هذه العنود، تعانق التوباد.. تقرأ لقرى الغيل أناشيد الأنواء ورائحة الهيل.. تعتصرها الحسرة. ويقتات الصمت أحداقاً تختزن أحزان الحكاية.. تعد سنابل الشمس، سنبلة.. سنبلة، إذ ينهل الضوء من أفق طويق.. وتحصي ذرات رمل عجلى، تعبر أخاديد الدهناء، وتسابق الريح.. تحدق في الأفق.. تتفحص وجوه غرباء قدموا تواً من غيب الدهر، وزمن اللوعة.. سلام يا عابري الأفق.. أسألكم.. كم نصية عبرتم؟.. كم ربلة كانت عشاء العيس، وكم سهيلاً قطعت أقدامكم المتعبة؟.. إذ السرى يهلون من الرمة، حدوراً لرائحة السمر.. وإذ الغضا المهيب، ينسج وصل المسافات، وتتهيأ الخبراء للقاء الحبيب ويحتفي وادي المياه بمزن الشمال السخية. كيف كان المخاض..؟ كم قمراً ولدت شمس الثمام..؟ سأبادلكم أغلى رائحة بأثمن العطر. سلام لفلذة الكبد، قطعة المهجة، وأكسير الحياة.. يهيم في فيافي النفود.. آه.. يا عنود.. ما شربت قهوتك، زلال الدمع والغضا.. ولا غنيت أنشودة المتعبين إذ تتبدل الوجوه، والجغرافيا ولون الدم. أهديك رقصة عوسج ممطور لخمائل فياض هيت، وتلاع صلبوخ. ورياض الحماد، وصوت الرياح في ذرى أجا وسلمى. وغيوم السروات والسودة.. أهديك عطر دارين الرطب، إذ تغتسل الأرض الخالدة بامتداد الماء. أهديك دعاء المتقين إذ يصدح نداء الفجر من مآذن البيت العتيق، إذ الوحي رسالة السلام.. أهديك قمراً نجدياً، وحداء قوافل، وأناشيد بحارة يهتفون لمرافىء الليل والسكون، إذ حساؤك الدمع السخي.. وخاطرك الحزن.. آه.. يا عنود.. كم الذاكرة حبلى بالضوء.. وإشراقة الشمس.. وإذ الصباح ينطفيء.. ويتلبسك الخوف.. يمتد ألم المحزون إلى الشرايين، ويسري في كريات الدم الحارق.. ثم يتأبطنا الظلام.. لا تثريب.. إذا ما كانت الأقدار وحبائل الخبث قد سرقت ابنك من الضوء والحياة لتجعله حجراً لرجم الصالحات.. فإن ألمك سينجب النور من رحم العتمة.. وستعطين الوطن هديته الأغلى: مولود يبتسم، ويعمر حياتنا بالفرح وأمل لغد منير.. لا تثريب.. ستتحول دموعك إلى أقمار تضيء طريق الغد.. وستلد أحزانك حباً.. وسلاماً.. لك الحب.. والسلام..!! *ملاحظة: العنود أم افتراضية لمتطرف، تحول إلى أداة للموت في شوارع مدن السلام..