يعد عمل السمسرة العقارية عملا مختلفا في أوجه كثيرة عن غيره من الأعمال ، إذ أنه ذاك العمل الذي لا يتطلب قدرا من التعليم ، أو سن محددة ، كما أنه لا يستلزم أوقاتا معنية أو أماكن مخصوصة ، بل هو ببساطة حلقة وسيطة تتمثل في شخص السمسار العقاري للتوفيق بين البائع من جهة، والمشتري من جهة أخرى ، ليحصل السمسار مقابل ذلك على نسبة 2,5 % من قيمة الصفقة تدفع من قبل المشتري ، ينالها الوسيط بمفرده ، أو مع من شاركه من الوسطاء . وحتى لا نطيل على قرائنا في التعريف بعمل السمسرة ، ستكون الفقرات القادمة عبارة عن تجارب و مذكرات عايشها كاتب المقال منذ أن بدأ عمل السمرة أواسط الفترة الجامعية ، بين شيء من المواقف، و مختلف من الحكايات. كانت البداية منذ أن سعت العائلة إلى بيع منزل الجدة، الصدفة التي قادتني إلى سؤال والدي عن كيفية البيع و ماهو المكتب العقاري و لماذا يتم التواصل معه ، و انتهاء بعرض من الوالد إلى فرصة المشاركة في إتمام هذه الصفقة ، الانطلاقة العفوية التي و إن لم يتحقق بها بيع ذلك المنزل عن طريقي إلا أنه كان باكورة مشوار عقاري تعلمت منه الكثير ، و الأهم بساطة البداية، و الفرص الذهبية !. تلت تلك المحاولة خمسة أشهر من العناء خالية الوفاض، إلى إن أكرمنا الله بصفقة عقارية أذهبت بفرحتها كلية عناء أشهر التعب و الإجهاد ، و بدرس بدا عميقا و راسخا إلى يومه مؤكدا أنه حتى يتحقق النجاح المأمول فلا بد دون ذلك من مصابرة النفس لملازمة المشوار ، و عدم رفع راية الاستسلام أو إعلان الانسحاب . كانت السنتان اللتان أعقبتا تلك الباكورة من الصفقات متنوعة ما بين تجارب مثرية ، و إخفاقات معلمة ، نذكر منها على سبيل السرد و الاستذكار شيء من مرارة أن يسعى الإنسان ويجتهد من أجل إتمام صفقة عقارية معينة ، ثم يفاجأ بعد ذلك بنكران لحقه في العمولة و بوقاحة تامة ، التجربة التي تخرج الإنسان منها عنوة بأنه مهما كان قوبلت من صعوبات، أو واجهه من عقبات ، إلا أن ذلك كله لا يعد إلا ضريبة مرحلية لنجاح آخر مستقبلي ينتظر الإنسان في متقدم المطاف . مواقف أخرى و تجارب عدة لم تقتصر على نكران الحق، أو تجاوزات السلب و الانحراف الأخلاقي ، الشيء الذي إنما جاء في البال لتبقى بعده العبرة و الدروس المستفادة، في سلسلة آثرنا أن يكون ختامها الأسبوع القادم بمقال نخصصه عن مجمل من الخواطر و الأفكار حول عمل السمسرة والوساطة في حديث ربما نعنون له ب " عن السمرة أحدثكم ".. فإلى أن نلقاكم في حينه لكم منا أجمل تحية، والسلام.