اوضحت الفنانة التشكيلية الدكتورة غادة النجار ل"الجسر الثقافي" أن الرؤى الفنية التي سعت لتوظيفها في لوحاتها أنها طرحت تجربة جديدة وممتعة بدأت منذ سنة تقريبا، وهي نقل بعض المشاعر الإنسانية الخاصة والحساسة جدا في صورة بورترية مبسط، بطريقة يقبلها المتلقي بشكل مباشر، وكانت النتيجة نالت استحسانها واضحة في البورتريهات المائلة للتكعيبية، والمستوحاة من الفن الفرعوني القديم في بعض صياغاته ورموزه مثل اللغة الهيروغليفية والألوان البراقة، وبعض الرموز الظاهرة بلوحاتها ذات الخلفيات التي تحمل في طياتها بعض الكلمات البسيطة عن الحياة والحب والسلام، وذلك خلال خلال افتتاح المعرض الثنائي لها وللتشكيلي الشيخ ادريس بمقر القنصلية الفرنسية بجدة، برعاية القنصل الفرنسي الدكتور لويس بلين يوم الاربعاء الماضي. وحول اعتماد الفنان على المدارس التقليدية في تقديم لوحاته تقول النجار: "فى وجهة نظري لا يمكن أن يعتمد الفنان على المدارس التقليدية بالفن وينهج منهاجها ليرسم، ولكن يجب عليه دوما البحث والنظر فى كافة هوامش الحياة والمشاعر الإنسانية ليكون لغته الثرية وينقل احساسه، وهذا ما حاولت فعله بمجموعتي الأخرى بالمعرض عن المرأة والمشاعر والحياة متمثلة فى زهرة اللوتس الرائعة عند قدماء المصريين وهى رمز للحياة والأمل". واطلقت النجار على تجربتها الحلم الأزرق حيث قالت: "أستطيع ان أسمى مجموعة بورتريهاتى بالمعرض (الحلم الأزرق) ومجموعتى الثانية من الشخوص المستوحاة من فتيات الفراعنة (فتاة اللوتس) ونجحت فى ايصال فكرتي واسلوبي الذى حاولت تطويره عن معرضي الشخصي السابق للمتلقي، واتمنى ان ينال الاستحسان". من جانبه تحدث الفنان الشكيلي الشيخ ادريس قائلا: "أعمالي المشاهدة بصالة القنصلية الفرنسية بجدة والتى قدمتها لجمهور الزوار بالمعرض كان عنصرها التعبير عن الإضاءة والإشراق في اللوحة، فكل اللوحات المعروضة تسير بنفس الاتجاه، وعموما إن الانطباعية التي يصنف بها هذا الأسلوب في التلوين والرسم وبناء اللوحة اعتمادا على عنصر الإضاءة والإشراق التي تعطيها ألوان الأكريلك المستخدمة في تنفيذ تلك الأعمال الفنية، كذلك أعطت ضربات الفرشاة العمل الفني الحركة التي يحتاجها لكي يحرك الوجدان للمتلقي. من جهته ذكر الناقد عبدالرحمن المغربي أن المعرض ضمن تجربتين مختلفتين في المضمون ونوعيه الطرح، حيث لكل واحد منهم فكره وتوجهه الخاص والذي يسيطر على نوعية الطرح، حيث إن تجربة التشكيلي المتألق الشيخ ادريس تحمل بصمة خاصة من خبرته البصرية العريقة، والتي اكتسبها عبر سنين وزمن ليس بيسير امتلك من خلالها أدواته وألوانه وطابعه الخاص. ويتابع المغربي: "كما ناقش ادريس من خلال هذا المعرض قصصه المعتادة من قضايا اجتماعية ومواضيع إنسانية، تأخذ بالمتلقي إلى أبعاد حالمة وأجواء مفرحة، معتمدا على العنصر البشري (الإنسان) وتفاعله مع الحياة بأجوائها المختلفة، فنشاهد الناس والعناصر في المنجز الخاص به، وقد أكسبهم ديناميكية وحركة فائقة مستمرة، وكأنه ينقل لنا حركه الكون والحياة التي لا تقف عند حد معين ونقطة معينة بأسلوب انطباعي جميل يعزز أسلوبه وخصوصيته المعروفة عنه، كما استحضر مواضيعه من عقله الباطن دون عناء أو تحضير، فخبرته واحترافه في هذا الجانب والذي استمر لزمن طويل يؤهله لأن يكون فنانا متألقا صاحب تجربة وخصوصية لا يختلف فيها اثنان". ووصف المغربي أعمال الفنانة غادة النجار التى قدمتها في المعرض بأنها بشكل عام ترتبط بشكل مباشر بالمرأة، وتفاعلها المستمر مع الحياة والناس والمجتمع قائلا: "اعمالها متميزة من خلال طابعها الخاص التي يطغى عليها الحس الفرعوني بمواضيعه الخالدة ورموزه التي أثرت في الكثير من الثقافات الأخرى، فأعمالها ليست اقتباسا بقدر ما هي تعبير ذاتي عن تلك الثقافة بأسلوب اقرب الى التعبيرية التكعيبية في مواضيعها، لتؤكد دورها الأساسي بالنهوض بالمجتمع وتربية الأجيال بأسلوب شبه تكعيبي وخطوط حادة، وخلفية تنعم بالكثير من الرموز المجردة لتؤكد هويتها وخصوصيتها في الانتماء والأرض والمكان". واشاد القنصل الفرنسي الدكتور "لويس بلين" بالاعمال المشاركة في المعرض، والذي انعكس على الجمهور من خلال اكتشافهم مفاهيم جديدة في لوحات غادة النجار التي نجحت بتجديد اسلوبها بهذا الشكل والذي عرض لاول مرة في القنصلية. واضاف قائلا: "يظهر في لوحات النجار أناقة الفن الفرعوني في رسمها صورا أو بورتريهات النساء كما هو ظاهر في لوحاتها، وفي اعتقادي أنها استلهمت اسلوبها من التمثال النصفي الشهير لنفرتيتي المعروض في متحف برلين، وهذا ما سمح لها رسم شخصياتها من الأمام وليس من الجانب وكانت النتيجة مذهلة، جعلتنا محاطين بلوحات تكعيبية، تعبر كل واحدة منها عن مشاعر فريدة، سيدركها من يستطيع قراءة الهيروغليفية المصرية القديمة المكتوبة على خلفية اللوحات، بعد أن استطاعت الفنانة نقل جو الحلم والغموض الذي يحيط بالفن الفرعوني، وذلك بإضافة قوة إغواء أجدها لا تقاوم، بعد أن استخدمت تقنية يظهر من خلالها الطلاء كالنقش النافر المنحوت على جدار، كما في الفن الفرعوني أيضا تُضفي نتيجة هذه التقنية جوا يجمع التناسق والغموض بطريقة مميّزة تستحق أن يطلق عليها عنوان (الرومانسية الفرعونية)". أما عن تجربة الفنان الشيخ إدريس فقال عنها: "هو فنان سوداني مقيم في جدة وهو عضو في جمعية الثقافة والفنون وبيت الفنانين التجريديين، وله أكثر من عشرة معارض فردية أقيمت في المملكة العربية السعودية والخارج، جعلته يتأثر كثيرا بالانطباعيين الفرنسيين وخاصة "سيزان"، وميزته الرئيسية في رأيي هي معالجة الضوء في اللوحة، تجعله يستطيع أن يضيء مشاهده من داخل اللوحة بطريقة مذهلة مما يسمح له بإعطائها عمقا وحركة مميزة".