ترحّم عشرات المعلمين في المنطقة الشرقية، على أمير الشعراء أحمد شوقي، وعلى بيته الشعري المشهور الذي قال فيه «قُمْ للمعلّمِ وَفِّهِ التبجيلا.. كادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا»، معلنين وفاة مضامين هذا البيت، تارة على يد الطلاب وأولياء أمورهم، وتارة على يد مسئولي التربية والتعليم أنفسهم، مؤكدين أن إدارتهم أخطأت عندما عاقبت المعلم الذي نال حقه من ولي أمر اعتدى عليه أخيراً، عن طريق المحكمة.المعلمون أشاروا إلى أن حقوق المعلم في «الشرقية» مهدرة، وأن كرامته مستباحة، وقالوا إنها ليست المرة الأولى التي تخذل فيها الإدارة معلميها، ولا تقف بجانبهم ولا تدعم موقفهم، في الكثير من القضايا التي يتعرضون لها.. مقر الإدارة العامة للتربية والتعليم (اليوم) إدارة التربية والتعليم ويرى المعلمون في المنطقة الشرقية أن «هناك استفزازات تعرضوا لها، جعلتهم يفقدون الثقة في إدارة التربية والتعليم»، معتبرين أن ما اتخذته الإدارة أخيراً من عقوبات بحق المعلم المعتدى عليه من قبل ولي أمر، بنقله من وظيفته، ولفت نظره، «فيه تجاوز كبير منها، ويتنافي مع حكم القضاء الذي أنصف المعلم، بعد أن خذلته إدارة التربية والتعليم في الحصول على حقه». الأسبوع الماضي وتأتي هذه الاستهجانات بعد أن فرضت إدارة التربية والتعليم عقوبة على المعلم المعتدى عليه من قبل ولي أمر طالب أخيراً، حيث صعّد المعلم القضية كونها انتهاكا لحقوقه، وحقوق مهنة التعليم بوجه عام، فقام برفع شكوى وصلت إلى المحكمة في الدمام، وبعد أن أخذت القضية مجراها، واستوفت أركانها كافة، حكم القاضي في الأسبوع الماضي بسجن ولي الأمر (المعتدي) عشرة أيام وجلده عشر جلدات، كونه انتهك حق المعلم واعتدى عليه في مقر المدرسة، وهو يؤدي عمله. تصرف غريب ورأى المعلم أحمد الزهراني أنه «من المخجل جداً أن لا تعترف إدارة التربية والتعليم بالأحكام القضائية الصادرة من المحكمة، وتتصرف وفق أهوائها، وتلقي باللائمة على المعلم، الذي تعرض للضرب والإهانة من ولي الأمر، وتقوم بعقابه، في تصرف غريب منها، يتنافى تماماً مع أحكام القضاء»، مضيفاً «رحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي عندما قال بيته المشهور «قُمْ للمعلّمِ وَفِّهِ التبجيلا .. كادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا»، فهذا البيت غير معمول به في المنطقة، رغم ترديده على لسان معلمين وتربويين كثيرين. وقال: «القاضي الذي نظر القضية، استند على الأحكام الشرعية، وقضى بمعاقبة ولي الأمر، وهو ما برأ ساحة المعلم، وبدلاً من أن تسعد إدارة التعليم بالحكم الذي برأ المعلم، وضمن له حقه، قامت بمعاقبة المعلم بنقله، ولا أعلم سبباً واضحاً يجعل الإدارة تتخذ هذه العقوبة، وكأنه مدان في القضية»، مؤكداً «لو أنه مدان أصلاً، لاتخذت المحكمة حكماً شرعياً ضده»، مشيراً إلى أن «هذا التدخل اللا مقبول من إدارة التربية والتعليم، أتوقع أنه ردة فعل ضد المعلم، لأنه صعّد القضية إلى المحكمة حتى يحصل على حقه، متناسية أن المعلم ذاته طرق باب إدارة التربية والتعليم، فلم تنصفه». «من المخجل جداً أن لا تعترف إدارة التربية والتعليم بالأحكام القضائية الصادرة من المحكمة، وتتصرف وفق أهوائها، وتلقي باللائمة على المعلم قضايا أخرى ويشير المعلم فهد العنزي إلى أنه «من حق المعلم أن يشكو إلى المحكمة وأن يرفع القضية، خاصة أن الإدارة لن تنصفه، وربما لهذا السبب، اتخذت الإدارة ضده هذا الإجراء بالنقل ولفت النظر»، مشيراً إلى أن «هناك قضايا أخرى مشابهة، لم تحرك فيها الإدارة ساكناً، كان آخرها تهجم شقيق أحد الطلاب على مدير مدرسة، وتهديده بالقتل، ولم تتفاعل الإدارة في هذه القضية، التي تمس أمن المعلم، ولو أن القضية خارج أسوار إدارة التربية، لكان فيها حكم قد يصل إلى السجن، لأن فيها تهديدا مباشرا وترويعا للمعلم الآمن»، مضيفاًً «أشد على يد هذا المعلم المعتدى عليه من قبل ولي الأمر وأقول له حسن ما فعلت، وجميل أنك لم تنتظر حكم إدارة التربية، ولجأت إلى المحكمة، التي لا تظلم ولا تجامل أحداً». اتخاذ عقوبات ويؤكد المعلم عبدالعزيز الشهري أن «إدارة التربية والتعليم أحرجت نفسها كثيراً في اتخاذ عقوبات ضد ذلك المعلم، وكأن المحكمة لم تبتّ في الأمر وتنهه لصالح المعلم نفسه»، موضحاً «يدرك جميع المعلمين في الشرقية أن العقوبة التي أصدرتها التربية، ما هي إلا ردة فعل ضد المعلم، لأنه طالب بحقه المشروع، وأصر على رد اعتباره، كونه معتدى عليه في مقر عمله».وتابع الشهري «على كل معلم لا يجد الإنصاف من قبل إدارة التربية والتعليم، أن يرفع الأمر إلى الجهات الأعلى، سواء الشرطة أو المحكمة، لأنه بهذه الطريقة يخرج من إطار إدارة التربية، ويصبح كبقية أطراف النزاع في القضية يأخذ حقه دون أي ضغوطات داخلية تمارس عليه»، مؤكداً «أتوقع أن تنتبه إدارة التربية للأمر، وتراجع حساباتها مع قضايا المعلمين، وستسعى جاهدة لإرضائهم والمحافظة على حقوقهم في أي قضية مستقبلاً».وبيّن المعلم يحيى القرني أن «من الواجب أن تقف التربية والتعليم مع المعلمين في مشاكلهم كبقية المؤسسات الأخرى، وأن تسعى جاهدة للدفاع عنهم في حال ثبتت براءتهم»، مضيفاً «ما رأيناه في قضية المعلم المعتدى عليه، أن إدارة التربية والتعليم، حاولت التأثير على المعلم الذي لم يقتنع بما أوجدته له من حلول، ورفع القضية إلى الجهات العليا والتي بدورها وعلى الملأ ومن خلال وسائل الإعلام برأت المعلم وحكمت على ولي الأمر المعتدي بالسجن والجلد معاً، وهذه رسالة للتربية والتعليم لعلها تفهمها مستقبلاً، وكنت أتمنى أن تتريث قليلاً في إصدار هذه الأحكام التي يفهم أبعادها كافة معلمي المنطقة».
معلم يسأل المديرس عن «الشفافية».. والمسئول يفضل الإجابة عبر الفاكس وفيما أرجأ مدير التربية والتعليم في المنطقة الشرقية الدكتور عبد الرحمن المديرس، ، الرد على استفسار، بشأن العقوبات التي فرضتها إدارته، على المعلم، وجه معلم سؤالاً له، وقال: «أنتظر أن يجيب المديرس عن هذا السؤال وبشفافية مطلقة».ورفض المديرس، في مكالمة هاتفية معه، الرد على الأسئلة بشكل شفوي، مفضلاً أن تكون مكتوبة ومرسلة له عبر الفاكس، متجاهلاً تأكيدنا على أن الموضوع لا يحتمل التأجيل، حتى نحصل على إجابته عبر الفاكس.وهاجم المعلم ابراهيم الغامدي إدارة التربية والتعليم في المنطقة الشرقية، متهماً إياها بأنها لا تراعي حقوق المعلمين، ويقول: «تعودنا نحن المعلمين على انتهاكات التربية لحقوقنا، فبدلا من أن تكون التربية هي الحصن الحصين لنا، وهي المدافع الأول عن حقوقنا، أصبحت مع كل أسف ضدنا، وليس هناك دليل أوضح من هذه القضية، التي أستغرب تفاصيلها ومراحلها»، موضحاً «إدارة التربية والتعليم، تناست أننا أبناؤها، الذين ينبغي أن تدافع عنا، وتحافظ على هيبتنا ومكانتنا وسط الطلاب أولا، والمجتمع ثانياً»، مضيفاً «أطرح على مدير التربية والتعليم سؤالاً آمل أن يجيب عنه بشفافية، ألا وهو لماذا يعاقب المعلم المعتدى عليه بتوجيه لفت نظر والنقل من مدرسته ؟! هل ثبت عليه شيء؟ أو هل استنتجتم أنتم خطأً لم تستنتجه المحكمة التي نظرت القضية كاملة، وحكم بحكم شرعي يبرئ ذمتها ؟!».