ربما يكون الرئيس المصري السابق حسني مبارك واركان نظامه قيد الاعتقال ولكن المحتجين الذين اطاحوا به يشعرون بأن المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يرتابون في التزامه الكامل بالتغييرات الديمقراطية الموعودة يختطف الثورة. ويعتقد المتظاهرون الغاضبون ان الجيش فشل في فك ارتباطه تماماً بحقبة مبارك ويعتقدون انه سيناور ليبقي قبضته على موازين السلطة حتى بعد ان يسلم الحكم للمدنيين. ما من أحد يشك بأن الجيش سيمضي قدماً نحو اجراء أول انتخابات برلمانية حرة ونزيهة في نوفمبر تشرين الثاني وانتخابات رئاسية في وقت لاحق وليس هناك من يتوقع ان يشهد الاقتراع عمليات التزوير التي كانت تمارس بشكل متكرر في عهد مبارك. لكن كثيراً من المتظاهرين الذين نظموا مسيرات لمقر وزارة الدفاع في القاهرة ومقار قيادات عسكرية في مدن اخرى في مطلع الاسبوع الماضي يتساءلون ما اذا كان الجيش الذي افرز رؤساء مصر على مدار ستة عقود من الزمان مستعداً للتخلي عن السلطة للمدنيين. وقال المحتج محمد فهمي في ميدان التحرير مردداً وجهة نظر يشاركه فيها عدد متزايد من المتظاهرين: يبدو ان الجيش يتجه نحو نقل السلطة لحكومة مدنية ولكن التباطؤ يشير الى انه يريد ان يظل مسيطراً حتى بعد انتخاب حكومة جديدة. وكان التأييد للجيش في اوجه في فبراير حين صدرت الاوامر لجنوده بالنزول الى الشوارع خلال الانتفاضة ضد مبارك ولكنهم احجموا عن اطلاق النار على المتظاهرين في مساندة ضمنية لدعوات ارساء الديمقراطية. ولكن بدأت تظهر اعتراضات على سياسات المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ تنحّي مبارك ووجّهت اتهامات له بالبطء في تنفيذ الاصلاحات والقضاء على الفساد. ويوم السبت الماضي نظم محتجون في القاهرة مسيرة الى مبنى وزارة الدفاع للمطالبة بتغييرات جذرية ولكن منعوا بساتر من الاسلاك الشائكة والجنود ووقعت مصادمات بين المتظاهرين ورجال رشقوهم بالحجارة ولم يتدخل الجيش لفضها. ويقول نشطاء ان تصرُّفات الجيش في الوقت الحالي مشابهة لما كانت تقوم به السلطات في عهد مبارك. ويضربون مثالاً بعدم تطهير وزارتي العدل والداخلية تماماً رغم استبعاد عدد كبير من الضباط والمسؤولين. يعتقد المتظاهرون الغاضبون أن الجيش فشل في فك ارتباطه تماماً بحقبة مبارك ويعتقدون انه سيناور ليبقي قبضته على موازين السلطة حتى بعد ان يسلم الحكم للمدنيين. ويقول عمار علي حسن رئيس مركز دراسات الشرق الاوسط ان جميع حكام مصر جاءوا من صفوف الجيش مضيفاً إن الجيش يعتبر ما حدث قبل ستة أشهر انتفاضة ضد خطط التوريث وليس ثورة لتغيير هيكل السلطة في اشارة لاعتقاد على نطاق واسع بأن مبارك كان يعدُّ ابنه جمال لتولي الرئاسة من بعده. واضاف إن الجيش يريد ان يظل في السلطة سواء بشكل مباشر او غير مباشر. ويصرّ الجيش على انه لا يتمسّك بالنظام القديم وقال اللواء محمد العصار مساعد وزير الدفاع في واشنطن ان الجيش ليس امتداداً للنظام القديم حسبما نشرت وسائل اعلام مصرية. ويقول الجيش انه لا يرغب في الاستمرار في ادارة شؤون البلاد وانه ملتزم بجدول زمني لضمان انتقال سلس للسلطة. وفي الاحاديث الخاصة يقول عسكريون ان ثمة مصالح عليهم حمايتها. ويدير الجيش مصانع ويشق طرقاً ولديه ممتلكات عقارية ضخمة. وعادة ما يتوقع ضباط كبار تولي مناصب كبرى بعد تقاعدهم من الجيش. وقال مصدر من الجيش لرويترز: دون شك ثمة مصالح للجيش يحافظ عليها.. فيما ترسم الخريطة السياسية لمستقبل مصر. وفي العلن يقول الجيش انه يتحرّك بأسرع ما يمكن وطالب المصريين بالتحلي بالصبر. ولا يزال المحتجون متشكّكين ووقعت الاشتباكات في القاهرة بعد خطاب المشير. وهتف البعض: الشعب يريد اسقاط المشير. وثمة انقسامات بين صفوف المحتجين وابدت اصوات من القاعدة العريضة لجماعة الاخوان المسلمين وهي الحركة الاسلامية الاكثر تنظيماً في مصر حذراً أكبر في توجيه انتقادات للجيش.