أعلنت حركتا حماس وفتح الفلسطينيتان إنهاء مشاوراتهما لتشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، مشيرتين إلى أن الرئيس محمود عباس سيعلن الحكومة غدًا الخميس. وقال مسؤول ملف المصالحة في حركة فتح عزام الأحمد للصحافيين بعد انتهاء جلسة المشاورات مع حماس في غزة: «انتهينا من المشاورات المتعلقة بحكومة الوفاق الوطني وسأقوم برفع وجهات النظر للحركتين للسيد الرئيس الذي سيقوم شخصيًا بالإعلان غدًا عن التشكيل الوزاري النهائي»، فيما أشارت معلومات الى ان حركة حماس عادت لحضن إيران، بعد أن كسبت وعداً بالحصول على منحة مالية سنوية بقيمة 200 مليون دولار، ومساعدة عسكرية وأسلحة متقدمة أيضاً تضعها على قدم المساواة مع حركة الجهاد الإسلامي الموالية لإيران, فيما قال الناطق باسم حركة حماس، سامي أبو زهري، أمس: إن حركتي فتح وحماس اتفقتا على أن يتولى رامي الحمد الله رئاسة حكومة التوافق الوطني، على أن تستكملا مشاوراتهما حول بقية أعضاء الحكومة. وقال أبو زهري في بيان: إن جلسة الحوار التي عقدها وفدا الحركتين في غزة، مساء الإثنين، وانتهت بعد منتصف الليلة قبل الماضية: «تمت في أجواء إيجابية». وأضاف: إنه «تم التوافق على الدكتور رامي الحمد الله، الذي يتولى رئاسة حكومة السلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية، رئيساً لحكومة التوافق». من جهته، أكد إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس، أنه تم الاتفاق على أن يترأس الحمد الله حكومة التوافق، مشددا على انه سيتنازل عن منصبه «طواعية» من أجل «كسب الوطن ومن أجل الشعب والقضية». وقال هنية في حفل افتتاح صالات جديدة في معبر رفح الحدودي مع مصر: «تم التوافق على الدكتور رامي الحمد الله، ويمكن أن يكون هو (الحمد الله) وزير الداخلية. وأضاف هنية: «اليوم نسلم الراية بيضاء مجللة بالفخار. نحن نتنازل طواعية عن الحكومة لنكسب الوطن، ومن أجل الشعب والقضية». وأضاف: «هناك حكام يقتلون شعوبهم من أجل الكرسي، ونحن نغادر الكرسي من أجل شعبنا». وأضاف: «نخدم شعبنا حيثما نكون، وسنعين الحكومة القادمة في أداء مهامها». وعقدت ظهر أمس، جلسة الحوار الثانية بين وفدي فتح برئاسة الأحمد، وحماس برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي موسى أبو مرزوق في قاعة فندق كومودور غرب مدينة غزة، لاستكمال مناقشات تشكيل الحكومة على ما أفاد مراسل لفرانس برس. حماس وإيران وفي تفاصيل اتفاق إيران وحماس، نسب موقع «ديبكا فايل» الإسرائيلي الى مصادر أن هذا الاتفاق تم التوقيع عليه سراً في الدوحة يوم الثاني والعشرين من مايو الحالي في اجتماع بين نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبدالله هيان، وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي في حماس. وجاء الاتفاق بعد شهر من مفاوضات مكثفة بين حماس وطهران جرت على نحو هادئ بالتوازي مع «محادثات الوحدة» التي تمت بين حماس ورئيس السلطة الوطنية محمود عباس. وهكذا تكون حماس قد عادت لتصبح عضواً في محور إيران-سورية حزب الله الراديكالي بعد أن وعدتها طهران تقديم المال والأسلحة المتقدمة وتوفير دورات تدريبية لعناصر حماس ينظمها حرس إيران الثوري. شرط إيراني واشترطت طهران قبل إبرام الاتفاق أن يكشف مشعل عن تأييده علناً لسياسة إيران في سوريا، وتأييده لبشار الأسد. وحظي مشعل بتأييد حركته لهذا التطور، فقد أصدر مجلس الشورى في حماس قرارات أكدت أن الحركة ستسعى لاستعادة علاقاتها مع طهران, وأن يزور مشعل طهران لمناقشة الجوانب المالية والعسكرية في إطار إعادة العلاقات بين الطرفين. وانه لن يكون للاتفاق مع إيران تأثير على الخطوات المتعلقة بتوحيد الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، ولا على المصالحة بين قادة حماس وفتح. فك العزلة وقال محللون وخبراء سياسيون فلسطينيون: إنّ حركة «حماس تسعى ل «فك» عزلتها السياسية، وإعادة ترتيب أوراقها من خلال تقاربها مجدداً مع إيران، وإحياء العلاقات معها. وتوقع الخبراء في أحاديث لوكالة الأناضول أن تعود العلاقات بين حماس وإيران إلى سابق عهدها، في ظل ما تشهده المنطقة من متغيرات سياسية. وكان عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة حماس، قال: إنّ خالد مشعل رئيس المكتب، التقى مع حسين عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني، بالعاصمة القطرية الدوحة. وقال الرشق: إن “مشعل والمسؤول الإيراني تباحثا في تطورات الوضع الفلسطيني والإقليمي والدولي، وما تشهده المنطقة من تغييرات”. وكان إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس» قد شارك عبر الأقمار الصناعية في افتتاح المؤتمر العام ل «اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية» في العاصمة الإيرانيةطهران. وقال هنية في كلمة له: إن «هذا المؤتمر يستحضر دعم إيران السياسي والمالي للمقاومة، والقضية الفلسطينية»، فيما أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني في كلمته في المؤتمر أن طهران ستبقى داعمة للمقاومة في كل مكان، وستتصدى سياسياً وإعلامياً لمحاولات تشويهها. إعادة ترتيب الأوراق من جانبه، قال أحمد يوسف، الخبير في الشؤون الفلسطينية، ورئيس مركز بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات بغزة: إن «حركة حماس بحاجة إلى إعادة ترتيب أوراقها، والعمل على اختراق حلقات عزلتها، وحصارها السياسي والمالي». وأضاف، أن «حماس تدرك الآن، وبعد تماوج الأوضاع السياسية في المنطقة، أنه من الأجدر بها أن تقترب من كل الأطراف سياسياً، وألا تعادي أي جهة». وأضاف، أن «حماس تحتاج إلى إيران، كما أن الأخيرة لا يمكن لها أن تتجاهل وزن حركة حماس السياسي في المنطقة، ومن الطبيعي أن يعود الطرفان للتقارب من جديد». وعلى مدار سنوات عديدة، أقامت «حماس» علاقات قوية ومتينة مع النظام الإيراني، ضمن ما كان يعرف قبيل اندلاع ثورات الربيع العربي، ب «محور الممانعة» الذي كان يضم إيرانوسوريا وحزب الله اللبناني وحركة حماس. ولكن اندلاع الثورة السورية، في عام 2011، ورفض «حماس» تأييد نظام بشار الأسد، وتّر العلاقات بينهم، إلى أن وصلت لقطيعة تامة بين «حماس» وسوريا، وشبه قطيعة بينها وبين إيران، وحليفها «حزب الله» اللبناني, غير أن الأشهر الماضية وبحسب تصريحات الجانبين، فإن علاقات حماس مع طهران بدأت تعرف طريقها نحو «الهدوء»، وتنقية الأجواء. وفي السياق، كشف المتحدث باسم حركة «حماس»، فوزي برهوم، لوكالة «الأناضول» عن تحسن مستمر في علاقة الحركة مع إيران. وقال برهوم: إن «الفترة المقبلة ستشهد المزيد من التقارب، وتحسّناً في العلاقات الاستراتيجية مع الجمهورية الإيرانية». كما ذكر علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني (البرلمان)، في تصريحات صحفية سابقة أن علاقات بلاده مع حركة حماس «عادت كسابقها، وأنها تتلقى الدعم باعتبارها تيارا مقاوما». تغير المشهد السياسي من جانبه، قال مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة: إن «حركة حماس، وبعد ما عانته من عزلة عقب عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي في شهر يوليو الماضيي، وما قد تؤول إليه الأوضاع السياسية في المنطقة في الأيام القادمة، أعادت قراءة المشهد السياسي». وأضاف، أن «الخريطة السياسية في المنطقة لم تعد تصب في صالح حركة حماس، ولا تسير في اتجاه ما تريد، وهذا ما يدفعها للتقارب من جديد مع إيران، لكي تفك عزلتها، وحلقات الحصار المالي والسياسي التي تعاني منه». واعتبر أبو سعدة أن أزمة حركة حماس السياسية، دفعتها مؤخراً لترتيب أوراقها مع جميع الأطراف في الخارج والداخل. وأكدت مصادر إعلامية في غزّة، أن بوادر الدعم المالي الإيراني بدأ يصل حماس، وإن لم يكن بالوتيرة ذاتها التي سبقت القطيعة بينهما. وتعاني حركة حماس، من عزلة فرضتها متغيرات الوضع العربي والإقليمي، حيث فقدت مؤخراً حليفاً قوياً بعد عزل الرئيس المصري السابق مرسي على يد الجيش المصري بمشاركة قوى وشخصيات سياسية ودينية. ومنذ عزل مرسي، تتهم السلطات المصرية، حركة «حماس»، التي ترتبط فكريا بجماعة الإخوان، بالتدخل في الشأن الداخلي المصري والمشاركة في تنفيذ «عمليات إرهابية وتفجيرات» في مصر، وهو ما تنفيه الحركة بشكل مستمر. وأصدرت محكمة «الأمور المستعجلة»، بالقاهرة، في 4 مارس الماضي، حكماً قابلاً للطعن، بوقف نشاط حركة «حماس»، داخل مصر، وحظر أنشطتها بالكامل، والتحفظ على مقراتها داخل بمصر. من جانبه، قال هاني حبيب، الكاتب السياسي في صحيفة (الأيام) الفلسطينية الصادرة في رام الله: إن حركة حماس تقوم في المرحلة الراهنة بإجراء مراجعة داخلية شاملة، في ظل المتغيرات المتسارعة إقليمياً ودولياً. وأضاف أن «الحركة بدأت تعي الدرس السياسي جيدا، من خلال التطورات والمتغيرات في المنطقة، وفقدها لأكثر من حليف، ومن أجل إعادة ترتيب أوراقها في المنطقة تقترب من إيران، وتستعيد ما كانت تفتقده في السنوات الماضية». وأكد حبيب، أن المأزق السياسي والمالي لحركة حماس، وتشديد الحصار على القطاع، الذي تدير شؤونه منذ عام 2007، دفعها لمثل هذا التقارب. ولا تكشف حركة حماس عن مصادر تمويلها غير أن مصادر مطلّعة في الحركة تؤكد أن التمويل يأتي أولا من المصاريف الثابتة لأبناء الحركة والمدفوعة من قبلهم كميزانية للحركة، بالإضافة إلى ما يتم جمعه من أصدقاء الشعب الفلسطيني وأصدقاء حماس من الشعوب والمنظمات الأهلية والأحزاب، وهناك الدعم الرسمي من بعض الأنظمة وفي مقدمتها إيران. إلى ذلك، قال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، محمود الزهار: إن العلاقات بين الحركة وإيران ستشهد تغيراً قريباً، وسط تأكيد إيراني على دعم حماس باعتبارها «تياراً مقاوماً»، مشيراً: إن الحركة بدأت تتخذ خطوات لإحداث تطور في العلاقة مع إيران قريباً، وذلك بعد تصريحات رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني الأخيرة التي أكد فيها أن علاقة إيران مع حركة حماس عادت كالسابق.