خبر الدعوى التي تقدّم بها مواطن سعودي لديوان المظالم ضد وزارة التربية والتعليم لاستبعاده من مهنة التدريس بسبب قِصر قامته وبمبرر عدم مقدرته على الوقوف طويلاً.. هو خبر يستحق الوقوف عنده طويلاً من حيث انه يكشف قضية مهمة تهمّ فئة عزيزة على الوطن والمواطنين.. وتظهر شيئاً من حقائق الإجراءات المهنية والتوظيفية في الوزارة.. كما انه يبرز ثقافة هذا المواطن في المطالبة بما يراه حقاً له وتوجهه إلى جهة قضائية كبيرة يريد من خلالها ان تأخذ بحقه حتى لو كان على حساب جهة حكومية ضخمة.. ولا أتصور أن الأمر يزعج الوزارة عندما يكون هناك حق يطالب به فالكل يبحث عن العدل والوزارة استندت وبررت حقها في استبعاد هذا المواطن على معايير ومقاييس نظامها الداخلي فأخذت بها.. والرجل وجد أن الوزارة ظلمته باستبعاده بسبب أنه لا يوجد نظام يستبعد ذوي الاحتياجات الخاصة من الوظيفة التعليمية. هل فكّرت الوزارة فيما سيحصل له؟ وكيف يكسب رزقه؟ أم ستستبعده وتهبه راتباً؟ ومن المؤلم حقاً ان تخسر الوزارة عقلية يمكن ان تنفع الطلاب بمسوّغ شكلي.. ولنا عبرة في دول تقدّم أهل الاحتياج الخاص على غيرهم من الاشخاص ولا شك في ان ما ذكره المواطن باجتيازه المقابلة الشخصية والقياس يؤهله مهنياً لاستحقاق التعيين، واجده مبرراً منطقياً يستحق من خلاله تلك الوظيفة.. ولم نعرف يوماً ان مهنة التدريس هي مهنة الوقوف الطويل بل إن ما نعرفه أنها مهنة التعليم والتلقين بالحديث والحوار.. ولم نعرف أن إعاقته في لسانه لكي يكون هناك مبرر لاستبعاده.. كما أن التعليم هو من أهم الحقول والمجالات الوظيفية التي وظفت من يدخلون في وصف الاحتياجات الخاصة فلا احد يتجاهل أو ينسى ان الوزارة استعانت ووظفت كثيراً من المكفوفين في مدارسها لتدريس بعض المواد الدينية.. كما أن هناك من المعلمين من فيه صفات تُدخلهم ضمن الفئات الخاصة كمن فقد عيناً له (كريم العين) أو بعضهم فيه عرج.. ومنهم من فيه أمراض مزمنة كالربو أو الضغط والسكر، أو حالات مؤثرة كإصابة البعض بالديسك والانزلاق الغضروفي، أو احتكاك الركب وخشونتها وكلهم لا يستطيعون الوقوف طويلاً أو حتى للحظات.. كما أن هناك من المعلمين من كبار السن وهم أقرب للإعاقة ومع ذلك هم ما زالوا يمارسون وظائفهم التعليمية باقتدار. لقد حرصت الوزارة من خلال تطوير برامجها على دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن الطلاب الأصحاء في مدارسهم كي لا يشعر هؤلاء بالفرق.. ومع ذلك خالفت الوزارة هذا المنهج بإقصاء مواطن كان سيمثل دور المعلم الذي يعدّ ركناً مهماً في البيئة التعليمية.. إن الاستبعاد من وجهة نظري هو ضرب من الاجحاف لأن المبرر يمكن ان يتم تلافيه بتعيين هذا المعلم في المدارس الإبتدائية التي لا يعني ولا يهم طول القامة فيها ويمكن ان يؤدي هذا المواطن دوره ووظيفته بكل اقتدار.. وهل فكّرت الوزارة فيما سيحصل له؟ وكيف يكسب رزقه؟ أم ستستبعده وتهبه راتباً؟ ومن المؤلم حقاً ان تخسر الوزارة عقلية يمكن ان تنفع الطلاب بمسوّغ شكلي.. ولنا عبرة في دول تقدّم أهل الاحتياج الخاص على غيرهم من الاشخاص. [email protected]