أعاد طارق تفحص حقيبة التصوير خوفاً من نسيان الشاحن ، في طريق خروجه أعاد النظر إلى المرآة ليتأكد من هندامه، تحرك من أمام منزله ليصل إلى غرفة الدراسة قبل بدء الدورة في يومها الأول. في اليوم التالي، لم يمر طارق على المرآة ، و في اليوم الثالث تأخر عن المحاضرة ، و في اليوم الأخير كان في المحاضرة ممدد القدمين ، جالساً على نصف ظهره، يقلب بين أصابعه قلم الرصاص الأصفر...اكتشف اللعبة! بعد تخرج الشاب يتحول توصيفه من طالب إلى جامع (جامع شهادات) يجمعها من هذا المعهد أو ذاك، و كلما زاد وزن ملفه (الأخضر) زادت على ما يعتقد فرصته للتوظيف، يمتلئ عقله ويفيض قلبه قناعة بما تحرره المعاهد في إعلاناتها، لرفع شهية جامعي الشهادات لشغل مقاعدها (وحساباتها البنكية)...ولكن بعد حين يكتشف الطالب ما اكتشفه طارق! تستغل بعض المعاهد شغف الشباب و حاجته للتطوير ، فتتفنن في صياغة إعلاناتها لجذب أكبر قدر من المتدربين (المستهلكين ) ، و لكنها تهمل واجباتها تجاه مكونات الدورة ذاتها، بعض المعاهد (تستقدم) أي مختص لتكليفه بأي دورة سواء في مجال تخصصه أو في محيطه، بعض المعاهد تتمادى في إهمالها لدرجة التقصير في توفير أدوات ووسائل التدريب، كل ما يسعى إليه المعهد هو تصديق الجهات المعنية للشهادات المقدمة دون مراعاة لأي معيار من معايير التدريب الناجح. لا يعقل أن نكون الاقتصاد الأكبر في المنطقة و ما زالت غرف تدريب دبي والبحرين مكتظة بأبنائنا، حتى أصبحنا نتعرف على بعضنا أثناء التدريب في الخارج!. اقتصادنا في تطور مستمر، يحتاج وسيحتاج لكفاءات تقود هذا الحراك الاقتصادي الكبير، التدريب من أهم الروافد التي تصب في تطوير الإنسان و هو البنية التحتية للاقتصاد. لذا فنحن في حاجة لاستثمارات جادة في مجال التدريب خاصة التدريب المتخصص الاحترافي، الذي يقدم لسوق العمل كفاءات ذات مهارات محددة و هامة سواء كانت تقنية أو إدارية ، فلا يعقل أن نكون الاقتصاد الأكبر في المنطقة وما زالت غرف تدريب دبي و البحرين مكتظة بأبنائنا، حتى أصبحنا نتعرف على بعضنا أثناء التدريب في الخارج!. في اليوم الأخير ، و بعد علم المدرب أن طارق و زملاءه تململوا بسبب تدني مستوى الدورة، وقف أمامهم في كلمة أخيرة : من يعتقد بأن الدورة لم تكن في المستوى المطلوب فهو على خطأ فموضوعات هذه الدورة ما هي إلا أرضية تهيئكم لدورة أخرى أكثر تقدماً، فمن أراد أن يتحصل على قدر أكبر من المعرفة عليه التسجيل في الدورة التاليةَ! «...حقيقة أنا لا تحضرني الآن كلمة تصف هذا النوع من السلوك...سأدعها لك أخي القارئ . * خبير تقنية ومستشار في اتحاد الغرف التجارية