أثار تطبيق نظام ساهر زوبعة هائلة من ردود الفعل المتباينة ما بين رافضة وغاضبة ومؤيدة على استحياء. والان وبعد عدة اشهر من تطبيقه هدأت الزوبعة وانقشع الغبار وبدأنا نرى شيئا فشيئا من خلالها ان سيارات ساهر صامدة تلتقط بومضات فلاشاتها البقية القليلة المتبقية من الذين اختاروا ان يستمروا في تجاوز السرعة المحددة ولسان حالها يبتسم ويقول (صيدة جديدة). كنت من المطالبين دوما بإيجاد حل جذري لمأساة السرعة والحوادث والتهور التي ابتلينا بها. ارواح تزهق وارقام حوادث ترتفع بشكل مقلق كل يوم حتى ضربنا ارقاما قياسية عالمية في نسب الحوادث والوفيات وخسائر هائلة في الاموال. جاء ساهر كالمنقذ الذي حط رحاله بعد طول انتظار ليضع حدا لهذه المأساة بدأ الامر وكأنه بلا امل في حل جذري فالجيل الجديد من السائقين يحمل جينات قيادية أعنف من الذي سبقه وكأننا نسير في هاوية لا طوق نجاة فيها. ويكفي أن تقوم بزيارة واحدة الى قسم الطوارئ في أي مستشفى والانتظار بعض الوقت لترى المآسي. شباب في عمر الزهور يحمل احدهم على نقالة ويتكالب عليه الاطباء لانقاذه بلا فائدة. وفي لحظات تكون عائلة هذا الشاب حاضرة لتتلقى الخبر في منظر يدمي القلب والعين. منظر يجعل الانسان يصرخ الى متى هذا الاهدار في الارواح ؟ جاء ساهر كالمنقذ الذي حط رحاله بعد طول انتظار ليضع حدا لهذه المأساة. لم نر حتى الآن ارقاما رسمية جديدة تشير الى مستوى انخفاض الحوادث بعد تشديد تطبيق نظام ساهر في الفترة الاخيرة ولكن ما استطيع ان اجزم به هو انني لم اعد ارى المآسي اليومية في طريق عملي التي كنت أراها بشكل شبه يومي قبل التطبيق. اشعر الان بسعادة كلما مررت امام سيارة ساهر واستغرب كيف ينظر بعض الناس اليها كعدو او كارثة. ثم وبما اني لم احصل على مخالفة واحدة من ساهر فذلك دليل على انني ملتزم وان الاخرين مفرطون, ولكن هذا الشعور تغيّر, ففي احد الايام وعندما كنت اسيرا في كورنيش الخبر بسرعة ثمانين كيلو مترا في حين ان السرعة كانت سبعين, واذا بأولادي في السيارة يصرخون بابا اتصورت فقلت لماذا لم يخبرني احد فابتسم, ولكن ليس هناك وقت للابتسامات عند ساهر. تساءلت هل يعقل ان اخطئ وانا اكبر داعم لساهر, ولكني ادركت ان هذا هو مصدر قوته, فكثير منا يظن نفسه الكامل الذي لا يخطئ وفي واقع الامر اغلبنا يرتكب المخالفات. ونحتاج لهذه المكاشفة لنقر بمخالفاتنا. نحن نتشدق بفعالية نظم المرور بدول الجوار وننسى اننا طرف في المشكلة فكل منا يحتاج الى ساهر في حياته حتى يوقظه. لقد كشف لنا ساهر عيوبنا ونحن جميعا اليوم مسؤولون عن اصلاح حالنا. اشكر ساهر واشكر كل من قام بدوره في ايجاد هذا النظام ومن سانده من مؤسسات ومسؤولين وصحافيين ومن وقف في وجه الريح لتطبيقه. والان وبعد نجاح ساهر في انضباط المرور وبعد ان بدأنا نجني ثمارة تطلعت حولي وتمنيت ان يكون هناك نظام ساهر جديد يطبق في كل الادارات والبلديات والمدارس والمؤسسات لإيقاظنا من غفلتنا واصلاح مجتمعنا حتى لا نسير الى هاوية جديدة ارامكو السعودية