفي أعداد المسجلين لديها».