خاضت قوات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مدعومة بغطاء جوي كثيف معارك مع مسلحين متطرفين عند اطراف مدينة تكريت السبت، في اكبر عملية برية تنفذها هذه القوات منذ بداية هجوم المسلحين، وتترافق مع دراسة «اهداف مهمة» بالتعاون مع المستشارين العسكريين الامريكيين. وقال الفريق الركن صباح الفتلاوي قائد عمليات سامراء لوكالة فرانس برس «انطلقت فجر السبت عملية كبيرة لتطهير مدينة تكريت من عناصر داعش»، في اشارة الى تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» الجهادي المتطرف. وأوضح ان «قوات امنية من النخبة ومكافحة الارهاب معززة بالدروع والدبابات والمشاة ومسنودة جويا انطلقت من سامراء صوب تكريت لتطهيرها»، مضيفا: «نحن واثقون أن الساعات القادمة ستشهد أنباء سارة للشعب العراقي». وتابع الفتلاوي ان «مئات الآليات وآلاف الجنود من مختلف الصنوف تتقدم حاليا، وهناك فريق هندسي يعمل على تطهير الطريق الرابط بين ناحية دجلة ومدينة تكريت بسبب زرع عبوات ومتفجرات ولا نريد ان نخسر جنديا واحدا». وأكد شهود عيان ان القوات العراقية وصلت الى ناحية دجلة واشتبكت مع مسلحين ينتمون الى «داعش» الذي يسيطر منذ اكثر من اسبوعين مع تنظيمات متطرفة اخرى على مناطق واسعة من شمال العراق. وفي وقت لاحق، قال شهود عيان اخرون ان القوات العراقية بلغت اطراف مدينة تكريت من جهة الغرب، حيث تخوض معارك ضارية مع المسلحين. وكانت القوات العراقية تمكنت الخميس من السيطرة على جامعة تكريت الواقعة في شمال المدينة بعد عملية انزال قامت بها قوات خاصة اعقبتها اشتباكات مع مسلحين ما مهد الطريق بحسب مسؤولين عسكريين لاطلاق العملية البرية أمس. من جهته، قال المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا في مؤتمر صحافي في بغداد ان المسلحين «يختبئون في القصور الرئاسية»، المجمع الرئاسي الواقع في وسط تكريت معقل الرئيس السابق صدام حسين. وأضاف ان القوات العراقية تقوم بتوجيه «ضربات جوية في مناطق مهمة، مناطق تواجد الارهابيين او اخفاء الاسلحة والعجلات» (السيارات). وأكد عطا ان قادة تنظيم «داعش» بدأوا بالهروب من مدينة تكريت، فيما اشار الى ان التنظيم قام بدفن جثث قتلاه داخل القصور الرئاسية في المدينة. وأضاف عطا إن «القوات التابعة لقيادة عمليات دجلة تمكنت، من قتل 25 ارهابيا وحرق 34 عجلة لهم مختلفة الأنواع كانت محملة بالدواعش والأسلحة في محافظة ديالى»، مؤكدا أن «الوضع الأمني مستقر في ناحية منصورية الجبل». ويشن مسلحو تنظيم «داعش» الى جانب مسلحي تنظيمات متطرفة اخرى هجوما منذ اكثر من اسبوعين سيطروا خلاله على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه وشرقه تشمل مدنا رئيسية بينها تكريت والموصل (350 كلم شمال بغداد). وأعلن تنظيم «داعش» اقوى التنظيمات الاسلامية المتطرفة التي تقاتل في العراقوسوريا عن نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية.والعملية التي تقوم بها حاليا القوات العراقية وتحاول من خلالها استعادة السيطرة على تكريت مركز محافظة صلاح الدين، هي اكبر عملية عسكرية لهذه القوات منذ بدء هجوم المسلحين. مشاركة أمريكية وفي هذا السياق تحدث عطا عن تنسيق مع المستشارين العسكريين الامريكيين المتواجدين في العراق، قائلا «حتى الآن القوات الامنية العراقية هي التي تنفذ الخطة، والتنسيق مستمر مع الجانب الامريكي في مجال دراسة الاهداف المهمة». ونشرت الولاياتالمتحدة 180 مستشارا عسكريا في الايام الاخيرة لمساعدة القوات العراقية على وقف تقدم الاسلاميين المتطرفين. في موازاة ذلك قال مسؤول امريكي رفيع المستوى في واشنطن الجمعة ان «بضع» طائرات من دون طيار امريكية تحلق فوق بغداد لحماية القوات الامريكية والدبلوماسيين الامريكيين، موضحا «بدأنا ذلك خلال الساعات ال48 الماضية». وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) الاميرال جون كيربي ان «بعض الطائرات (من دون طيار) مسلحة قبل اي شيء لحماية العسكريين على الارض»، مضيفا ان العراق طلب من واشنطن من جهة اخرى شراء 800 صاروخ اضافي من طراز هلفاير. وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قال الجمعة ان «بغداد آمنة ولا يمكن ان تتعرض لاهتزاز»، مضيفا: «لن يستطيعوا ان يحدثوا شيئا في بغداد»، وذلك لدى زيارته قيادة عمليات بغداد بحسب ما جاء في بيان رسمي. مصير المالكي سياسيا، يعتزم زعماء الأحزاب العراقية اجراء محادثات حساسة قد تطيح بنوري المالكي بعدما دعا المرجع الشيعي الأعلى في البلاد إلى اختيار رئيس وزراء جديد على وجه السرعة. وتناشد القوى الكبرى تشكيل حكومة عراقية شاملة لا تهيمن عليها الطائفة الشيعية مثل الحكومة الحالية لمواجهة تقدم المتشددين المسلحين الذين عبروا الحدود من سوريا ويمثلون تهديدا على منطقة الشرق الأوسط. وفي تدخل سياسي مفاجئ قد يشير إلى نهاية فترة تولي المالكي للمنصب بعد ثماني سنوات حث المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني الكتل السياسية على الاتفاق على رئيس للوزراء ورئيس للبلاد ورئيس للبرلمان قبل انعقاد البرلمان المنتخب في بغداد يوم الثلاثاء. وقال نائب عراقي ومسؤول سابق في الحكومة ينتمي إلى الائتلاف الوطني العراقي الذي يضم أحزابا شيعية «الأيام الثلاثة المقبلة مهمة للغاية للتوصل إلى اتفاق.. لدفع العملية السياسية إلى الأمام». وأضاف النائب الذي طلب عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية الموضوع إنه يتوقع عقد اجتماعات داخلية للأحزاب المختلفة وجلسة أوسع للائتلاف الوطني تشارك فيها قائمة دولة القانون التي يتزعمها المالكي مطلع الأسبوع. ومن المقرر أن تجتمع بعض الأحزاب السنية أيضا في وقت لاحق. وسيجعل دخول السيستاني في المعادلة من الصعب على المالكي أن يستمر كرئيس وزراء مؤقت للعراق كما هو الحال منذ اجراء الانتخابات البرلمانية في ابريل نيسان. وبعث السيستاني برسالته بعدما فشل اجتماع للفصائل الشيعية بما في ذلك ائتلاف دولة القانون في الاتفاق على مرشح لتولي منصب رئيس الوزراء.