دعت روسيا جارتها أوكرانيا الى الكف فوراً عن «استخدام القوة ضد شعبها». وقالت وزارة الخارجية في بيان: «السلطات غير الشرعية في كييف ماضية وبشكل فج في سحق الحقوق المعترف بها على نطاق واسع بالتواطؤ مع رعاتها الغربيين». واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاوروبيين بالتغاضي عن ما وصفه تصاعد موجة «الفاشية» في اوكرانيا، وذلك في معرض حديثه عن مقتل اربعين شخصا من الموالين للروس في اوديسا (جنوب). وقال خلال حفل مع اقتراب الاحتفالات بذكرى النصر على ألمانيا النازية في 1945 خلال الحرب العالمية الثانية: «منذ عدة سنوات تغض اوروبا الطرف عن واقع ان الايديولوجية الفاشية تكسب مؤيدين جددا وان مروجيها يجتذبون المزيد من الاتباع». وأضاف: «ما حصل في اوديسا في 2 ايار/مايو هو محض فاشية». وقتل اربعون شخصا معظمهم من الموالين للروس يوم الجمعة في مبنى رسمي في اوديسا، المدينة الساحلية الواقعة جنوباوكرانيا، في حريق مبنى كانوا يتحصنون فيه في مواجهة مع قوميين أوكرانيين. وطلب الاتحاد الاوروبي، السبت، فتح تحقيق مستقل لتحديد المسؤولين عن اعمال العنف. والاحد اعلن رئيس الوزراء الاوكراني ارسين ياتسينيوك ان هذه المأساة تشكل جزءا من «مخطط روسي لتدمير اوكرانيا». وفيما أعلنت واشنطن أنها بصدد فرض عقوبات جديدة على روسيا إذا منعت اجراء انتخابات في أوكرانيا أو اعترفت باستفتاء جديد يعتزم أن يجريه حلفاؤها من الانفصلايين، يستعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستعراض قوة يوم غد الجمعة مع الاحتفالات بعيد النصر في 1945 على المانيا النازية ما يشكل مناسبة لشحن المشاعر الوطنية في البلاد في اوج ازمة مع الغربيين حول اوكرانيا. وفي كل سنة تحتفل روسيا بانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية في 9 ايار/مايو، لأن الاستسلام حصل في وقت متأخر مساء 8 ايار/مايو في برلين اي 9 ايار/مايو بتوقيت موسكو، بعرض عسكري كبير في الساحة الحمراء بوسط موسكو. لكن هذا الحدث الذي تعرض فيه روسيا قوتها العسكرية مع قاذفات صواريخ ودبابات هجومية، يرتدي اهمية اكبر هذه السنة بالنسبة للكرملين في وقت يتزايد فيه الحديث عن الحرب العالمية الثانية كأمثلة للتطرق الى وضع اوكرانيا. وقالت فيكتوريا نولاند مساعدة وزير الخارجية الأميركية في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الثلاثاء: «ما نفعله هذا الأسبوع ... محاولة إعداد هذه المجموعة القوية من العقوبات التي تشمل قطاعات على جانبي الاطلسي كي يتمكن الروس من رؤيتها وفهمها وفهم تأثيرها إذا اقدموا على مزيد من الإجراءات لمنع اجراء الانتخابات». وقال رئيس اللجنة السناتور الديمقراطي روبرت منديز: إن الروس «يبذلون كل ما في وسعهم» لتعطيل الانتخابات الأوكرانية المقررة يوم 25 مايو/ أيار. وتقارن موسكو اعمال العنف في الجمهورية السوفياتية السابقة بأسوأ جرائم النازيين وتتهم الغربيين بالتغاضي عن ذلك. ونشرت الخارجية الروسية الاثنين «كتابا ابيض» وضعت فيه لائحة بانتهاكات حقوق الانسان «الكثيفة» والتي نسبتها الى القوميين الاوكرانيين مع صور تعود الى حقبة الاحتلال الالماني لاوكرانيا خلال الحرب العالمية الثانية. ولم تتوقف روسيا عن التنديد باستناد قوميين اوكرانيين الى ذكرى ستيفان بانديرا، الزعيم القومي المناهض للسوفيات الذي تعاون في فترة ما مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية. والثلاثاء اعلن رئيس الدوما (مجلس النواب الروسي) سيرغي نارشكين من جهته ان «إبادة» تحصل في اوكرانيا مشيرا الى عشرات الموالين للروس الذين قتلوا في الحريق الذي اندلع اثناء مواجهات مع قوميين اوكرانيين في اوديسا مطلع ايار/مايو. وتبلغ الاحتفالات ذروتها بالعرض العسكري في القرم، شبه الجزيرة الواقعة في جنوباوكرانيا التي انضمت الى روسيا في اذار/مارس بموجب نتيجة استفتاء مثير للجدل، في قرار لم تعترف به المجموعة الدولية. وضم القرم الذي حصل بعد وصول سلطات موالية لاوروبا الى الحكم في كييف، كان وراء اسوأ ازمة بين الروس والغربيين منذ انتهاء الحرب الباردة وقد واصلت التدهور مع توسع رقعة الاضطرابات الى شرق اوكرانيا الذي اصبح حاليا على شفير حرب اهلية. وبحسب بعض وسائل الاعلام الروسية فإن بوتين يمكن ان يزور القرم في مناسبة هذه الاحتفالات للمرة الاولى منذ ضم شبه الجزيرة بعد حضوره العرض العسكري في الساحة الحمراء. ورداً على اسئلة وكالة فرانس برس، اعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف انه «لا يعلم» ما اذا كان الرئيس سيزور القرم في هذه المناسبة. واكتفى بالقول «في الوقت الراهن، من المرتقب مشاركة الرئيس في العرض في موسكو». من جهتها اعتبرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الثلاثاء انه «من المؤسف استغلال مثل هذا اليوم في مثل هذه الظروف المتوترة لتنظيم استعراض» في القرم يحضره الرئيس الروسي. وما يعقد الامور بشكل اضافي، سيزور نائب رئيس الوزراء الروسي ديميتري روغوزين، احد المسؤولين الروس الذين اتخذوا المواقف الاكثر تشددا في الازمة الاوكرانية، منطقة ترانسدنستريا الانفصالية الموالية للروس في مولدافيا في مناسبة هذه الاحتفالات. وتتخوف سلطات مولدافيا من ان تحذو هذه المنطقة حذو القرم. وقتل اكثر من 25 مليون سوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية، وتحتفل روسيا بالنصر على النظام النازي كما هو التقليد السائد منذ حقبة الاتحاد السوفياتي السابق بالتشديد على رموز الوطنية. وقد وضع بوتين في السنوات الماضية مسائل التشديد على المشاعر الوطنية في صلب سياسته. وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الثلاثاء: ان «الانتصار على النازية تم لقاء ثمن مرتفع جدا من الضحايا وتحديات صعبة» مضيفا: «يجب الا ندع احدا ينسى او يتلاعب بمساهمة شعبنا في انقاذ العالم من تهديدات الاستعباد الفاشية، لغايات سياسية». وفي اوكرانيا التي تحتفل ايضا بيوم النصر على النازية، ستكون الاحتفالات بسيطة في المقابل، حيث تخشى السلطات حصول استفزازات في كييف من جانب مناصري الروس. وسينظم احتفال امام قبر الجندي المجهول «وصلاة من اجل السلام» في احدى ساحات العاصمة لكن من غير المرتقب تنظيم اي عرض عسكري كما اعلن رئيس الادارة البلدية فولوديمير بوندارنكو.ل شهود عيان اليوم الاربعاء ان القوات الاوكرانية استعادت مبنى البلدية في مدينة ماريوبول الساحلية بشرق البلاد وطردت ناشطين موالين لموسكو منه ثم انسحبت. وكانت القناة الخامسة في التلفزيون الاوكراني قالت في وقت سابق: ان الحرس الوطني سيطر على المركز الاداري في ماريوبول وهي مدينة يغلب على سكانها متحدثو الروسية، ويبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة، وهي جزء رئيسي مما أطلق عليه الانفصاليون اسم جمهورية دونيتسك الشعبية، التي ستجري استفتاء على الانفصال عن أوكرانيا في مطلع الاسبوع. وقال شهود عيان: ان الجنود رحلوا بعد ان حطموا الاثاث ومعدات المكاتب. وعلقت رائحة الغاز المسيل للدموع في الجو داخل المبنى الذي كان معظمه خاليا في الصباح، ولم يتواجد به سوى ناشطين يرتدون أقنعة واقية من الغاز كانوا يزيلون الحطام. وفي الصباح أعاد النشطاء الموالون لروسيا إقامة الحواجز خارج المبنى، حيث ترفرف اعلام الانفصاليين وأذيعت الأغاني الوطنية عبر مكبرات الصوت. وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تبادل السيطرة على المبنى لفترة قصيرة حيث شن مسلحون موالون لكييف هجوما يوم 24 ابريل/ نيسان وأجبروا الناشطين المؤيدين لموسكو على مغادرته لكن هذا الوضع انتهى بحلول الليل. وقال رجل يدعى الكسندر في مبنى البلدية في ماريوبول اليوم الاربعاء: «هم لا يريدون ان نجري الاستفتاء لكنه حقنا. وهذه هي الديمقراطية». وأضاف: «اذا استمر هذا الوضع فإننا لن نصل حتى الى نظام اتحادي» مشيرا الى اقتراح بحكم ذاتي اقليمي في اطار اوكرانيا اتحادية. وقال: «كان بإمكاننا التفاوض لكنهم يرفضون مجرد الحديث».