تكتسي التنمية المناطقية أهمية مركزية بالنسبة لعملية بناء اقتصاد يمتاز بقاعدة عريضة. ويُعدُّ تقديم الدعم الحكومي وأشكال المساعدة الأخرى إلى المناطق الأقل تطوّراً من الناحية الاقتصادية مهماً للغاية. كما أن التنمية المناطقية أداة محتملة لتكامل وتعزيز جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى تغييرات جوهرية وهيكلية سريعة وإصلاح اجتماعي سريع، خصوصاً من أجل تحقيق توزيع أوسع نطاقاً لعائدات التنمية على شرائح المجتمع التي تتمتع بامتيازات قليلة. وبالنسبة لبلد كبير بحجم المملكة العربية السعودية، فإن التنمية المناطقية ضرورية من المنظور الإستراتيجي أيضاً. ولا يستطيع جميع المواطنين أن يعيشوا في المدن الكبيرة ولا ينبغي عليهم أن يعيشوا في المدن فقط. وكخطوة أولى نحو تحقيق التنمية المناطقية المتوازنة، لا بد من تحديث وتغيير نظام المناطق الذي دخل حيّز التنفيذ في الربع الأول من عام 1992 (أيْ قبل 22سنة)!! ينبغي على نظام المناطق الجديد أن يمنح مجلسها السلطة الكاملة لاستجواب المدراء العامّين للمناطق بالتالي، فإن المساءلة من ثم المحاسبة هي أحد المتطلبات فقد تغيّرت أمور كثيرة منذ ذلك الحين، بما في ذلك الإطار الزمني والمجتمع والاحتياجات. وينبغي على نظام المناطق الجديد أن يمنح المناطق الاستقلال التام عن الوزارات. وهذا يعني، مثلاً، أنّ مدير عامّ الشؤون الصحية في أيّ من المناطق الثلاث عشرة ينبغي أن يكون الشخص المسؤول والأوحد عن شؤون الصحة في منطقته، وأن يتمتع بكامل الصلاحيات والسلطة في مجال عمله دون الرجوع الى الوزير او الوكيل المختص. ولا يعني هذا أنّ التنسيق غير مطلوب مع الوزارات والسلطات الأخرى لكنْ ينبغي منح مديري المناطق صلاحيات كاملة لتقرير مصير مناطقهم، لأنهم أدرى الناس بالمشكلات والقضايا التي تواجهها. كما ينبغي على نظام المناطق الجديد أن يمنح مجلسها السلطة الكاملة لاستجواب المدراء العامّين للمناطق. بالتالي، فإن المساءلة من ثم المحاسبة هي أحد المتطلبات. وينبغي على مجالس المناطق أن تكون الجهات التي تُعدّ التقارير حول سلوك وأداء المدراء العامين للمناطق. وينبغي على أمير كل منطقة – ولا أحد سواه – أن يكون الرئيس المباشر لمدير عام الدائرة الحكومية في منطقته، بينما ينبغي على المقر الرئيسي للوزارات في الرياض أن تصبح الجهات التنظيمية فقط. على سبيل المثال، إن الوزير الذي مقرّه في الرياض (أو جدة خلال فصل الصيف) لا يعرف ما يجري يومياً في منطقة نجران أو عسير أو تبوك وغيرها من المناطق!! إنما يعتمد على تقارير يومية ومكالمات هاتفية من مدراء العموم في كل منطقة!! كما ينبغي تقسيم المؤشرات الاقتصادية على المناطق، بما في ذلك اعتمادات الميزانية. وأخيراً وليس آخراً، ينبغي على الحد الأقصى لوظيفة أمير المنطقة أن يقتصر على دورتين فقط (أيْ ثماني سنوات). وفي هذا الاجراء استثمار للتجارب الناجحة وتدويرها في مواقع قيادية اخرى، لا بد من تهيئة السبل والآليات لإدارة المناطق بصورة أفضل مع تعزيز الاهتمام بها إذا كانت البلاد تريد فعلاً تحقيق التنمية الاقتصادية والمناطقية المتوازنة.